كتبت ربى منذر في صحيفة “الجمهورية”:
بجدول أعمال مكتظ، غادر أمس الأوّل قائد الجيش العماد جوزف عون إلى واشنطن للبحث في سُبل تعزيز علاقات التعاون بين جيشَي البلدين مع عدد من المسؤولين العسكريين والمدنيين الأميركيين. إلّا أنّ اللافت في زيارته هذه المرة، وإنْ كانت قريبة شكلاً من الزيارة الأولى من حيث اللقاءات التي ستشهدها، أنها مختلفة في المضمون، إذ يذهب عون من موقع قوّة الى واشنطن متحصناً بالانتصار الذي تَحقّقَ في معركة «فجر الجرود»، وبعدما أثبتَ الجيش جدارتَه فيها.يرافق عون خلال الزيارة وفدٌ من الضبّاط اللبنانيين المختصين في القضايا التي سيتمّ بحثُها، بناءً على دعوةٍ رسمية من رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي الجنرال جوزف دانفورد، حيث سيلتقي عدداً من كبار المسؤولين المكلّفين الإشرافَ على ملفات الشرق الأوسط، وقائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال جوزف فوتيل المكلّف بالملف اللبناني والذي زار لبنان أكثر من مرّة، والمعروف بحماسته لتسليح الجيش اللبناني ودعمِه وزيادة التعاون معه.
تجدر الإشارة الى أنّ أمس الأوّل لم يكن التاريخَ الأساسي لهذه الزيارة، بل إنّ الموعد المحدّد كان في آب الماضي، إلّا أنّ ظروف معركة «فجر الجرود» فرَضت نفسَها واضطرّ عون آنذاك الى متابعة المجريات على الأرض، ما أدّى الى تأجيل الزيارة حتى هذا التاريخ، علماً أنّ الهدف منها هو استكمال المباحثات التي بدأت خلال الزيارة الاولى الى واشنطن، والتي استتبعت بزيارات الوفود الأميركية للبنان.
جدول أعمال كثيف
وستكون لعون لقاءات في البنتاغون مع قيادات عسكرية كبرى وأخرى مكلّفة بالملفات الأمنية في الشرق الأوسط، حيث سيَشرح لهم تفاصيلَ معركة «فجر الجرود» والخطط العسكرية التي اعتمِدت، وكيفية التعاون بين مختلف وحدات وقوى الجيش من جوّية وبرّية، إضافةً الى كيفية استفادة الجيش من السلاح الأميركي في انتصاره.
وسيَشكر عون القيادةَ الأميركية على المساعدات التي قدّمتها، والتي كان لها دورٌ فاعل في الانتصار وفي رفعِ جهوزية الجيش بنسبة كبيرة، وستكون هناك دعوة لتفعيل هذه المساعدات ورفعِ نسبتِها في السنة المقبلة، خصوصاً بعدما أثبتَ الجيش أنّه يستحقّ هذا الدعم.
الموقف الأميركي
في المقابل، مِن المنتظر أن يطرَح الأميركيون بعضَ النقاط لجهة ملفّ الحدود وضبطِها، وهو ملفّ يهتمون به، ونوعية المساعدات التي يحتاج لها لبنان على هذا الصعيد، خصوصاً أنّ وفودهم التي تزور لبنان تقوم بزيارات استطلاعية للحدود من أجل الوقوف على الحاجات وترفعُ تقارير لقياداتها في واشنطن، كما أنّ هناك اهتماماً أميركياً سيَظهر خلال هذه الزيارة في تفعيل التعاون مع لبنان من خلال زيادة المساعدات العسكرية له، خلافاً لكلّ ما يُحكى عن تقليلها، وسيكون ضِمنها استكمالُ مساعدة طائرات «السوبر توكانو» ومدرّعات «برادلي» التي وصَل عددٌ منها إلى لبنان مع بدايات معركة «فجر الجرود».
أسلحة جديدة
إلى ذلك، سيتمّ التفاوض بشأن لوائح تتضمّن أنواع أسلحةٍ جديدة قد يحتاج لها الجيش في معركته المقبلة، ذلك بعدما أصبح هناك وقائعُ جديدة فرَضها تحرير الجرود، منها التركيز على العمل الأمني، الذي أثار إعجابَ أجهزة الاستخبارات الأجنبية بمن فيها الأميركية بما تنجهّزه نظيرتُها اللبنانية، وفي مقدّمِها مديرية المخابرات في حربها الاستباقية ضد الإرهابيين، حيث استطاعت تحقيقَ ضربات نوعية ساهمت في استهداف البنيةِ الأساسية للمنظمات الإرهابية في لبنان.
لفتة تكريمية
وستكون لعون إطلالةٌ خلال الحفلِ الذي سيُقام في السفارة اللبنانية والذي يُعتبر أمراً تقليدياً، سيَحضره عدد من المسؤولين الأميركيين وعددٌ من أفراد الجالية اللبنانية، والأبرز في هذه الزيارة هو اللفتة التكريمية التي ستخصُّه بها جامعة الدفاع الوطني – كلّية شؤون الأمن الدولي، التي تعَدُّ أهمَّ الجامعات العسكرية في العالم، وهي الكلّية التي أجرى فيها عون خلال العام 2009 دورةً لمدة سنة كاملة على مكافحة الإرهاب الدولي، وتخرّجَ منها حائزاً إجازةَ ماجيستير في الدراسات الإستراتيجية – شؤون الإرهاب.
سيُدعى إلى الاحتفال التكريمي عددٌ من كبار المسؤولين والشخصيات وعددٌ مِن رفاق عون فيها، وسيكون له كلمةٌ تتحدّث عن تجربته في محاربة الإرهاب وكيفيةِ استفادته ممّا تعلّمه في هذه الجامعة بالمعارك، والأبرز في هذه المحطة هو أنّ الجامعة ستضع صورةً لعون تُذكَر إلى جانبها دورة (مكافحة الإرهاب الدولي) التي التحقَ بها، وذلك في المكان الذي تُرفعُ فيه صورُ أهمّ الشخصيات التي درسَت فيها.