كتبت صحيفة “ألأنباء” الكويتية:
“حي السلم” منطقة سكنية مكتظة فقيرة ومحرومة، يقطنها نحو ٢٠٠ ألف نسمة أكثريتهم من الشيعة الآتين من أرياف البقاع والجنوب، مع وجود مواطنين سنة وافدين من أقاصي الجنوب الحدودي (شبعا وكفرشوبا)، إضافة الى مجموعة من النازحين السوريين.
وقد شهد هذا الحي أحداث شغب بعد إقدام القوى الأمنية اللبنانية بتغطية من اتحاد بلديات الضاحية وحزب الله على هدم المخالفات وإزالة أكواخ وكافتيريات ومحلات صغيرة، ما أدى الى استفزاز الأهالي لأنهم لم يتبلغوا إنذارات مسبقة ولم يمنحوا مهلة ووقتا لأخذ البضائع والمحتويات قبل أن تتلف في مكانها، فاندفعوا غاضبين الى الشارع وأحرقوا دواليب وسط إطلاق نار، ولم يتردد كثيرون منهم في استهداف المسؤولين بالاتهامات والشتائم، ولم يوفروا حزب الله، متهمين إياه بالتقصير معهم وإهمال أوضاعهم وتغطية الحملة الأمنية ضد الفقراء، في وقت تتغاضى الدولة عن فضائح وسرقات الكبار وعن مخالفات داخل الضاحية وعلى تخومها وخارجها في كل لبنان.
وقام محتجون ومتعاطفون بنشر تعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي تتضمن الكثير من الشتائم والسباب التي طالت الحزب وأمينه العام، كما انبرى شاب إلى توجيه شتائم وعبارات حادة على الهواء مباشرة طالت نصرالله شخصيا، متهما إياه بإرسال شباب الحزب للموت في سورية، بينما ينسى الفقراء في لبنان، معتبرا أن كل «هم نصرالله الوحيد هو المشروع الفارسي وليس لقمة عيش الفقير»، وقد قامت مخابرات الجيش باعتقاله أمس.
وورد كلام على لسان نساء تحدثن عن مظاهر فساد وثراء وتعرض لكرامات الفقراء على يد ماكينة حزبية، وعدد من الاتهامات لم يسبق لأحد من البيئة الشيعية المؤيدة للحزب أن تفوه بها قبل اليوم، والتي باتت تجاهر بالاعتراف بأنها تعبت من الضغط المتواصل عليها حروبا لا نهاية لها، يقابلها فقر لا قعر له، في مقابل نشوء طبقة حزبية تجاوزت في سلوكياتها حدودا كثيرة.
قضية حي السلم أخذت حجما بسبب هذا البعد السياسي الاجتماعي الذي يظهر لأول مرة في التعرض لحزب الله وأمينه العام وانتقاده وفي معقله الأساسي ومن بيئته الحاضنة.
ويقول الباحث السياسي ورئيس «مركز أمم للأبحاث» لقمان سليم (هو من الضاحية الجنوبية وسياسي شيعي معارض لحزب الله)، إن «هناك أكثر من طبقة اجتماعية باتت موجودة ضمن بيئة الحزب، والمهم أن الحزب الذي يمثل في الاستراتيجيا وجدان هؤلاء الناس، بات صاحب منظومة مصالح لا تراعي مصالح الناس ومصدر أرزاقهم».
وسأل: “هل من الصدفة أن يقع حادثان في الضاحية، الأول على طريق المطار والثاني في حي السلم، خلال يومين؟». وأضاف: “الضاحية الجنوبية ليست بخير، والواقع الاجتماعي للمنطقة ليس بخير، وهي مقبلة على مزيد من الانفجارات المكبوتة والعلنية”.
أوساط مطلعة تفيد بأن قيادة حزب الله اهتمت بهذه الحادثة وقررت معالجة الوضع واحتوائه على قاعدة التعويض على المتضررين وعدم إعادة الوضع الى ما كان عليه.