Site icon IMLebanon

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

كتب ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية:

سارع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري للاتصال بنظيره الأردني هاني الملقي عندما اطلع على حجم الكارثة التي تصيب مزارعي البطاطا، وطلب أن تسمح المملكة الأردنية بإدخال البطاطا اللبنانية الى أسواقها، بعدما تراجعت أسعارها في لبنان الى مستويات غير مقبولة، لا تغطي جزءا من تكاليف الإنتاج المرتفعة.

أما وزير المالية علي حسن خليل، فسارع هو ايضا الى الإعلان عن بدء تحويل الجزء الثاني من التعويضات على مزارعي التفاح عن خسائرهم في العام الماضي، وهذه التعويضات بالكاد تغطي جزءا بسيطا من تكاليف مواسمهم التي تلفت في البساتين، أو كسدت في البرادات.

والتفاح اللبناني ذو المواصفات العالية الجودة، يعاني هذا العام ايضا من كساد مخيف، يهدد لقمة عيش آلاف العائلات الجبلية التي تعتمد على هذه الزراعة.

ومزارعو القطاعات الأخرى – خصوصا الموز والحمضيات والزيتون ومربي الدواجن والأبقار – هم ايضا يصرخون من ويلات الانهيار الذي يصيب مورد عيشهم، حيث تغرق الأسواق اللبنانية بالمنتجات الخارجية المشابهة، عن طريق التهريب، أو لأن أسعارها منافسة، بينما لا يستطيع المزارعون اللبنانيون تصريف إنتاجهم في الأسواق الخارجية، بسبب المعوقات الأمنية الناتجة عن الأحداث في سورية، أو بسبب معوقات قانونية تفرضها الدول الأخرى الشريكة للبنان، ولاسيما الاتحاد الأوروبي، الذي ألغى رسوم الاستيراد على المنتجات الزراعية اللبنانية بموجب اتفاقية العام 2003، ولكن دوله تتشدد في السماح لدخول المنتجات اللبنانية بحجج تتعلق بالمواصفات، والاتفاقية المذكورة لم تؤدِ الغاية التي كانت مرجوة منها.

وما ساهم في انهيار عائدات القطاع الزراعي اللبناني، تعطل خط التصدير البري الى دول الخليج العربي من جراء الأحداث في سورية.

كما أن تجربة نقل المنتوجات عبر العبّارات البحرية الى موانئ جدة ومنها برا الى الأسواق الخليجية، لم تنجح، وهي مكلفة ماليا، والزمن الذي تستغرقه عملية النقل يؤدي الى تضرر نوعية السلع الزراعية.

وكانت تجربة الأشهر الماضية التي أشرفت عليها مؤسسة تشجيع الصادرات (ايدال) غير موفقة.

أما السوق المصرية التي كان لبنان يستفيد منها – خصوصا في تصدير التفاح – فقد تراجعت فائدتها على الإنتاج اللبناني هي الأخرى، ولم يعد السوق المصري مناسبا لتسويق المنتج اللبناني العالي التكلفة، بصرف النظر عن ارتفاع مستوى جودته.

لا توجد سياسة لبنانية رشيدة لحماية القطاع الزراعي، لأن الانطباع الذي غلب على الاهتمام الحكومي كان منجرفا نحو قطاع الخدمات، لأن قناعة تولدت لدى غالبية المسؤولين اللبنانيين، أن لبنان ليس بلدا زراعيا، وكلفة الإنتاج فيه أعلى بكثير من الدول المجاورة.

لكن تطور الأحداث، لاسيما موضوع النزوح السوري، كذلك الاختناق الاقتصادي والبطالة التي تكبل شريحة واسعة من اللبنانيين، فرضت إعادة النظر بالمقاربة التي تعتمد على تهميش القطاعات الزراعية.

والحكومة اللبنانية التي لا تدعم سوى مزارعي التبغ والقمح والشمندر السكري، على اعتبار أن هذه الزراعات تفيد أبناء المناطق البعيدة عن المدن الكبرى ولاسيما أهل الجنوب والبقاع، حيث فوجئ مسؤولوها بحجم الكارثة الناتجة عن ضرب الإنتاج الزراعي، خصوصا الساحلية والجبلية منها.

كذلك فإن تأثر لبنان بانهيار القطاع الزراعي سيكون كبيرا، لأن الإحصاءات الرقمية للحركة الاقتصادية، مازالت تؤكد أهمية القطاع بالنسبة للبنان.

فما بين 20 و30% من اللبنانيين ما زالوا يعتمدون على الزراعة ومتفرعاتها الغذائية، كما أن 6% من الناتج الوطني الإجمالي يأتي من الزراعة، بينما قيمة الصادرات الزراعية تشكل اكثر من 17% من الصادرات اللبنانية، و25% من أراضي لبنان مستثمرة بالزراعة.