Site icon IMLebanon

حاصباني من دير القمر: المصالحة خط احمر

 

اطلق نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني، ووزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي، خلال احتفال نظم بمناسبة وضع خطة مشتركة بين الوزارتين، لتحسين وتعزيز الخدمات الصحية والاجتماعية في المراكز في قضائي عاليه والشوف، بعنوان “شركاء في خدمة المواطن”، وذلك في قاعة العمود في دير القمر، في حضور ممثل وزير التربية والتعليم مروان حمادة كريم حمادة، النواب: جورج عدوان، أكرم شهيب، نعمة طعمة وايلي عون، رؤساء اتحادات بلديات في الشوف الأعلى واقليم الخروب وعاليه ورؤساء بلديات ومخاتير.

واستهل الحفل بالنشيد الوطني، ثم كلمة ترحيب من جمانة رزق، ثم شرح مدير مكتب وزير الشؤون الاجتماعية زاهي الهيبي الخطة المشتركة.

واستهل حاصباني حاصباني كلمته بالقول: “اننا نلتقي اليوم في العمق التاريخي للبنان، في ملعب الحرية والتعددية والملجأ عبر القرون الغابرة لكل مضطهد، في قلب الجبل الحاضن لذاك الوجدان، في حضرة إرادة العيش معا بشجاعة وقناعة بعدما إختبرنا الكبوات”، مشيرا إلى “الارادة التي تجسدت بمصالحة الجبل التاريخية في آب 2001 حين كسر بطريرك الاستقلال الثاني مار نصرالله بطرس صفير ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الحواجز التي فرضتها سلطة الوصاية وتراكمات الحرب الاليمة”.

واعتبر أن “هذه المصالحة خط احمر لدينا، ونعمل بشكل متواصل كقوات لبنانية على ترسيخها بالشراكة مع التقدمي الاشتراكي وكافة أبناء الجبل”، وأن “هذا الحشد من رؤساء البلديات والفاعليات من قضائي عاليه والشوف الحاضر امامنا اليوم خير دليل على صحة هذه المصالحة”.

ودعا إلى “وضع خلافاتنا واختلافاتنا، مصالحنا السياسية او طموحاتنا الشخصية تحت سقف المصالحة”، مشددا على أنه “لا يجوز ان يعمد بعضهم عند اي موسم انتخابي او تباعد سياسي الى تحويل هذه المصالحة الى ورقة يستغلها لحساباته الضيقة”. وقال: “كي نحصن هذه المصالحة يجب الا نكتفي فقط بارادة العيش معا، بل أن نبني دولة المؤسسات والقانون الضامنة لحقوق ابنائها بعدالة وشفافية، دولة الانماء المتوازي، دولة عصرية رؤيوية ترتكز على سياسات عامة واستراتيجيات واضحة المعالم، وتواكب الثورة الرقمية، والتكنولوجية. وهذا ما نسعى اليه اكان على طاولة مجلس الوزراء او في وزاراتنا كقوات لبنانية”.

وإذ أعلن أن “مواقفنا وممارساتنا تنبع من مسؤوليتنا الوطنية وقراءات علمية ودراسات قانونية وتجارب عملية لا من سياسات النكايات والكيدية”، أوضح أن “التمسك بتطبيق القوانين ليس انتقاصا من احد، والاصرار على الشفافية والحكومة الرشيدة ليس اهانة لأحد”.

وفي الإطار عينه، أكد أننا “في القوات اللبنانية كنا شركاء اساسيين في ولادة هذا العهد وحريصون على رئاسة الجمهورية”، متوجها الى “من يحاول ادخال موقع الرئاسة في الزواريب الضيقة”، بالقول: “خيط بهيك غير هالمسلة”.

وتابع: “شركاء في خدمة المواطن، شعار اخترتموه لهذا اللقاء، وانا اؤمن بالشراكة بين الوزارات والعمل التكاملي، بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، بالشراكة بين مؤسسات الدولة والمجتمع الاهلي لخدمة المواطن وصون كرامة الانسان”.

وأدرف: “أنا أؤمن بأن سياسات الدول لا تبنى على تصرفات عفوية أو اعتباطية بل وفق رؤية واضحة وطروحات استراتيجية. وهذا ما اسعى اليه في وزارة الصحة، من هنا كانت ولادة الاستراتيجية الصحية: صحة 2025”.

وأكد أن “الاستراتيجية تهدف الى تأمين الطبابة والاستشفاء لكل لبناني لا يملك جهة ضامنة اضافة الى الفحوص ورزمة خدمات اخرى. استراتيجية تعتمد على تسخير الثورة التكنولوجية لخدمة صحة المواطن. استراتيجية ترتكز على مراكز الرعاية الاولية، وعددها اليوم يفوق المئتين وفق معايير عالمية وهي منتشرة على كافة الاراضي اللبنانية، كي تكون هذه المراكز مدخلا الزاميا قبل دخول المستشفيات مما يخفف من الضغط عليها ومن الفاتورة الاستشفائية. هذه الاستراتيجية تشدد على دعم المستشفيات الحكومية، وهنا ابلغكم ان مشروع استكمال بناء مستشفى حكومي في دير القمر رفع الى مجلس الوزراء، وآمل ان يبصر النور قريبا”.

ثم تحدث بو عاصي، فقال: “ان ما تحدث به نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني له اهمية كبيرة، بالنسبة للشراكة، فكما سيحكى اليوم بمنطق الوزرات، يجب ان يحكى بمنطق الشراكة. يمكن كان هناك نفور الى حد ما سابقا من قبل اللبناني، وابن الجبل تحديدا من فكرة الدولة، لأن مر عليه دول عديدة محتلة، من العثمانيين والمماليك وغيرهم، حيث كانوا يفرضون عليه القوانين والضرائب. ان الاساس لكي نعيد ثقة المواطن بالدولة، هو اعادة بناء الشراكة بين الدولة والمواطن، وان افضل وسيلة لبناء تلك الشراكة بين الدولة والمواطن هو من خلال البلدية”.

وأضاف: “هنا اريد ان اؤكد اهمية البلدية والدقة في التعامل معها. فالأهمية هي ان رئيس البلدية هو من اكثر الناس الذي يعرف بلدته وبلديته، وحتى انه في نطاق البلدية عناك مؤسسات اخرى غير البلدية، هناك جمعيات اهلية واندية ورعايا كنائس غيرها، ولكن تبقى الحلقة الديموقراطية الأولى هي البلدية. لاان اهميتها تنطلق من معرفتها للارض والحاجات، وان دقتها هي عندما نقارب الأمور على النطاق البلدي. لذلك فمن المهم جدا ان نتواصل مع البلديات، ولكن من المهم جدا بالنسبة لدورنا كدولة وكوزارات ان يكون لدينا نظرة أوسع من نطاق بلدي واحد. ان مركز الخدمات الانمائية اكيد لا يخدم بلدية واحدة. وان اي مستوصف رعاية اولية على اعلى مستويات الجودة والكفاءة يخدم اكثر من بلدية واحدة”.

وتابع: “ان اتحاد البلديات مهم كثير، ولكن في بعض الاحيان له طابع سياسي. نحن يهمنا الطابع الانمائي للمواطن، فالمواطنين يجب ان يشملوا كلهم جميعا برعاية الدولة والوزارات، واليوم تحديدا وزارتي الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة. ان ما يجب ان نفعله اولا على المستوى الصحي، فلسبب ما هناك مستوصفات لوزارة الشؤون الاجتماعية، ومستوصفات لوزارة الصحة العامة. اليوم لن نغير قواعد اللعبة، وسوف نستمر بها، ولكن الاساس لا مستوصفات لوزارة الشؤون ولا مستوصفات لوزارة الصحة. ان المواطن اللبناني الذي يأتي ليستفيد من هذه الخدمات، يجب ان تكون على اعلى مستويات الجودة، ولكن للاسف وتحديدا في وزارة الشؤون الاجتماعية، ليست دائما على أعلى مستويات الجودة، وبالتالي هدفنا هو ان تصبح كلها على اعلى مستويات الجودة، لا ان تكون خزانة وتحتوي على ادواية منتهية الصلاحية ونقدمها للمواطن، ولا ندري اذا كان يستفيد منها او تلحق به الأذى، فهذا امر غير مسموح”، مؤكدا ان “صحة المواطن خط أحمر، وبالتالي فانها من واجباتي. وقد بدأ العمل بذلك بالتنسيق مع وزارة الصحة لوضع خطة وطنية، بهدف ان نرفع مستوى الخدمة للمواطن لأعلى مستويات الخدمات”.

وأردف: “على مستوى مراكز الخدمات الانمائية، هناك جانب صحي واجتماعي. وهنا اعتذر منكم، بحيث انه لا يمكننا ان نفتح مركز خدمات انمائية بكل بلدية، يعني 1100 مركز، علينا ان نرفع جودة الخدمة في تلك المراكز، المهم ان المركز الموجود هناك سبب مقنع ومنطقي لوجوده ويخدم جميع قرى الجوار كافة. اضافة الى مراكز الصحة داخل مراكز الخدمات الانمائية، لدينا مراكز الخدمات الاجتماعية، وهنا اتمنى عليكم ان نكون على تواصل دائم في هذا الموضوع”.

وقال: “ان مجتمعنا فيه مشاكل احتماعية كبرى، واذا غضينا النظر عنها، نتركها تتفاقم، واذا عملنا عليها ووضعنا يدنا مع بعضنا البعض، يمكننا ان نحل العديد من المشاكل، ويمكننا ان نجعل وطأتها على الانسان الذي يعاني ان تخف، ونقوم بحملات توعية بمشاركتنا جميعا لنتفادى الوصول للمشاكل، وبشكل اساسي موضوع المخدرات، وهنا يجب ان يكون هناك تعاون بين بعضنا”.

وأضاف: “ان موضوع التوعية للمسنين لا يظبط دائما، على الرغم من حملات التوعية، يمكننا ان نفعل الكثير، ولكن اهم شيء هو ان يكون هناك تشارك بيننا. الكثير من البلديات قدموا هم ثمن ايجار المراكز، وهذا الامر ساعدنا كثيرا، وهنا اتمنى على النواب مساعدة وزارة الشؤون الاجتماعية، حتى نرفع موازنة الوزارة التي تبلغ بنسبة واحد بالمئة من موازنة الدولة، هناك الكثير من الدول تتخطى 11 بالمئة. وكما قلت اليتيم والمراة المعنفة والمسن والمدمن وذوي الاحتياجات الخاصة، هذا ملف كبير جدا، وعلينا ان تعاون به جميعا. ويبقى امامنا موضوع الفقر، واستهداف الأسر الاكثر فقرا، والتي هي تطال كل الناس، ولكن الجبل بنسبة اقل، وهنا انا لا اقول ان لا فقراء في الجبل، بلا ولكن بنسبة اقل من المناطق الاخرى”.

واعلن “اطلاق بطاقة لإستعمال خدمات مراكز الخدمات الإنمائية. وهذه البطاقة ستكون بيومترية، وهي تسمح للمواطن ان يضع البطاقة، حيث يتم سريعا التعريف من خلال بصمة العين، ويحصل على الخدمات كافة التي تحفظ في سجله في الوزارة. وهنا اسمحوا لي ان اقول ان اول تقييم اسعار لهذا الموضوع كان 60 مليون يورو لربطها بالشبكة، ولكن بعد الاصرار وانتقلنا الى شركة ثانية من دولة اخرى انخفض المبلغ 30 مليون بعد التفاوض، ومنذ ثلاثة اسابيع توصنا انها ستكلفنا 300 الف ، الاسبوع الماضي وهذه اول مرة اعلنها، سوف تكون كلفتها صفر. وانا فخور بهذا الأمر، واننا نقدم نفس الخدمات وبنفس المواصفات، لتسهيل حياة المواطنين دوان اي كلفة للدولة اللبنانية”.

وأشار “لا يمكننا ان نفعل شيئا، امكاناتنا كما تعلمون محدودة، فميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية 150 مليون دولار، يمكننا ان نوفر في اماكن معينة حتى نستثمر في المكان المطلوب”، مشددا على “اهمية الحفاظ على صحة وكرامة ورفاهية المواطن اللبناني”، مؤكدا “اهمية التنسيق والتشاور والتنفاعل مع البلديات”.

ثم ألقى عدوان كلمة، فقال: “ان هذا اللقاء يتم من بلدة دير القمر، بلدة التلاقي، بلدة المصالحة والإنفتاح، والبلدة التي بكل تاريخها كان لديها دورا اساسيا ببناء العيش معا في هذا الجبل. من هذا اللقاء الذي يجمعنا اليوم على اختلاف بلداتنا ومذاهبنا وطوئفنا، من عاليه والشوف الاعلى واقليم الخروب، فمن هذا اللقاء الجامع الذي يظهر تضامنا وتكاتفنا ونعمل سويا، لإنماء الجبل. ان هذا اللقاء يؤكد ان المصالحة اثمرت لقاءات وتعاطيا سليما وجديا بين بعضنا البعض”.

أضاف: “أنا أود أن أطلق اليوم ثلاثة التزامات نقوم بها نحن بخصوص المواضيع المطروحة:

 

الإلتزام الأول: هو تشبثنا بالمصالحة التاريخية التي تمت في الجبل، والتي طوت صفحة الحرب الى غير رجعة، والتي هي فعل تاريخي صحيح وعملية تراكمية يومية، علينا ان نساهم بها ونعمل عليها، وان نبني يوميا مداميكها سويا، ولتطوير العلاقة بيننا، الى جانب بذل الجهود لتترجم لخير كل ابناء الجبل بدون استثناء. هذه المصالحة مبنية على اسس ثابتة ومتينة، وعلى احترام بعضنا لبعض، ومبنية على الندية بتعاطينا، وعلى الشراكة الحقيقية بعلاقاتنا، فهي اساس لوحدة لبنان وليس لوحدة الجبل فقط، فمن هنا ان تحصين هذه المصالحة مسؤولية كل واحد منا، وتمتينها هو عمل كل واحد يجب ان يقوم به، من خلال تعاطيه مع الآخر، فبقدر ما ندرك هواجس وهموم ومطالب بعضنا، بقدر ما نكون نعمل على تمتين المصالحة.

ولعدم استفزاز بعضنا في الانتخابات وقبلها، والحفاظ على الاستقرار والابتعاد عن التوتر وتعكير الاوضاع. مسؤوليتنا كبيرة، وعلينا الحفاظ على المصالحة والوقوف بوجه كل شيء يمكن ان يعكرها. هذا التعهد لا يمكن ان يفعله شخص مهما بلغت قدراته او موقعه، فهو عمل مشترك، فادعو كل واحد منكم وضع امام اعينه هذا الموضوع، لأن المصالحة نريد المحافظة عليها برموش عيوننا والعمل على انجاحها لتؤمن الشراكة الحقيقية والتعاطي السليم، لنعيش معا وسويا.

الالتزام الثاني: هو ان نؤمن الانماء للناس دون منة، لقد تعب الناس وهم ينتظرون على ابواب القيادات والزعامات والطوائف والمذاهب ليحصلوا على اقل قدر من حقوقهم الطبيعية من ادوية ودخول مستشفيات وغيرها. فعائلات الفقر حدث ولا حرج، فلبنان يتحول تدريجيا الى اكثر واكثر فقر وحاجة. المواطن له حق علينا كائنا من كان هذا المواطن ومن اي منطقة كان.

الالتزام الثالث: هو ببناء الدولة. لا شيء ينقصنا ان يكون لدينا دولة قادرة وقوية وعادلة، ولكن لكي تكون كذلك هناك مستلزمات، اولا ان لا تكون مستتبعة للخارج بأي شكل من الاشكال، وان لا تكون تابعة لاي محور، ولا تكون السيطرة عليها من فريق كائنا من كان هذا الفريق، الذي يريد ان يستتبع الدولة، سواء بتعينات او بأخذ مواقع او بطريقة عمل معينة او بتسويات على حساب القانون والدستور. على الدولة ان تكون حرة وقرارها بيدها وهمها الوحيد المصلحة الوطنية فقط.

ان المعركة التي نخوضها اليوم، تدخل في هذا الاطار لتطبيق الدستور والقانون، معركة ضد الهدر والفسار والصفقات، وسنستمر بأي ملف كان للوصول الى نهايتها. ان معركتنا ليست ضد احد ولا تستهدف احدا، كما أنه ليس هناك من مظلة او خيمة فوق رأس احد”.

وختم “في موضوع وقف الهدر والفساد. حاليا لدينا قانون في المجلس النيابي يتعلق بإدارة المناقصات، والذي اشتغلنا عليه الكثير وقمنا بتطويره ليصبح من احدث القوانين. وهنا اعدكم بالنسبة لنا جميعا، سوف نقف بوجه كل مناقصة لا تذهب الى دائرة المناقصات، وسوف نقف بوجه كل صفقة لا تذهب الى دائرة المناقصات. ان الذي عنده هكذا جبل، وعنده جمعة كما هي اليوم، وعنده هكذا نوع من العلاقات الموجودة بين بعضهم، ابواب الجحيم لن تقوى عليه.

من جهته، شكر شهيب منظمي اللقاء، واكد ان “اللقاء يظهر لنا الصورة الحقيقية لهذا الجبل، بعد المصالحة التاريخية، التي هي خط احمر، فالجبل هو نموذج يجب ان تحتذي به كل المناطق في لبنان”، متمنيا ان “يعيش الجميع كما نعيش نحن في الجبل بوئام وحرية وحركة سياسية ونظرة مشتركة نحو المؤسسات في البلد وحمايتها، وبموقف موحد لانماء قرانا وبلداتنا”، مؤكدا ان “الجبل يده وقلبه مفتوح لكل من يضع لبنة او حجر او اساس لمزيد من الاعمار وتثبيت المصالحة”، مشيرا الى “التنوع والتعدد الذي يتميز به الجبل”.

وتطرق الى موضوع المعوقين، فاشار الى ان “القانون يعطيهم الحق في الوظيفة والعمل”، متمنيا “التعاون لتطبيق هذه النقطة”، لافتا الى “ارتفاع معدلات طلب ادوية الامراض المزمنة والمستعصية نتيجة الازمات التي يعيشها الوطن”، متمنيا “توحيد المستوصفات”، داعيا الحكومة الى “صرف الاموال العائدة للبلديات”.