كانت جلسةً «بيومترية» بامتياز تلك التي عَقدها مجلس الوزراء في السراي الحكومي وشهدت نقاشاً طويلاً على مستويين: البيومترية المطلقة أو البيومترية عبر الخطة B التي طرَحها وزير الداخلية نهاد المشنوق، وهي البطاقات المحدودة التي لا تتعدّى المليون، وسُبل تمويلها.
وذكرت صحيفة «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري، وبعد الانتهاء من جدول الأعمال، طلبَ مناقشة النقطة العالقة في التسجيل المسبَق للناخبين والبطاقة البيومترية، دافعاً في اتّجاه بتّها.
فحسَم المشنوق استحالة إصدارِ الوزارة البطاقات البيومترية لجميعِ اللبنانيين، قائلاً: «هذا الأمر كان ممكناً قبل 30 أيلول، أمّا الآن فما أستطيع فِعله هو إصدار بين 500 إلى مليون بطاقة فقط تُعطى للناخبين الذين يسجّلون اسماءَهم مسبقاً، لأنّهم سيقترعون خارج أماكن القيد».
لكنّ الوزير جبران باسيل أصَرّ على رفضِه التسجيلَ المسبَق. فيما وزراء حركة «أمل» و»حزب الله» ومعهم الوزير طلال أرسلان أصرّوا على التسجيل المسبق ضمن خطة المشنوق المتكاملة.
أمّا وزراء «القوات اللبنانية» و«المستقبل» و«المردة» والآخرون، فلم يكن لديهم مشكلة في هذا التسجيل المسبق، علماً أنّ «التيار الوطني الحر» وافقَ على البطاقات البيومترية المحدّدة للـ«ميغا سنتر» لكن من دون تسجيل مسبَق. ولم ينتهِ النقاش الى اتّفاق على هذه النقطة وظلّت الامور عالقة نتيجة تمسّكِ باسيل بموقفه.
عندها طرِح موضوع البطاقة البيومترية في حدّ ذاتها لجهةِ تلزيم إنجازِها بموجب مناقصة أو بعقدٍ بالتراضي. فقال المشنوق: «لديكم 3 أيام لتقرّروا، وهناك استحالة في إجراء مناقصة». لكنّ معظم الوزراء أصرّوا على المناقصة.
وعزا المشنوق سببَ تمسّكِه بإجراء عقدٍ بالتراضي مع شركة «ساجيم» التي سبقَ وأصدرَت بطاقات الهوية العادية قبل ذلك إلى أنّ الشركة تمتلك كلّ «الداتا المتعلقة بها، وبالتالي سيكون أسهلَ عليها أن تصدرَ الـ«بيومترية» في وقتٍ أسرع».
لكنّ بعضَ الوزراء لم يقتنعوا، واعتبروا أنّ هذه «الداتا» هي ملكٌ للدولة اللبنانية وليست لشركة. فلم يحصل اتّفاق على هذه النقطة. والأمر الثالث الذي ظلّ عالقاً هو التمويل، إذ اقترَح الحريري إعطاء سِلفة بقيمة 72 مليون دولار والسَماح لوزارة الداخلية بالتصرّف فيها للبدء بتحضير الانتخابات، خصوصاً أنّ هناك شِبه إجماع على إنشاء الـ«ميغا سنتر» والتي تحتاج إلى تجهيزات عالية.
فحصَل جدلٌ تقنيّ ومالي كبير حول تأمين السِلفة وما إذا كان مجلس الوزراء يستطيع تغطيتَها من احتياطي الموازنة. فاقترَح بعض الوزراء أن تمرّ عبر الهيئة العليا للإغاثة. في حين رأى آخرون أنّها تحتاج الى فتحِ اعتماد بقانون يُصدره مجلس النواب.
وقال الوزير علي حسن خليل: «في المبدأ يجب أن نستردَّ قانون تمويل الانتخابات من مجلس النواب ونقتطعَ منه قيمة السِلفة إذا تَوافقتم عليها». وفي غياب الاتّفاق، قال الحريري: «هذا الأمر يجب أن يُحسَم في اجتماع يُعقد مساء غدٍ (اليوم)، وعليه سأدعو الى جلسة لمجلس الوزراء يوم الاثنين لاتّخاذ القرار بشكل نهائي».
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «إنّ النقاش الذي حصَل هو عبارة عن «خبصة، فلا أحد يَعرف من أين ستأتي هذه الأموال؟ وإلى أين ستذهب؟ عدا عن استمرار الخلاف على نقاط أساسية في «خطة A» و«خطة B». وتساءلت: «هل يكون المخرج في «الخطة C» وبالتالي الذهاب الى انتخابات عادية جداً واكتشاف أنّ كلّ هذا الوقت قد تمّ تضييعُه سدىً»؟