أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أنّه “لا يصح إلا الصحيح” وفي كل تاريخنا لم يصح إلا الصحيح. الصحيح لا يصح حسب ساعتنا إنما بحسب ساعة ربنا وهي غير “موقتة” على ساعتنا، ونحن يجب علينا أن “نوقت” ساعتنا على ساعة ربنا”، وقال: “عندما كنت تحت الأرض، كان السجانون منهمكين بتعذيب آخرين، يعتقلون من هنا ويحررون من احتجزوهم خطأ من هناك، وفي الحقيقة كنت أجلس وكأنني وحيداً وكأنني لا أشعر بكل ما يجري من حولي. قال الكثيرون: “ثلاثون ألف عسكري سوري كيف سيخرجون من لبنان مع وجود أكثرية الطبقة السياسية متآمرة مع هؤلاء وتسهل أمورهم وكأنه آخر الزمن، لكن التجربة بيّنت أن آخر الزمن هو في قلب كل واحد منا. ذهبوا هم وبقينا نحن، ونحن اليوم معكم وجهاً لوجه”.
جعجع، وخلال إقامة “القوات اللبنانية” في استراليا مهرجانها الأول في سيدني، اوضح انّ “كل هذا كان سببه عهد الوصاية، “نظام حافظ الأسد” الذي نفى ميشال عون، حلّ حزب القوات اللبنانية، إعتقل سمير جعجع ورفاقه، إضطهد الآخرين ولاحق زوجتي. في أولى سنوات الاعتقال، كانت ستريدا عندما تخرج تلحق بها سيارة من نظام الوصاية. طبعاً ليس لخوفهم على أمنها هم كانوا يلاحقونها ليروا أين تذهب، وإن كان لدينا بعد أي متنفّس لإغلاقه. وعلى الرغم من ذلك ذهبوا هم وأصبحوا تحت سابع أرض ونحن ما زلنا نتنفّس. نظام الأسد قصف الأشرفية، زحلة، قنات، طرابلس، صيدا، قتل بشير الجميل وكمال جنبلاط ورفيق الحريري وللأسف ينسى بعض اللبنانيين كل ذلك، وكل همهم في الوقت الحاضر إيجاد طريقة لنسج علاقات مع نظام الأسد تحت مئة ذريعة وذريعة ويقولون: “ألا تريدون أن يعود النازحون لذلك نريد أن نناقش ذلك مع نظام الأسد” تماماً كمن يقول إن أردت الذهاب إلى أميركا فاستقل طائرة “بانكوك”. جل ما في الأمر، إيجاد الحجج لإعادة نسج علاقات مع نظام الأسد. لا عودة لنظام الأسد إلى لبنان، العودة الوحيدة الممكنة هي عودة النازحين السوريين إلى سوريا والطريقة الوحيدة لذلك هي في الابتعاد عن تسييس هذا الموضوع، خصوصاً بالابتعاد عن الاسد والتعاون مع الدول التي ستكون هي الممر لعودة النازحين السوريين إلى ديارهم”.
وتابع جعجع: “نحن نعتبر أنفسنا اليوم أننا نقاوم ومقاوتنا مستمرة. أقول لكل فرد من رفاقنا وأصدقائنا لم نحتكر يوماً من الأيام المقاومة على الشعب اللبناني، لكن لا تندموا على أي لحظة من اللحظات التي مرّت علينا. يمكنكم اعتبار أن هناك اشياء فاتتكم في الحياة، يمكنكم اعتبار انكم اضطهدتم وتعذبتم، كان باستطاعتنا أن نعيش على أفضل ما يكون، أنا أعتبر أن اهم مرحلة من حياتي كانت في مرحلة الاعتقال. ليس المهم أين تكون إنما أينما تنتهي بك الامور في نهاية المطاف. إميل لحود جلس تسع سنوات في قصر بعبدا، لكن ماذا جرى بعد ذلك؟ نحن فخورون أننا في المقاومة وندعو الشعب اللبناني إلى أن يتمتع بروح المقاومة هذه، لأنها الطريق الوحيد إلى خلاصنا. بجميع الأحوال، ليس لدينا الفضل في أن نكون في المقاومة لأننا برعماً صغيراً على شجرة كبيرة كلها مقاومة منذ آلاف السنين حتى اليوم”.
واستطرد قائلاً: “إذا فكّرنا في جدودنا وفي الإمبراطوريات والديكتاتوريات التي مرت عليهم والتي واجهوها، نجد أن ما نقوم به اليوم صغير كثيراً أمام ما قاموا هم به، وسنكمل بما نقوم به كي نصل في لبنان إلى ما نصبو إليه”.
وعن الوضع الحالي في لبنان، قال جعجع: “انتشرت في لبنان اخيراً فلسفة جديدة اسمها فلسفة التذمّر التي لها إيجابياتها وسلبياتها، والكثير من الأمور التي يتذمر لأجلها الناس صحيحة. انا أريد أن أتحدّث عن النصف الممتلئ من الكوب، ليس تجاهلاً للقسم الفارغ منه بل سعياً لملئه. فبالرغم من كل ما يقولونه لكم، من كل ما تسمعوه ومن كل آرائكم، لبنان بلد عظيم. خلال السنوات السبع الماضية، لم تبق دولة في الشرق الأوسط إلا وسقطت، والبعض من هذه الدول كانت أنظمتها عاتية جدّا، كسوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها، لبنان بقي سنتان ونصف السنة من دون رئيس للجمهورية ومن دون حكومة وتقريباً دون مجلس نواب، ماذا جرى؟ هل سأل أحدكم يومًا كيف تمكن لبنان من الاستمرار من دون المقومات الدستورية وكيف استطاع الصمود؟ نسبة الجرائم في لبنان اقل منها في أستراليا وتستطيع أن تجول في سيارتك مساءً في كل البلد من دون أن تتعرّض لأي مكروه”.
وأوضح جعجع انّه “على الرغم من أن لبنان لا يملك دولة فعلية، تلاحظون أن اللبنانيين أهم طاقة بشرية في الشرق الأوسط. الإمارات أكثر الدول نمواً في المنطقة ولا شك أن للإماراتيين فضل كبير في ذلك، لكن أنظروا أيضاً الى العقول اللبنانية هناك أو في غيرها من دول الخليج ودول العالم وبالتحديد هنا في أستراليا. كل ذلك معناه أن لبنان بلد حقيقي وليس خطأ في “سايكس – بيكو” وجذوره عميقة لكنه غير قادر حتى الساعة على أن يُزهِر، لماذا؟ لأننا لا نهتم به جيداً. من السهل الاهتمام بلبنان، تعودنا كلبنانيين على الكلام ولا نفعل أي شيء انطلاقاً من كلامنا، ونعود بعد أربع سنوات لانتخاب الأشخاص انفسهم. لا نحتاج إلى ثورة أو إلى إنقلاب لتغيير الأمور، كل ما يلزمنا أن نقتنع بأننا نريد تغيير الأمور والذهاب إلى وضعية أفضل. نعم هناك بدائل. انتم تلاحظون كيف تمكن ثلاثة وزراء من التغيير في الحكومة، فكيف لو كانوا 13 وزيراً؟، طبعا لكانوا فعلوا كل شيء. ومن يستطيع أن يوصل هؤلاء؟ طبعاً أصواتكم. هناك قناعة راسخة لدى البعض أن الدول الأجنبية تتدخل في كل شيء وهذه قناعة خاطئة. وأنا أكلمكم عن خبرة مباشرة عمرها ثلاثون عاماً من التعاطي مع الدول والقوى والأحزاب. عندما لا نكون نحن قادرين على فعل أي شيء، فالدول التي لديها مصالح في لبنان والمنطقة هي التي ستبادر وتتحرك. وإذا أردنا نحن أن نأخذ زمام الأمور لا يمكن لأحد عندها التدخل. ألم تحصل مشاكل في الشرق الأوسط؟ فلم لم تطل لبنان؟ لأن الفرقاء اللبنانيين أجمعوا على أن يبقى الوضع مستقراً في البلد. التغيير في يدكم والتذمر لا يفيد. ما يفيد هو العمل والتصويت، إما في لبنان وإما من خلال التسجيل للتصويت في أستراليا”.
وتابع جعجع: “قبل أن نرى اداء السياسيين، علينا أن نقيم أداءنا كمواطنين، خصوصاً أنتم واللبنانيين في الانتشار. اللبنانيون في الداخل قد يحتاجون إلى الزعيم، لكنكم أنتم لا تحتاجون إلى أحد. أنتم قادرون على التصويت تبعاً لقناعاتكم ليحيا لبنان. فلبنان وطن جدي وجذوره عميقة في التاريخ، ما ينقصه الاهتمام. والديمقراطية في لبنان هي ديمقراطية فعلية، وانطلاقاً من ديمقراطية لبنان ستنتشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، فلا تتركوها تذبل في لبنان كي لا تذبل في المنطقة. ستريدا وأنا نشعر بأننا بين أهلنا وأشعر كأننا في حفل في لبنان نستضيف فيه بعض الأجانب. لبنان آخر موجود هنا اليوم يحتاج فقط أن يصوّت. سنذهب من هنا وكلنا معنويات”.
وختم جعجع: “ان 14 آذار لم تمت وهي حية ترزق، وعندما نشاهد إعلام 8 آذار يتأكد لنا ذلك، والفريق الآخر ينتظر من أين ستأتيه الضربة مع أننا لسنا بصدد توجيه اي ضربة لأي أحد. 14 أذار حية لسبب بسيط هو لبنان، وعندما تموت 14 آذار يموت لبنان ولبنان باقٍ إلى أبد الآبدين. 14 آذار مستمرّة بكل مرحلة من المراحل. الهيكل التنظيمي الذي تعتمده أمر تفصيلي ولكن الأكيد أن المشروع باق والروح باقية والهدف باق وسنبقى على هذا المشروع حتى تحقيقه بالكامل”.