كتبت صونيا رزق في صحيفة “الديار”:
تتحضّر عروس البقاع لأشرس المعارك الانتخابية وهي بدأت قبل غيرها، اذ زارها سياسيون كثر فحوّلوها الى قبلة الأنظار، ومن بينهم ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل قبل فترة، لإطلاق صفارّة الانذار ببدء المعركة، فضلاً عن زيارات لسياسييّن تحصل من تحت الطاولة لبحث الوضع الانتخابي في المدينة، ورسم صورة التحالفات بطريقة خفية قبل اشهر من الاستحقاق، بحيث تشير مصادر سياسية مواكبة لهذا الاستحقاق الى ان التحالفات تُطبَخ على نار هادئة في أنتظار ان تتحوّل الى حامية بعد فترة وجيزة.
الى ذلك تنقل هذه المصادر بأن البحث الانتخابي لدى كل التيارات والأحزاب قائم في المدينة والجوار على قدم وساق، إلا انّ احداً لم يصرّح امام وسائل الاعلام بما ينوي القيام به لان الكل ينتظر الكل، لافتة الى ان «التيار الوطني الحر» اظهر ملامح بعض الأسماء، خصوصاً بعد الاستفتاء الذي أجرته منسقية البقاع الأوسط في التيار، والتي أظهرت تقدّم الوزير السابق غابي ليون عن المقعد الأرثوذكسي، وترشيح النائب السابق سليم عون مجدداً عن المقعد الماروني الذي نال توكيلاً من الوزير جبران باسيل للعمل الانتخابي وجسّ نبض الشارع الزحلي حيال التيار، بحيث طلب منه الاهتمام الكلّي بهذا الملف، الى ان عُقد اجتماع في زحلة جمع باسيل وسليم عون ووزير العدل سليم جريصاتي لبحث كل هذه الامور والاستماع الى سليم عون ونتائج عمله، وتقول مصادر معارضة لسياسة التيار بأن الاجتماع كان هادراً بالصوت بحيث اسمع باسيل عون كلاماً من العيار الثقيل على خلفية حركته الانتخابية الخجولة في المنطقة، في حين كانوا ينتظرون منه العمل الجدّي والفعّال، الامر الذي شكّل للتيار إحراجاً كبيراً بحسب ما قال له باسيل.
الى ذلك تعتبر هذه المصادر بأن لمدينة زحلة رمزيتها وخصوصيّتها الانتخابية، وهو ما ثبُت خلال الانتخابات النيابية الأخيرة التي شهدها لبنان في العام 2009، بحيث شكّلت نتائجها مفاجأة، ولا شك في انها ستعطي الصورة عينها في الانتخابات المرتقبة في أيار 2018، بسبب التنافس المسيحي على زعامة المدينة، مشيرة الى ان العونييّن يسعون إلى استقطاب الصوت المسيحي في هذه الدائرة لصالحهم، في ظل تراكم الأحزاب من القوات الى الكتائب والكتلة الشعبية ونقولا فتوش الذين يتنافسون بقوة كبيرة، مذكّرة بأن إستقالة هيئة «التيار الوطني الحر» في زحلة بعد رفض المعارضين للهيئة الحالية أي بحث في تشكيل الماكينة الانتخابية قبل استقالة الهيئة قد أثرّت على شعبية التيار في المدينة، بالإضافة الى ما قاله جعجع من زحلة خلال زيارته الاخيرة لها بأنه «في النظام الانتخابي الجديد لا لزوم للتحالفات، فالتيار والقوات متفاهمان، ولكن بحسب النظام الانتخابي قد تكون مصلحتهما أن يكون كل واحد منهما في لائحة». معتبرة بأن هذا الكلام يعني إتجاه التيار صوب حزب الله وحركة امل انتخابياً.
واشارت المصادر المعارضة لسياسة التيار الى ان خلافات باسيل باتت كثيرة خصوصاً بعد وصفه بعض الأحزاب والمستقلين في زحلة بـ«الفراطة»، انطلاقاً من هنا، يُعمل على تحالف التيار الوطني الحر والمستقبل . في حين يعمل القواتيون وبحسب مصادرهم على زيادة شعبيتهم من خلال حركتهم المكوكية منذ زيارة جعجع الى المدينة، وهي تسعى إلى شدّ عصب مناصريها دائماً، من خلال تنظيمها الزيارات المتكررة للجان الشعبية والوفود والهيئات الاقتصادية الى معراب، ولعل أبرز من يعبّر عن قوة القوات وحضورها الزحلي قول جعجع رداً على سؤال عن امكانية فتح حوار مع رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف، بأن «الباب ليس مغلقاً على أحد، إنما العملية الانتخابية ترتبط بموازين القوى»، مما يعني انه قادر بمفرده على خوض المعركة بعيداً عن التحالفات.
ولم تستبعد المصادر عينها حتمية الانفصال الانتخابي بين القوات والتيار والتنافس على المقاعد المسيحية في زحلة إلا في حال إنقلب الوضع المتشنج بينهما الذي جعل من عاصمة البقاع مركزاً حامياً انتخابياً منذ اليوم، وسألت: كيف ستكون اذا في ايار 2018؟.
وختمت المصادر بأن ورقة التفاهم القواتية – العونية ونظراً الى الحالة التي وصلت اليها تكاد تقضي نهائياً على التحالف، إلا في حال عمل الطرفان على إيجاد حلول لها والاتجاه في خط سيرها الصحيح، والتعالي عن الخلافات والنظر بصوابية اكثر نحو المصلحة العامة.