لم يعد الوفد المصرفي اللبناني الذي زار الولايات المتحدة أخيراً، بتطمينات تشفي غليله من تداعيات العقوبات الأميركية المشددة المنتظرة على “حزب الله”، وما ستتركه من انعكاسات مباشرة على القطاعات الاقتصادية والمالية اللبنانية، سيما وأن هذه العقوبات ستكون هذه المرة أشد قسوة، باعتبار أن هناك قراراً أميركياً صارماً بخنق “حزب الله” مالياً وتوسيع دائرة العقوبات الأمر الذي سيصيب دون شك الاقتصاد اللبناني والمصارف اللبنانية بأضرار، جهد الوفد المصرفي اللبناني إلى محاولة تحييد المصارف عنها، لكنه لم يحصل على أجوبة مقنعة عن الأسئلة التي طرحها على الأميركيين الذين تحدثوا، وفقاً لمعلومات صحيفة “السياسة” الكويتية من مصادر مصرفية لبنانية زارت العاصمة الأميركية، بلغة أكثر تشدداً، وإن أبدوا تفهماً للمطالب اللبنانية، لكنهم أخبروا أعضاء الوفد المصرفي اللبناني، أن قراراً على أرفع المستويات في إدارة الرئيس دونالد ترامب، بوجوب معاقبة “حزب الله” على دوره الإرهابي في العالم، ولا بد من تفهم المبررات التي دفعت الإدارة الأميركية لاتخاذ هذه الإجراءات، بعدما أصبح الحزب يشكل تهديداً عالمياً، وفقاً للأميركيين، يجب التصدي له بتجفيف منابعه المالية على مستوى العالم.
وانطلاقاً من ذلك، ورغم أن الوفد المصرفي اللبناني شرح للأميركيين وجهة نظره المدعمة بالإثباتات والأدلة، بأن القطاع المصرفي اللبناني ملتزم بالقرارات المالية الدولية ويقوم بكل واجباته على هذا الصعيد، إلا أن هناك مخاوف جدية من ارتدادات سلبية بالغة الخطورة ستصيب هذا القطاع في المرحلة المقبلة بعدما تصبح هذه القرارات قيد التنفيذ، باعتبار أن الإدارة الأميركية وسعت هذه المرة مروحة العقوبات كثيراً وبالتالي ستصيب شظاياها مصارف لبنان وما يختص بالتحويلات المالية من وإلى لبنان، الأمر الذي سيؤثر بالتأكيد، كما تقول مصادر مصرفية بارزة، على حركة التحويلات التي ستخضع لرقابة أكثر، مع خشية من إمكانية أن يؤثر ذلك على حركة التحويلات باتجاه لبنان، ما قد يؤدي إلى تراجع في حجم الأموال في المصارف اللبنانية، وكذلك الأمر تقييد حركة التبادل التجاري والمالي بين لبنان والخارج، خاصةً وأن العقوبات الأميركية المرتقبة تعتبر أكثر صرامة من العقوبات الأولى التي أقرت في الـ2015، في وقت تشير المعلومات إلى أن ما سيصدر، سيكون البداية لرزمة واسعة وحازمة من العقوبات ضد “حزب الله”، ولن يكون الأمر مقتصراً على استهداف تمويل “حزب الله” على مستوى العالم، وإنما ستتركز الجهود على تطويق الحزب من جميع الجهات، تمهيداً لاتخاذ عقوبات نوعية تطال قيادييه ومؤسساته وكل المتعاملين والمتعاونين معه.
ودعت المصادر الحكومة اللبنانية، إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للتكيف مع العقوبات الأميركية الجديدة، من أجل حماية الاقتصاد الوطني والقطاع المصرفي، والتشدد أكثر في تطبيق المعايير المالية الدولية في مواجهة “حزب الله”، وهو أمر تعيه المصارف اللبنانية جيداً، بحيث أنه في المرحلة المقبلة، سيجد الحزب نفسه في عزلة مالية أكثر تشدداً من المراحل السابقة، في ظل خوف المصارف اللبنانية من نتائج أي تساهل في تطبيق الالتزامات الدولية، باعتبار أن تجربة “البنك اللبناني الكندي” لا تزال ماثلة للعيان، لأن الإدارة الأميركية لن توفّر أي مصرف في لبنان تشعر أنه تجاوز العقوبات التي ستفرضها على الحزب، وهو ما يشكل ضربة موجعة للقطاع المصرفي اللبناني الذي يحرص على أن يبقى متمتعاً بالسمعة المالية النظيفة بين مصارف العالم، ولذلك تتوقع المصادر المصرفية أن تشتد الضغوطات أكثر فأكثر على القطاع المصرفي اللبناني الذي سيتأثر بالعقوبات الأميركية، لكنه سيتعامل معها بكثير من الحكمة والمسؤولية.
واستباقاً للعقوبات الأميركية، وصل إلى بيروت أمس، وفد من الكونغرس الأميركي للقاء عدد من المسؤولين السياسيين والعسكريين والمصرفيين، حيث سيكون موضوع العقوبات وضرورة الالتزام بها، محور المحادثات التي سيجريها في زيارته اللبنانية.