Site icon IMLebanon

طاولة مستديرة لـ”التجدّد الديموقراطي” بشأن الدولة المدنية في لبنان

نظم برنامج السياسات العامة في حركة التجدد الديموقراطي، بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور الالمانية في فندق ريفييرا – بيروت، طاولة مستديرة بعنوان “خارطة طريق الى الدولة المدنية في لبنان: ادارة التعدد الطائفي داخل نظام ديموقراطي”، وذلك لمناقشة ورقة سياسات policy paper تهدف الى وضع اطار تنفيذي لتطوير التعددية الطائفية في النظام اللبناني، بما يؤدي الى دولة مدنية ديموقراطية قائمة على المواطنة والمساواة امام القانون.

شارك في اللقاء نحو 80 شخصية من الاكاديميين والناشطين السياسيين والنقابيين والعاملين في الحقل العام، فضلا عن الرئيس فؤاد السنيورة والوزراء السابقين روجيه ديب وعادل حميه وخالد قباني، النائب السابق صلاح الحركة، رئيس حركة التجدد الديموقراطي فاروق جبر وأعضاء من اللجنة التنفيذية ومجلس الامناء والهيئة الوطنية العامة للحركة، واداره امين سر حركة التجدد ايمن مهنا.

حداد

وافتتح اللقاء نائب رئيس حركة التجدد منسق برنامج السياسات العامة الدكتور انطوان حداد الذي اثنى على “التعاون مع مؤسسة كونراد اديناور الذي يوفر اطارا جديا يتسم بالموضوعية والحياد السياسي والحرفية الاكاديمية”. وشرح اهداف اللقاء وورقة السياسات ومراحل اعدادها وتطويرها، موضحا انها “ليست ورقة حزبية او ايديولوجية او للتسويق السياسي او الانتخابي، بل للمساهمة عبر منهجية تشاركية تضم اكبر طيف ممكن من التيارات والحساسيات الفكرية – السياسية، في وضع أسس وآليات الانتقال من حال الاستقطاب الطائفي والمذهبي الحاد المعيق للمساءلة والشفافية والتطوير والتنمية الى دولة مدنية حديثة قائمة على مبدأ المواطنة”.

واوضح ان “الورقة تقترح مسارا واقعيا ينطلق من الدستور واتفاق الطائف اللذين يتضمنان أسسا وآليات واضحة ومسلما بها في هذا الاتجاه، وهي تتفادى استنساخ النماذج والحلول وتأخذ في الاعتبار وقائع الاجتماع السياسي اللبناني وكيفية تشكل الهوية الوطنية اللبنانية ونقاط قوتها ونقاط ضعفها، فضلا عن الجغرافيا السياسية المحيطة بلبنان وكلها عناصر اساسية اذا اردنا الابتعاد عن الطوباوية السياسية”.

وفي الختام تساءل حداد: “هل نحن نبحث عن الدولة المدنية في الزمن الخطأ اقليميا ودوليا؟ في ظل تضخم وتفجر مسألة الهويات ما دون الوطنية وازدهار الخطاب السياسي المبني على الانتماءات الاولية وليس على البرامج والافكار، من العراق والشرق الاوسط الى اسبانيا ومجمل القارة الاوروبية”، معربا عن ثقته ب “عودة العقل الى السياسة عاجلا ان آجلا، سواء في لبنان ام في المنطقة او في العالم، لأن خطاب شد العصب والتعبئة القائمة على الهوية لا تشبع جوعانا ولا تقضي على فساد ولا تؤمن ازدهارا ولا تنمية”.

ناصر

ثم القت المديرة الإدارية لمؤسسة كونراد اديناور كلمة قالت فيها: “يشرفني أن أفتتح ورشة العمل هذه بإسم الممثل المقيم لمؤسسة كونراد اديناور في لبنان، الدكتور مالته غاير، وهي تأتي بالتعاون بين المؤسسة وحركة التجدد لمناقشة هذه الورقة التي يواجه موضوعها مطبات كثيرة وتحديات داخلية وخارجية جمة. فهناك الدستور والطائف ووثيقة الوفاق الوطني وقانون الأحوال الشخصية ومفهوم العيش المشترك وأكثر من مليوني لاجئ، في وضع إقليمي متأزم وفي ظل ديمقراطية توافقية لم تَتبِع ولا مرة، ما خلا في الستينات مع إنشاء مجلس الخدمة المدنية ومبدأ الكفاءة في التعيينات. وهنا لا بد من الدخول في نقاش بناء كما نقوم به اليوم بهدف إعادة النظر في الأسس التي ترعى هذا البلد والعلاقة بين المواطنين والدولة وإدارة التعدد الطائفي فيه”.

شاوول

ثم عرض عضو اللجنة التنفيذية للحركة الدكتور ملحم شاوول وهو منسق لجنة اعداد الورقة، لملخصها كما يلي: “يهدف المشروع إلى المساهمة في بلورة المعايير والآليات التي تؤمن الانتقال، في التجربة اللبنانية، من وضعية انتظام الحياة السياسية حول “قاعدة الهوية”، القائمة على الاصطفاف الديني والمذهبي إلى وضعية تقوم على التنافس الديموقراطي حول الرؤى والقيم والبرامج ضمن ما يعرف بـ”السياسات العامة، وصياغة هذه المعايير والآليات في ورقة سياسات تتم بلورتها عبر مسار تشاركي يتضمن مساهمات من طيف واسع من الباحثين والعاملين في الحقل العام”.

وشرح شاوول خصائص الاجتماع السياسي اللبناني وتطوره، من ميثاق العيش المشترك ومفهوم المشاركة، وتأسيس الديموقراطية التوافقية اللبنانية، وانحراف الديموقراطية التوافقية من خلال التطبيق الانتقائي لاتفاق الطائف. واقترح المعايير التعريفية لـ”الدولة المدنية”: ان تكون الدولة محايدة في الامور الدينية، ان تعامل مواطنيها بالتساوي وبمعزل عن انتمائهم الديني، ضمان الحريات الدينية سواء في الاعتقاد او في التعبير او في الممارسة، تكفل استقلالية النظام القضائي (في قوانينه واحكامه)، تكفل حرية نظام التعليم، تكفل الحقوق الشخصية والمدنية والسياسية، ومن ضمنها حق المشاركة في الشأن العام وتبوؤ السلطة او المسؤوليات العامة لأي مواطن بمعزل عن دينه”

وتنطلق الورقة من وثيقة الميثاق الوطني ودستور الطائف بهدف “السعي الى تطبيقه فعلا، نقاشا ونقدا وممارسة. لأن دستور الطائف ووثيقة الوفاق الوطني ليسا خيارا من بين خيارات، بل يشكلان اليوم العقد الوحيد المبرم بين اللبنانيين والذي يحظى، اقله علنا، بشبه الاجماع”. وتتضمن المقترحات مجموعة من الأسس الجوهرية، وهي استكمال تنفيذ الطائف لناحية إنشاء مجلس الشيوخ وتعيين الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية وإقرار اللامركزية، على أن تترافق مع مجموعة من الإصلاحات على صعيد قانون الانتخابات وتفعيل كتلة تغييرية وازنة من المجتمعين السياسي والمدني.

المفتي

ثم عرض عضو لجنة إعداد الورقة الدكتور كريم المفتي، لمجموعة إصلاحات في السياسات العامة تذهب في اتجاه تأسيس الدولة المدنية وتمتينها، ومنها: تحصين الإدارة العامة عن التدخلات السياسية والمحاصصة المذهبية، تثبيت مبدأ الكفاءة في التعيينات والمساءلة والمحاسبة، التنظيم المدني بشكل يحفز على التواصل بين مكونات المجتمع، إصلاحات في القطاع الأمني لرفع يد القوى الطائفية عن المؤسسات العسكرية والأمنية، قوانين الأحوال الشخصية، والإصلاح التربوي، مع التشديد على دور القطاع الخاص والمجتمع المدني إلى جانب المؤسسات الرسمية.

السنيورة

وافتتح النقاش مع الرئيس السنيورة، فنوه ب”انطلاق الورقة من اتفاق الطائف الذي يعتبر الوثيقة السياسية الوحيدة تقريبا التي تجمع اللبنانيين، وأهمية تسليط الضوء على ما أتى به اتفاق الطائف من افكار ليست فقط مفيدة للبنان في حل مشاكله، ولكن تكاد أن تكون نموذجا او مصدر الهام لأكثر من بلد عربي أو غيره ممن لديهم فضيلة التنوع، والتي يستغلها البعض لتكون مصدرا للشرور”. وشدد على “أهمية العودة الى البوصلة الصحيحة، في ظل الاستتباع الكبير للادارة اللبنانية وللدولة اللبنانية مع اغفال المبادئ الاساسية التي تقوم عليها الدول وقد اصبحت مستتبعة للميليشيات والاحزاب الطائفية والمذهبية، وبالتالي يلجأ المواطن الى هذه المجموعات لحمايته وحماية مصالحه”.

 

 

اضاف: “نشهد ذلك في ضوء هذا التناثر للدولة اللبنانية وهذه الظروف والمخاطر الآتية الينا من الخارج. فلبنان اصبح مكشوفا وفي حالة صدام ما بينه وبين مصلحته، ما يحصل أن هذه الامور تضع لبنان في مخاطر غير محسوبة على كل الاصعدة”.

ولفت الى أن “الاصلاح ليس اغنية نغنيها ساعة نريد، انما الاصلاح تقوم به الامم عند الحاجة اليه وعندما تكون قادرة على ذلك، وليس عندما تكون مجبرة عليه، لانه عندما تكون مجبرة على الاصلاح تكون كلفته والالم الذي يترافق معه عاليا جدا. هذا الوضع يتطلب العودة الى البوصلة، اي اعادة الاعتبار الى الدولة الى الدستور الى القانون، فلم يعد بالامكان الاستمرار في حالة الذوبان والضياع، وبالتالي نفبرك ونضع القوانين عند حاجتنا وعلى مقاسنا. بعودة الاعتبار الى القانون والى الدستور والدولة هي صاحبة السلطة الوحيدة على الاراضي اللبنانية لأنه مهما صار ستجد فعليا اشكالات عريضة بوجود رئيسين في المركب، والذي يفترض ان يكون رئيسا واحدا وهو الدولة”.

وتابع: “الامر الآخر هو اعادة الاعتبار للكفاءة والجدارة، لأن مفهوم هذا البلد يقوم باطلاق الحيوية من خلال تكافؤ الفرص. والامر الثالث أنه لا مسؤولية دون مساءلة ومحاسبة، فالدولة ليست مكانا للتوظيف بل يجب ترشيقها لتقدم خدمات للناس وتقدم فرصا للقطاع الخاص حتى ينمو بشكل صحيح، فوظائف الدولة اصبحت شديدة الكلفة على اللبنانيين. ازاء هذه المتغيرات حولنا وفي العالم، علينا أن نمشي بالاصلاح الحقيقي، والا سنمشي مرغمين”.

وجرى النقاش خلال الجلسة الاولى تحت عنوان “المنطلقات لادارة التعدد الطائفي”. وفي الجلسة الثانية تمت مناقشة ملامح خارطة الطريق والاجراءات التنفيذية والتدابير والسياسات، وتخلله نحو 30 مداخلة سيؤخذ بمضمونها لدى صياغة النص النهائي للورقة.

وتخلل الجلستان مداخلات للرئيس السنيورة، الوزراء السابقين قباني، اده، النائب الحركة، الاب فادي ضو، الصحافي قاسم قصير، والسادة: وليد صافي، كلود سعاده، انطوان سيف، فادي الاحمر، الفرد الرياشي، حارث سليمان، باتريك مارديني، ملحم خلف، انطوان قربان، فهمية شرف الدين، رياض عيسى، عبدالله حداد، رباب عبيد، محمد حسني الحاج، رفيق قطان، فادي بسترس، ربيع قيس، لينا علم الدين، خليل طوبيا، انطوان سيف، ملحم شاوول.

وختم جبر بكلمة شكر شدد فيها على اهمية هذه الورقة ومتابعتها للافادة منها.