Site icon IMLebanon

“مصيبة” الأقساط تجمع الأهالي: هذا ما يُعدِّون له بعد استقالة الحكومة

كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”:

«الأهل ليسوا الحلقة الأضعف»، لا للزيادة على الأقساط»، «التعليم حقّ وواجب»… تعدَّدت الشعارات وتنوَّعت العبارات والمصيبةُ واحدة: الأقساط المدرسية. أمس وللمرّة الأولى لبّى الأهالي من مختلف المناطق اللبنانية دعوةَ لجان الأهل في المدارس الخاصة للاعتصام ورفعِ الصوت في ساحة ساسين، مستنكِرين أيَّ زيادة محتمَلة، ومتسلّحينَ بما يَمنحهم إيّاه القانون 515، لجهة توقيعِهم على الموازنة المدرسية قبل أن تُرسلها الإدارات إلى وزارة التربية، «لن نوقّعَها أبداً إذا حَملت زيادات».

بينما كانت لجان الأهل عشيّة الاعتصام، تضع لمساتها الأخيرة على بيانها المشترَك الذي سيُتلى نهاية اعتصامِ الأحد، وصَلهم خبرُ استقالةِ رئيس الحكومة الرئيس سعد الحريري، فمرّت في أذهانهم لوهلة فكرةُ التراجعِ أو إرجاءِ التحرّك، إلّا أنّ عِبءَ الأقساط المتراكمة أثقلَهم، واشتدادَ حبلِ الاستحقاقات على أعناقهم كاد يَخنقهم، فوجَدوا الحلَّ برفعِ الصوتِ، أو التحرّكِ أو القيام بأيّ شيء يُخفّف قدومَ شبحِ الزيادات ويُفجّر الوضعَ بين الأهالي والإدارات والمعلّمين.

في الكواليس…

لا ينكِر ذوو التلاميذ أنّ الوضع السياسي الراهن مربك وقد لا تكون الأقساط من أولوية المعنيين، فيَلفت مصدر مواكب لتحرّكات لجان الأهل قائلاً: «إستقالة الحكومة لا تُوقف زيادات الأقساط فهي كـ«عدّادات وماشية»، لِذا لا بدّ مِن التصعيد»، لافتاً إلى «أنّ الزيادة التي قد يَرضى بها الأهالي مكرَهين يجب ألّا تتجاوز قيمتُها الـ 300 ألف ليرة».

أمّا عن الخطوات المرتقبة، فيجيب المصدر: «نظراً إلى أوضاع البلاد الملبّدة بالغيوم، ووضعِ الحكومة المعلّق نتيجة استقالة الرئيس سعد الحريري، تحرُّكنا المرة المقبلة لن يكون في الشارع، قد نتوجّه إلى رئيس الجمهورية ميشال عون على اعتبار «هوّي بَيّ الكِل»، وفي الوقت عينِه، سنتوجّه إلى رجال الدين، البطاركة، المطارنة، المفتِين، المشايخ، فهم الأب الروحيّ لهؤلاء التلاميذ، وعليهم أن يُساندوا الأهالي في أزمتهم».

من ساحة ساسين…

منذ الثالثة بعد الظهر بدأ الأهالي بالتوافد إلى ساحة ساسين، منهم من حضَر بسيارته الخاصة، وآخَرون بباصات، بَعدما أمَّنت لجان الأهل وسائلَ نقلٍ مشترَكة للأهالي الراغبين بالمشاركة في الاعتصام.

وبعد توزيع اليافطات المتّفَق عليها، احتشَد الأهالي ومعهم أولادُهم كباراً وصغاراً، قبالة تمثالِ الشهيد الرئيس بشير الجميّل، والحديث في ما بينهم واحد، «إنتو أدّيش لح تزيد الإدارة عليكُن؟».

عند الرابعة افتُتح الاعتصام بالنشيد الوطني، وتوالت الكلمات المندّدة بأيّ زيادة. وفي هذا الإطار، تحدَّث كامل الريشاني رئيسُ لجانِ الأهل في المدارس الكاثوليكية في بيروت، فأكّد: «لا يستخفّ أحد بصَمتِنا، لسنا الحلقة الأضعف، نُمثّل كتلةً شعبية لا يُستهان بها، والحقّ معنا، الفَقر لا يَرحم، الزيادات لا تَرحم، لا نريد أن نموتَ أحياء».

ويقول لـ«الجمهورية»: «مسألة الأقساط قضية مصيرية، لا بدّ مِن ثورة على كلّ ما يُثقِل كاهل الأهل، علينا أن ننتفض لكرامتنا». ويضيف: «تحرّكُنا هو أمس واليوم وغداً، وموقفُنا واحد بصرفِ النظر عن الوضع القائم في البلد، لن نقبلَ بأيّ زيادة ولن نستكينَ إلّا لحظة نتأكّد فيها أن لا زيادة على الأقساط».

أمّا منسّق لجانِ الأهل في المتن عبدو جبرايل فشدَّد على أنّ الأهالي لن يسدّدوا أيَّ زيادة: «لن ندفعَ ليس لأنّنا لا نريد ذلك، ولكن لأنه ما عاد بوسعِنا الدفع، دمُنا ودفعناه في سبيل تعليمِ أولادنا». وقال لـ«الجمهورية»: «أيّ زيادة هي باطلة، فالمدارس أخَذت سَلفاً على السلسلة وسنُعرقل بالحق من خلال عدمِ توقيعِنا كلجنة أهل على موازنة غير منطقية».

والحلّ؟ يجيب جبرايل: «لتتحمَّل وزارة التربية وإدارات المدارس مشكلة عدمِ توقيعِ الموازنة وليُفتَح تحقيق في الموضوع»، مشيراً إلى «أنّ أكثر من 40 في المئة من الأهالي لم يسدّدوا أقساط السَنة المنصرمة، فيما الزيادة التي يُحكى عنها تتراوح بين مليون ومليون ونص».

من جهتها، أكّدت ميرنا خوري رئيسة اتّحاد لجان الأهل في كسروان الفتوح «أن لا مشكلة للأهل مع الأساتذة، نحن أوّلُ مَن بارَكنا لهم، ولكن المؤسف أنّنا لم نسمع يوماً بطرحِِ كأن تُساهم الدولة في حلّ أزمة الأقساط، أو أن تعيد المدارس حساباتها»، مشيرةً إلى هدفِ الأهل، قائلةً: «نطمح ليضغط وزير التربية من جهة على السلطة السياسية ومن جهة على المدارس لكي تهتمّ بالموضوع».

وردّاً على اعتبار البعض أنْ لا حاجة للأهالي للتحرّك طالما الزيادات لم تُقَرّ رسمياً، تجيب: «هل ننتظر لكي تقعَ المصيبة على رؤوسنا لنتحرّك؟ هل ننتظر زيادةَ المليون مكتوفي الأيدي؟».

وقرابة الساعة الخامسة عصراً أنهى الأهالي اعتصامَهم، وتلت البيان نجاة القصيفي باسيل، وأبرزُ ما جاء فيه: «لن ندفعَ أيَّ زيادة على الأقساط المترتّبة عن السلسلة، ومَن أعطاها فليتحمَّل تبعاتها. ونناشد وزيرَ التربية تفعيلَ خريطة الطريق التي طرَحها في لجنة الطوارئ في 4 أيلول الماضي. كذلك نطلبُ من المدارس الخاصة القيامَ بمراجعة ذاتية للمساعدة في تخفيف الأقساط».