اعتبرت مصادر سياسية متابعة لصحيفة “الجريدة” الكويتية إن «قرار الرئيس سعد الحريري بالاستقالة أتى بعد الإخلال ببنود التسوية التي جاءت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، والحريري رئيساً لحكومة ائتلافية تضم حزب الله، قائمةً على تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية في المنطقة، فضلاً عما نتج جراء ذلك من وضع لبنان في الحضن الإيراني بينما كان يفترض أن يكون في موقع حيادي وسطي»، مرجعة استقالة الحريري إلى عدة أسباب، أهمها:
1 – ازدياد الضغط الداخلي عليه نتيجة إصرار بعض القوى على مخالفة البيان الوزاري الذي نصّ على سياسة النأي بالنفس، من خلال قيام وزراء في الحكومة بزيارات لدمشق، حيث اعتبرت المصادر تلك الزيارات محاولة لإعادة الشرعية إلى النظام السوري وتنفيذاً لسياسة إيرانية تقضي بفرض أمر واقع جديد هو التعاطي الرسمي اللبناني مع النظام السوري.
2 – لقاء وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل بوزير الخارجية السوري وليد المعلم في سبتمبر الماضي، والذي اعتبره الحريري اعتداءً سياسياً على موقع رئاسة الحكومة ومخالفة واضحة للتسوية السياسية القائمة على الحياد.
3 – تبرير رئيس الجمهورية ميشال عون قبل 3 أيام وجود سلاح «حزب الله» وربطه بتطورات الشرق الأوسط، إضافة إلى صمته عن استمرار قتال الحزب في سورية وتحريكه خلايا في الكويت، وعن مواقف مسؤوليه التي تهاجم الرياض، وعن كلام الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن لبنان ساحة نفوذ لطهران.
4 – الاعتراض السعودي الواضح وتغريدات وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان الذي دعا مراراً اللبنانيين إلى حسم أمرهم، والاختيار بين أن يكونوا مع الحزب أو ضده، قبل أن يخص الحكومة والدولة اللبنانيتين في مواقفه، منتظراً منهما رفع الصوت ضد ممارسات الحزب.
5 – ذهاب مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، الذي جال في لبنان خلال اليومين الماضيين، إلى اعتبار، وهو على منبر السراي الحكومي، أن الانتصار الذي حققه لبنان على الإرهاب في الجرود هو انتصار لمحور المقاومة على مستوى المنطقة.
6 – توجه دولي – إقليمي كبير، يقوده الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يضغط في اتجاه تقليم أظافر إيران وأذرعها العسكرية في المنطقة، وعلى رأسها «حزب الله»، ترسّخ في القمة العربية – الإسلامية – الأميركية بالرياض، التي ظهرت مع صدور عقوبات الكونغرس الأميركي لخنق الحزب مالياً.
7 – تعيين سفير لبناني في سورية، وهو بمنزلة اعتراف بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وخصوصاً أن السفير سعد زخيا زار عون قبل يومين من توجهه إلى دمشق لمباشرة أعماله.
ورأت المصادر أن «كأس الرياض فاضت بعد كلام ولايتي، فقصدها الرئيس الحريري وأعلن استقالته من رئاسة الحكومة، ليتبادر إلى الأذهان فوراً كلام السبهان في الأيام القليلة الماضية عن الآتي الذي سيكون مذهلاً بكلّ تأكيد».
وتشكل استقالة الحريري، واقعياً وعملياً، الضربة الأقسى التي يتلقاها عهد الرئيس عون غداة طيه سنته الأولى، مما يضعه أمام الاختبار الأشد إرباكاً وحرجاً وخطورة منذ انتخابه.
وبينما رسمت الاستقالة علامات استفهام وشكوكاً إضافية حول الانتخابات النيابية المنوي إجراؤها في ايار المقبل، فإنّ السؤال المتصل بالتسوية السياسية التي انهارت لا يجد أي جواب جاهز قبل معرفة ما ستؤدي إليه الاستقالة وما بعدها من تطورات على الصعيد الحكومي.
وتساءل مراقبون عبر صحيفة “الجريدة” عما إذا كان انهيار التسوية الرئاسية التي جاءت بغطاء سعودي ـــ إيراني يعني أن المواجهة السعودية ــــ الايرانية ستتسع، وقد يكون لبنان ساحة لها، مما يعني أن البلد بات مشرعاً على احتمالات أمنية خطيرة منها لجوء حزب الله إلى نوع من التصعيد الميداني.