كتبت صحيفة “القبس” الكويتية: شكلت استقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة صدمة أعادت القلق إلى لبنان على كل المستويات؛ السياسية والأمنية والمالية.
وبينما كانت الأجواء تميل إلى تأكيد الاستقرار واستمرار ربط النزاع مع «حزب الله» بعد زيارة الحريري للرياض ولقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل أيام قليلة، أتى إعلان الاستقالة من الرياض ليقلب المشهد كلياً، ويربطه بشكل مباشر بالمواجهة السعودية ــ الإيرانية وبمخاطر حرب إسرائيلية على لبنان، وليدخل لبنان في أزمة سياسية صعبة ومفتوحة.
وتقول مصادر سياسية مطلعة إن مخابرات عربية أبلغت الحريري أن هناك معلومات عن خطة لاغتياله وتكرار ما حصل مع والده في لحظة إقليمية خطيرة، لكن المصادر نفسها تعتبر تلك المعلومات عنصراً إضافياً في قرار سعودي كبير عبر عنه وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي ثامر السبهان مرات عدة في الأسبوع الماضي، وتضمن تهديدات لــ «حزب الله» ولوماً للحكومة اللبنانية لأنها لا تستطيع وضع حد لتدخلاته في المنطقة.
وتشير معلومات متقاطعة إلى أن تصاعد التوتر الأميركي ــ الإيراني، وجردة الحساب التي أجرتها إدارة الرئيس دونالد ترامب لــ «حزب الله» الشهر الماضي مع توسيع العقوبات عليه، دفعت أيضاً إلى مخاوف من ازدياد الضغوط الاقتصادية والمالية على المصارف اللبنانية، وهي ضغوط تترافق مع كلام إسرائيلي معلن عن استعدادات لحرب على لبنان كله وليس على «حزب الله» وحده، لكون إسرائيل باتت تعتبر الترسانة الصاروخية التي يملكها الحزب خطراً استراتيجيا لا يمكن السكوت عنه.
وفي هذا الإطار تقول المصادر إن الحريري أبلغ الرئيس ميشال عون و«حزب الله» مراراً في الأسابيع الأخيرة بأن نذر الخطر تحدق بلبنان، وأن على «حزب الله» إجراء تغيير جذري في سياسته، سواء في الخارج أو في استمرار سلاحه غير الشرعي في الداخل، لكن كلامه لم يلق أي صدى.
وتقول المصادر إن الحريري جرب عشرة أشهر من التعايش مع «حزب الله» داخل الحكومة، وتبين له أن حدود سلطات الحكومة لا تتجاوز الملفات اليومية المعيشية، فيما القرارات السياسية والأمنية يمليها «حزب الله» بالتفاهم مع حليفه رئيس الجمهورية، وترى أن الرئيس الحريري رأى الوقت مناسباً لكسر هذه الحلقة وإعلان رفضه الكامل لاستمرارها، لكنه بدا في كلمة استقالته قاطعاً الأمل من إمكان ترميم التسوية التي أدت إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة، ومتجهاً إلى مواجهة بدأت مع الاستقالة وشكلت أول تحد خطير لعهد عون مع احتفاله بمرور سنة على تولي سدة الرئاسة.