اوضحت مصادر سياسية لبنانية إن إيران دفعت الرئيس سعد الحريري إلى الاستقالة من موقع رئيس مجلس الوزراء في لبنان في سياق ردّها على الاستراتيجية الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط. وربطت المصادر بين الاستقالة وتهديدات مباشرة لحياته شعر بها الحريري ولمسها في الأيام القليلة الماضية. وتزامن هذا مع حديث عن إحباط مؤامرة لاغتياله.
وأضافت في حديث لصحيفة “العرب” اللندنية أن الحريري قدّم استقالته من الرياض بعد أربع وعشرين ساعة من استقباله في بيروت علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي.
ويبدو، استنادا إلى المصادر نفسها، أنّ ولايتي وجه تهديدا مبطنا إلى رئيس مجلس الوزراء اللبناني بدعوته إلى التزام الخط المؤيد لإيران والمعادي لما ورد في الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الثالث عشر من تشرين الاول الماضي.
وذكرت المصادر السياسية اللبنانية أن الحريري توجّه إلى الرياض مباشرة بعد استقباله ولايتي في السراي الحكومي وذلك بناء على موعد مسبق مع وليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان.
وتوقّفت أوساط سياسية لبنانية عند إشارتين مهمّتين وردتا في خطاب الاستقالة الذي وجهه سعد الحريري إلى اللبنانيين من الرياض.
وتتعلّق الإشارة الأولى بأن الأجواء السائدة في لبنان تشبه تلك التي سادت عشية اغتيال رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط 2005. أمّا الإشارة الثانية فهي تؤشر إلى وجود رغبة عربية في عدم ترك إيران تسيطر كليّا على لبنان. وظهر ذلك من خلال تأكيد الحريري أن “أذرع إيران ستقطع”.
وذكر مصدر سياسي أن أقرب الناس إلى الحريري فوجئوا بإقدامه على الاستقالة، إذ عاد الأسبوع الماضي من زيارته للسعودية بأجواء متفائلة. وكان الدليل على ذلك دعوته فرق العمل المحيطة به إلى الاستعداد لمرحلة جديدة ستمكّن لبنان من تجاوز الصعوبات التي يمرّ بها وذلك بفضل الدعم السعودي الذي يحظى بغطاء من المجتمع الدولي.
لكن هذا المصدر أوضح أن شيئا ما حصل أخيرا جعل الحريري يتّخذ قراره النهائي بالاستقالة، خصوصا بعد الكلام الذي سمعه من ولايتي الذي استخدم “نعومة” فائقة في كلامه “المنمّق” لإفهام الحريري أنّ لبنان لا يستطيع أن يكون خارج دائرة النفوذ الإقليمي لإيران التي تخوض حاليا مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.
وأكد هذا المصدر أن الحريري ما كان ليقدم على خيار الاستقالة من الرياض لو لم يستمع إلى نصائح سعودية فحواها بأنّ حكومته باتت عاجزة عن السير إلى النهاية في التسوية التي قامت على أساسها. وكانت هذه التسوية حظيت بتأييد فاتر من السعودية ودول الخليج العربي التي أرادت من الحريري امتحان النيات الحقيقية لإيران وحزب الله من خلالها.
ويرى متابعون للشأن اللبناني لصحيفة “العرب” أن التهديدات المبطّنة التي سمعها الحريري من مستشار خامنئي، والمعلومات الاستخبارية التي قد يكون حصل عليها في الرياض بشأن أمنه الشخصي، تأتي كرسائل إيرانية للسعودية التي تهدّد تحركاتها بإرباك هيمنة إيران على لبنان وسوريا، ومساعيها للانفتاح على شخصيات لبنانية مختلفة كانت استضافتها في الرياض، ما اعتبرته طهران تهديدا لقبضتها على لبنان.