اشارت مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ”المركزية” الى إن الحكومة في لبنان ماضية في إدارة ظهرها لملف سلاح حزب الله “الخلافي”، وعرابو العهد الجديد لا ينفكون يوضحون أن هذه القضية لا ناقة للدولة اللبنانية فيها ولا جمل، والحل والربط في مسألة سلاح “الحزب” رهن التطورات الاقليمية لا المواقف المحلية. غير ان استمرار الدولة في سياسة “النعامة” وغمس رأسها في الرمال متجاهلة المواقف الدولية المصوّبة على “الحزب” وسلاحه، قد لا يكون ممكنا في قابل الايام، تضيف المصادر، ذلك ان عواصم القرار الغربي وتحديدا في الولايات المتحدة وأوروبا ومعهما الامم المتحدة، يبدو عقدت العزم على انتهاج طريق جديد في مقاربة واقع “حزب الله”، أكثر تشددا وحزما، واضعة نصب أعينها “تفكيكه”.
وفي هذه الخانة، يمكن إدراج السقف العالي الذي اتسم به تقرير غوتيريس حيث ذهب الى حد القول ان “حزب الله مصدر اخطار على استقرار لبنان والمنطقة على السواء”، متحدثا عن “انخراطه في الحرب السورية وفي خلية العبدلي في الكويت” وفي “أماكن أخرى في المنطقة”، معتبرا ان “الحزب لا يزال الميليشيا الأكثر تسلحاً خارج سيطرة الحكومة في لبنان ويشكّل شذوذاً أساسياً في دولة ديموقراطية”.
وتتقاطع هذه النبرة المتقدّمة لرأس المنظمة الاممية، مع إصرار أميركي متصاعد على تطويق “الحزب”. ففي ظلّ الاستراتيجية الجديدة التي أعلنها الرئيس الاميركي دونالد ترامب للتعاطي مع ايران منذ أسبوع، والتي شملت فرض عقوبات على الحرس الثوري الايراني للمرة الاولى، يستعدّ الكونغرس لفرض رزمة عقوبات ثانية على “حزب الله” لتجفيف منابع تمويله ومحاولة خنقه ماليا، دائما بحسب المصادر.
وفي سياق الجهود الاميركية لتأمين حشد دولي داعم لتوجهاتها هذه، والتي من المرجّح ان تتكثف أكثر في الاسابيع والاشهر المقبلة، اغتنمت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي جلسة مجلس الامن أمس، لمهاجمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، مشيرة الى أنَّه “يتبجح بأنَّ العقوبات لا تؤذي حزب الله، ويعترف بأنَّ صواريخه تأتيه من طهران”، داعية إلى “محاسبة إيران شمولياً على تحركاتها المزعزعة للإستقرار في المنطقة”، ومعتبرةً أنَّ “إيران لا تزال تتلاعب بمجلس الأمن وتنتهك قراراته، لاسيما وأنها مستمرةٌ بتوريد الأسلحة إلى الحوثيين وحزب الله”. وأشارت إلى أنَّ “النظام الإيراني يهدد الملاحة في الخليج العربي ويحتجز أميركيين لديه، كما أنه ما زال يجري تجارب باليستية خلافاً للقرارات الدولية”.
وفي وقت لا تستبعد ان يتبنى الاتحاد الاوروبي والدول الخليجية القراراتِ الاميركية المرتقبة ضد “الحزب”، تشير المصادر الى ان غوتيريس بدا، في دعوته الى “لبننة” الحل عبر قيام طاولة حوار داخلي تنتهي الى رسم استراتيجية دفاعية واضحة للبنان، يحثّ القوى المحلية على اتخاذ المبادرة والمسارعة الى خطوات من شأنها تخفيف وطأة “الرياح” التي ستهب قريبا على “الحزب”، ليصبح السؤال “هل يلتقط لبنان الرسمي الرسالة ويتحرّك قبل فوات الأوان”؟