كتبت دوللي بشعلاني في صحيفة “الديار”:
يجري الحديث في ظلّ التحضير للانتخابات النيابية المقبلة عن أنّ جهة سياسية معيّنة تسعى الى تعطيل هذه الانتخابات، ما يُمهّد للمجلس النيابي التمديد لنفسه للمرة الرابعة. وإذا كان هذا البعض يتهمّ رئيس الحكومة سعد الحريري بتعطيلها كون القانون الجديد النسبي وفق 15 دائرة لن يجعله يحصد أكبر كتلة نيابية، على ما هو عليه الحال اليوم، فقد برّأ رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب من وزارة الخارجية والمغتربين الرئيس الحريري واتهم في تصريحه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق شخصياً بأنّه مكلّف تعطيلها لغاية في نفسه. كما طالب كلاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحريري بالمبادرة الى إقالة المشنوق إذا ما كانا يودّان إجراء الانتخابات وتعيين وزير داخلية جديد قادر على إجرائها.
وكشفت أوساط سياسية بارزة بأنّها لمست نيّة المشنوق بتعطيل الإنتخابات من خلال رفض كل الاقتراحات التي يجري تقديمها له خلال اجتماعات اللجنة الوزارية المكلّفة تطبيق قانون الإنتخاب والتي تضمّ نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني والوزراء: نهاد المشنوق، جبران باسيل، علي حسن خليل، علي قانصوه، أيمن شقير، محمد فنيش ويوسف فنيانوس، لا سيما فيما يتعلّق بتسهيل إنجاز الهوية البيومترية منعاً لأي تزوير أو غشّ انتخابي. فيما يُطالب الوزير المشنوق بسلفة مالية كبيرة من أجل طبع الهويات البيومترية للناخبين الذين لا يُمكن معرفة عددهم منذ الآن، إلاّ أنّه يُحصر بين 500 ومليون ناخب في جميع الدوائر، وقد لا يكون هذا العدد التقريبي كافياً. علماً أنّ المشنوق بعد إقرار قانون الانتخاب في حزيران الماضي أعلن بشكل صريح أنّه يستحيل إنجاز البطاقة الممغنطة قبل الانتخابات.
اوساط مقربة من المشنوق قالت انه لا يضع العصي في الدواليب ويريد تنفيذ اجراء الانتخابات، لكن الخلافات السياسية بين القوى تمنع اجراء هذا الاستحقاق، وهذا ما يجعل المشنوق عاجزا عن التحضير الكامل ما دامت القوى السياسية مختلفة حول آلية الانتخابات.
واكدت الاوساط ان المشنوق يُطالب بتأمين كلفة البطاقات لكي تتمكّن وزارته من إنجازها قبل موعد الانتخابات، علماً أنّ هذه الكلفة تتعدّى ملايين الدولارات. وفي حال لم يكن باستطاعة الحكومة تمويل هذا المشروع، فلتجرِ الانتخابات وفق الهوية العادية أو جواز السفر أو حتى من خلال إصدار بطاقات مخصّصة للانتخاب يُمكن للداخلية طباعتها في وقت قصير وكلفة أقلّ بكثير. على أن تُدرس عملية إنجاز الهوية البيومترية لاحقاً لتطبّق في الدورات الإنتخابية اللاحقة.
وفيما يتعلّق بالبحث الذي يتناول التعديلات المطروحة على خطة الانتخاب لا سيما الهوية البيومترية والتسجيل المسبق للانتخاب، فلا يزال عدم التوافق عليهما داخل اللجنة الوزارية سيّد الموقف. في الوقت الذي أوضحت مصادر متابعة، فيه أنّ الحريري يُصرّ على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها بعيداً عن أي ذرائع، حتى ولو بقي القانون على ما هو عليه من دون أي تعديل. فوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لم يبدّل موقفه من رفض التسجيل المسبق، كما أنّ القوى الأخرى لا تزال على موقفها من تأييد التسجيل.
فالتسجيل المسبق، من وجهة نظر «التيار الوطني الحرّ» الذي يرفضه يُقيّد الناخبين ويجعل الضغوطات عليهم هي نفسها على غرار ما كان يحصل في السابق، فيما عدم التسجيل يُعطيهم الحرية المطلقة لدى الاقتراع، وهذا ما تودّ بعض الأحزاب السياسية المسيطرة على مؤيّديها أن تضمنه من خلال عدم التسجيل المسبق. كما أنّ الهوية البيومترية من شأنها الحدّ من مسألة التلاعب ببطاقات الهوية، كما أنّه بالإمكان استخدامها لاحقاً في عدّة أماكن.
أمّا الجهة المعرقلة المتهمة حالياً بتعطيل الانتخابات، فتكشف إنّها المملكة العربية السعودية التي لا تودّ أن تسير الأمور على خير ما يُرام في لبنان، في الوقت الذي لا تزال فيه بعض دول المنطقة تتخبّط في الحروب لا سيما العراق وسوريا. فمن مصلحتها أن تُظهّر صورة المستقبل قبل أن ينتخب اللبنانيون مجلساً نيابياً جديداً قد لا يكون على قدر طموحاتها، أو قدرتها على السيطرة على دول المنطقة.
أمّا الحريري الذي يقود حكومة «المصلحة الوطنية» فيبدو مهتماً بإجراء الانتخابات في موعدها أي في أيّار المقبل، وخصوصاً أنّ حكومته تشكّلت لمواكبة هذه الانتخابات، ولا يمكنه بالتالي القبول بتمديد جديد أي رابع لمجلس النوّاب لنفسه حتى ولو لم تأت نتائج الانتخابات لمصلحته بشكل كبير. فما يهمّه اليوم أن تقوم المؤسسات الدستورية بمهامها إذ لا شيء يمنع ذلك لا سيما مع انتصار الجيش على الإرهابيين ودحرهم من الجرود اللبنانية، كما عودة الأمن والاستقرار الى البلاد، على أمل عودة الإزدهار مع تمكّن الحكومة الجديدة بعد الانتخابات من إيجاد الحلو المناسبة لكلّ الملفات العالقة.
وأكّدت الأوساط نفسها أنّ اللجنة الوزارية مستعدّة لمتابعة اجتماعاتها بهدف التقريب في وجهات النظر والخروج بحلول شافية لهاتين المسألتين الخلافيتين أي الهوية البيومترية والتسجيل المسبق، وإلاّ فإنّ التحضير للانتخابات يجب أن يشقّ طريقه سريعاً بما قد تقرّر. مع الإشارة الى أنّ شراء الأصوات لن يُلغى في الدورة الحالية للانتخابات لا سيما في ما يتعلّق بالصوت التفضيلي الذي يُعتبر «بيضة القبّان» في كلّ قضاء.
وأشارت الاوساط الى أنّ هناك اتجاهاً قوياً للموافقة على تعديل واحد على قانون الانتخاب وهو التمديد مدّة شهر لتسجيل المغتربين للانتخاب الى 20 كانون الأول القادم، علماً أنّ المدّة تنتهي في 20 تشرين الثاني المقبل، ولم يبلغ عدد المسجّلين حتى الآن، رغم كلّ زيارات القوى السياسية الى الخارج للتشجيع على تسجيل الألف ناخب. كما أنّه بعد دراسة طلبات هؤلاء قد يتمّ رفض غير المستوفين الشروط اللازمة للاقتراع.