Site icon IMLebanon

الـ1559 يُباغِتْ لبنان “غير المُكْترِث”!

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: لم تُبْدِ بيروت اكتراثاً للتقرير الذي أصدره الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول تطبيق القرار 1559، وأكملتْ «الدوران حول نفسها» عبر مناقشاتٍ «استعراضية» لعناوين محلية في البرلمان الذي يقرّ اليوم، وللمرة الأولى منذ 2005، الموازنة العامة (لسنة 2017) التي تَعطّل إمرارها في الأعوام الـ 12 الماضية بفعل تجاذباتٍ سياسية نجحتْ التسوية الرئاسية التي أُبرمت قبل نحو عام في احتواء جوانب منها.

ورغم أن التقرير نصف السنوي عن الـ 1559 ليس الأوّل حول القرار الذي كان صدر في سبتمبر 2004 ونَصّ على انسحاب القوات العسكرية السورية من لبنان وطالب بحلّ كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وبسْط سلطة الدولة اللبنانية على أراضيها، فإنه كان هذه المرّة مثار اهتمامٍ مضاعفٍ، في المضمون والتوقيت، استوقف دوائر ديبلوماسية عدة وإن بدا لبنان غافلاً عن الأهمية المتعدّدة البُعد لهذا التقرير وما انطوى عليه.

وفيما دعا غوتيريس «للتحرك قدماً نحو التطبيق الكامل للـ 1559 وما يشكله من التزام دولي على الحكومة اللبنانية لنزْع سلاح(حزب الله)وبقية المجموعات المسلحة»، وصولاً الى إعلانه أن (حزب الله) لا يزال الميليشيا الأكثر تسلحاً خارج سيطرة الحكومة في لبنان ويشكّل شذوذاً أساسياً في دولة ديموقراطية«، فإن اعتباره الحزب مصدر أخطار على»استقرار لبنان والمنطقة على السواء«في ضوء التقارير عن»تَورُّطه في أماكن أخرى في المنطقة«، شكّل تطوراً بدا من الصعب عزْله عن مناخات التصعيد الأميركي – الإيراني تحت عنوانيْن متوازييْن هما الاتفاق النووي والحدّ من نفوذ طهران في المنطقة.

وفي رأي مصادر مطّلعة في بيروت ان تقرير غوتيريس الذي سيناقشه مجلس الأمن الدولي يعطي ما يكفي من الإشارات الى أن الضغط التصاعُدي في ما خص احتواء نفوذ إيران، وهو العنوان الذي أطلقتْ دولٌ أوروبية مواقف تلاقي الرئيس دونالد ترامب فيه، يجد»منصّة«قانونية دولية له يشكّلها الـ 1559، رغم الاقتناع بأن أيّ ضغطٍ من هذه الزاوية سيصيب الحكومة اللبنانية بالدرجة الأولى، وهي التي تسعى الى استيعاب مفاعيل رزمة العقوبات المالية الأميركية الجديدة المتوقَّعة على»حزب الله«وتَجنُّب انفجار»الصواعق«الإقليمية في الداخل اللبناني.

وإذ يتعيّن، حسب هذه المصادر، انتظار ما إذا كان تقرير الـ 1559، الذي ركّز أيضاً على انخراط»حزب الله«العسكري في سورية، سيحمل أي»مرفقات«ديبلوماسية في الأيام المقبلة، توقّفت عند استعانة غوتيريس بـ»خلية العبدلي«للإشارة الى»تورط (حزب الله) في أماكن أخرى في المنطقة ما يزيد الأخطار على استقرار لبنان والمنطقة على السواء«، وتذكيره بـاحتجاج الكويت في شكل رسمي أمام الحكومة اللبنانية في شأن الادعاء بتورط (حزب الله) في تدريب أفراد كويتيين على تهديد أمن الكويت، وهو ما يعرف باسم خلية العبدلي»، لافتاً الى«إدانة رئيس الحكومة سعد الحريري هذه الخلية».

ورغم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة ضمناً إلى«لبْننة»حلّ مسألة سلاح«حزب الله»عبر مطالبته بـ«استئناف الحوار الوطني حول الإستراتيجية الدفاعية بقيادة رئيس الجمهورية ميشال عون لأن ذلك عنصر أساسي لمعالجة وجود أسلحة خارج سيطرة الدولة»، فإن الوقائع حسمتْ منذ زمن بأن الحجم المتعاظم للحزب وأدواره وارتباطه العضوي بإيران يجعله خارج أي قدرة لبنانية على التأثير بمستقبل سلاحه.

وكان لافتاً أمس ما أعلنه عون، خلال استقباله المدير العام لمؤسسة الاذاعة والتلفزيون في الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدكتور عبد العلي علي عسكري، إذ أكد حرص لبنان على تعزيز العلاقات مع طهران وتطويرها في المجالات كافة، منوّهاً بـ«الدعم الذي تقدّمه إيران للبنان في المحافل الاقليمية والدولية»، ومتمنياً«أن تسفر المساعي التي تبذلها للوصول الى حل سياسي للازمة السورية، عن نتائج إيجابية لأن ذلك يساعد في انهاء معاناة النازحين السوريين الى لبنان ويسهل عودتهم الى وطنهم ويخفف من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والامنية التي خلّفتها موجة نزوحهم الى لبنان».

من جهته، نقل المسؤول الإيراني تحيات مرشد الثورة الايرانية السيد علي خامنئي ورئيس الجمهورية حسن روحاني وتمنياتهما للبنان بالمزيد من التقدم والازدهار والرخاء، مجدداً الدعوة التي كان وجهها روحاني للرئيس اللبناني لزيارة طهران، وقد وعد عون بتلبيتها على أن يحدد موعدها عبر القنوات الديبلوماسية.

كما نوّه عسكري بـ«مواقف الرئيس عون والسياسة الحكيمة التي ينتهجها والتقدم الذي حققه لبنان خلال السنة التي مرت على ولايته الرئاسية».

في موازاة ذلك، يتّجه البرلمان اليوم إلى إقرار الموازنة العامة بعدما كرّست مداخلات النواب في اليومين الماضييْن قرار صون التسوية السياسية ومنْع أي تصدُّعات«قاتِلة»لها، وسط بروز مواقف سعت الى احتواءٍ سريع لمضاعفات«القنبلة»التي فجّرها نائب«القوات اللبنانية»جورج عدوان والتي أطلق فيها انتقاداً غير مسبوق لمصرف لبنان بحديثه عن أن«الواردات من المصرف 61 مليون ليرة (40 مليون دولار) سنوياً ونحن لدينا 27 ألف مليار بسندات خزينة، والمصرف مجبر بدفع مليار دولار للخزينة من أرباحه على السندات»، وهو الكلام الذي أثار علامات استفهام حول خلفيّاته وقوبل بتوضيحات رسمية وانتقادات، لا سيما أنه أتى في توقيتٍ بالغ الحساسية للقطاع المصرفي الذي يعمل على تَدارُك مخاطر العقوبات الأميركية على«حزب الله»وتحييد نفسه عن تأثيراتها، وهو الذي يبقى آخر«صمامات الأمان» المالية والاقتصادية في لبنان.