Site icon IMLebanon

التعامل مع الغضب والتعاسة جزء من التربية

كتبت سابين الحاج في صحيفة “الجمهورية”:

يقوم الأطفال بشتّى أشكال ردود الأفعال، ويعبّرون عن الكثير من المشاعر منها الغضب، والحزن… فَهمُ الأهل لما يجول في خاطر الطفل ويسبّب ردودَ أفعاله، يساعدهم على حسن التعامل معه.

إنّ تعبير الطفل عن غضبه جزءٌ لا يتجزّأ من نموِّه. هو يبدأ بفرض نفسه واستقلاليّته في سن 18 شهراً وتترافق نوبات الغضب مع هذا التغيّر النفسي لديه. ثمة نوبات غضب لا تستغرق أكثر من بضع دقائق وغيرها قد يمتدّ لأكثر من ساعة.

ويميل أطفال إلى التعبير عن غضبهم أكثر من غيرهم، ويعني ذلك بحسب علم النفس لدى الأطفال أنهم يميلون إلى فرض أنفسهم أكثر من غيرهم. كما يلجأ إلى التعبير من خلال الصراخ والبكاء، الأطفال الذين لا يبتعدون عن التعبير بالكلام.

هو غاضب

لقد ذهبتم سوياً إلى أحد المجمّعات التجارية الضخمة. وأنتم تمرّون أمام الواجهات الزجاجية لفت نظرَ طفلكم حذاءٌ لمّاع. هو يريد شراءَه الآن، وأمام رفض والدته لطلبه يرمي بنفسه أرضاً ويبدأ بالصراخ.

أسباب كثيرة قد تقف وراء غضبه هذا، منها عدم نومه جيداً الليلة الماضية أو تعبه الزائد خلال النهار، ما يدفعه إلى عدم تمالك نفسه. وربّما حَلِم الطفل فعلاً بارتداء هذا الحذاء وبات يتخايله في رجله ولا يريد العودة إلى البيت بدونه.

لتدارك نوبات غضب الطفل وخصوصاً في الأماكن العامة ينصح بعض الخبراء الأهل بأن لا يرفضوا تنفيذ رغبات الطفل مستعملين أسلوباً قاطعاً. فمن المهين بالنسبة لهذا الانسان الصغير الذي يريد أن يفرض نفسه أن يشعر بسلطة الأهل عليه طوال الوقت.

في المقابل، يمكن رفض شراء ما يتمنّاه الطفل ولكن بطريقة دبلوماسية. مثلاً، تقول الأم لطفلها: «أنا أفهم أنّ الحذاءَ يعجبك وهو فعلاً جميل»، ويمكنها أن تصطحبه ليشاهد الحذاء عن قرب، وتضيف: «لديك حذاء آخر جميل في البيت». كما تقترح على طفلها حلولاً بديلة مثلاً: شراء ملابس جديدة يحتاجها على أبواب الشتاء بدل اقتناء حذاء يضيفه إلى مجموعة الأحذية لديه.

وإن لمستِ أنّ طفلك يصرّ فعلاً على اقتناء هذا الحذاء لا بأس في أن تغيّري رأيك لتفادي تعاسته، إذا كنتِ قادرةً على شراء الحذاء. ويمكنك القول للطفل حينها إنك لم تدركي أنّ شراء هذا الغرض مهم بالنسبة له. ولكن تذكّري أنه ليس عليك الموافقة على ابتياع كل رغباته.

كما أنّ المبالغة ورفض شراء كل ما يرغب به تحت شعار أنّ الطفلَ لا يحتاجه غير عادل، فقد يشعر الطفل في هذه الحالة أنّ الفرح والاستمتاع ممنوعان عليه ويرتّب ذلك تداعيات على حياته وسعادته الحالية والمستقبلية.

أيضاً، لا يجب إهانة الطفل إذا عبّر عن غضبه من خلال القول له: «أنت لا تُطاق»، أو إنزال العقوبات عليه بحرمانه من ما يحب، إذ يجب أن يدرك أنّ تعبيرَه عن رغباته وحتّى بشكل صاخب لا يدمّر حبَّ أهله له.

هو تعيس

إلى ذلك، تُعتبر التعاسة أيضاً إحدى أبرز ردود الفعل التي يقوم بها الأطفال الصغار. فها هو طفلك يُفلت من يده بالونه الأحمر الذي يطير في السماء. هو يبكي بحرقة وينظر إليه يبتعد.

من الطبيعي أن يبكي أيُّ إنسان حين يفقد شيئاً يحبّه، لذا يجب على الأهل في هذه الحالات تفهّم الطفل وعدم التذمّر من بكائه. إذا كانت المرة الأولى التي يفقد فيها بالونه يمكن شراء بالون آخر له، مع حثّه على أخذ العبَر ممّا حصل: «ماذا يمكن أن نفعل لكي لا يفلت البالون»؟، «هل نربطه في معصمك؟». وربما لا يريد الطفل بالوناً آخر بل هذا الذي طار.

إننا لا نزيح دائماً الألم باستبدال ما ضاع منّا بشيء آخر. في هذه الحال، حاولوا مواساة صغيركم، ويمكن أن تفتحوا أذرعتكم له وليبكي في أحضانكم. الدموع تساعده على عدم الاحتفاظ بتعاسته.

وتجنّبوا أن تقولوا له «لا تبكي» لأنّ بكاءَه يعبّر عن ألمه، ولكنّ توقّفَه عن البكاء لا يعني أنه لا يعاني، بالعكس البكاء ينفعه وينفّس من حدّة حزنه.