نظمت مؤسسة مي شدياق ” May Chidiac Foundation”، برعاية وحضور نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة غسّان حاصباني، وبالشراكة مع مؤسسةStiftung Friederich Ebert الألمانية، مؤتمرها السنوي السادس تواصل الأدمغة الحرة FCM،” Free Connected Minds”، الذي تناول تأثير العالم الرقمي على التوجهات الفكرية بأبعادها الاجتماعية والسياسية والإقتصادية.
حضر المؤتمر كل من الرئيس السابق ميشال سليمان، ممثل رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة النائب عمار حوري، وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسبيان، ممثل رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الوزير السابق جو سركيس، كل من السيدات نايلة معوض ومنى هراوي وعدد من النواب والسفراء وأبرز الفعاليات الإقتصادية والإجتماعية.
سعى المؤتمر في نسخته السادسة من جديد إلى تحفيز النقاشات التي لا غنى عنها، حول كيفية المساهمة في المجتمع من حيث الإبداع في عالم الاتصال، والابتكار، والأعمال التجارية القابلة للتطوير وتوفير الحلول للحكم الرشيد، والنشاط المدني.
رحّبت رئيسة MCF الدكتورة مي شدياق بالحضور وقالت، “نجتمع اليوم في نهاية عامٍ تميّز بالأحداث الكثيرة التي هزّت المنطقةَ والعالم. من تَضَعْضُع وحدةِ بعضِ الدول على لحنِ الاستفتاءات الداعية الى الانفصال، الى صعودٍ غيرِ حاسمٍ لليمين المتطرّف والقوى الشعبوية في أوروبا وعودةِ اللغةِ الشوفينية وصراعِ القوميات في كلِّ أقطارِ العالم، وصولاً الى واحدةٍ من أكثرِ السنواتِ السوداويّةِ بتاريخ الصحافةِ والرأيِ الحر والتي انتهت بفاجعةِ اغتيالِ الصحافية المالطية Daphne Galizia….”
وأضافت، “لم تستطِع العولمة والاتصالاتُ السريعة تحويلَ العالم الى مكانٍ أكثر أماناً وأكثر ديمقراطيّة بالسرعة التي كان يتوقّعها البعض وحارت التحليلات بين من يشيد بفعلاية التكنولوجيا الحديثة ومن يحمّلها مسؤولية نشر الكراهية. لكننا كأبناء للحرية وروادٍ للتواصل وأصحاب عقولٍ متنوّرة، نعلم جميعنا أن مسار التاريخ واضح لا يتغيّر والحريّة هي الرابح الأخير في هذه المعركة الوجوديّة لو مهما كثر جلّادوها.” وختمت الدكتورة شدياق قائلةً ” وفي خضم التقارير التي تتحدّث عن انحدار مؤشر الحرية للصحافة في العالم، من البديهي اليوم أن نناقش التحديّأت الأمنية والسياسية التي تواجهها هذه المهنة مع صحافيين من مختلف أقطار العالم. نأمل أنْ يُشكِّلَ لقاؤنا التفاعليّ اليوم الذي يجمع بين خبراء وأخصائيين ( أتى بعضهم خصّيصاً من الخارجِ للمشاركةِ فيه ) والحضور الكريم نموذجاً، وإن مصغّراً، لتلاقي الأفكارِ وتبادل الآراء بموضوعية كي نستخلص أفكاراً رائدة يُمكِنُ أن تُتَرْجَمَ مستقبلاً بخطواتٍ عمليّة.”
من جهته، تحدث الممثل المقيم لمؤسسة Friedrich-Ebert-Stiftung (FES)في لبنان Achim Vogt عن دراسة أنجزتها FES في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث تم إنجاز أكثر من عشرة آلاف مقابلة في تسع بلدان عربية تبيّن من خلالها أن 9% فقط من شباب لبنان لديه ثقة بالمجلس النيابي والأحزاب السياسية و 10% فقط يثقون بالإعلام. وهذه الأرقام تشكل سبب إضافي للإضائة على النماذج القيادية الناشئة والإعلام. والا أن ألمانيا تحتفل غداً بالذكرى ال28 لسقوط جدار برلين. وأضاف، “استمر وجود الجدار 28 سنة، لكن بدأً من الغد سنعيش أكثر من عمر هذا الجدار، وخلص بالقول: “دعونا نتمنى عدم ظهور جدران فاصلة في المستقبل”.
راعي الحفل نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة غسّان حاصباني الذي واكب المؤتمر منذ إنطلاقة النسخة الأولى وساعد في وضع إطاره وجدول أعماله، صرّح بأننا “نعيش اليوم في عالم يتحول بوتيرة أسرع من قدرة القياديين على التأقلم معها. “ونتيجة للثورة الرقمية، نعيش تحولات إقتصادية وتكنولوجية وجيو سياسية تحدد معالم المستقبل وهي متوقعة أن تستمر في التفاعل والنضوج خلال العقود الأربعة القادمة، إنه العالم ما بعد العولمة.”
وأضاف” هذا العالم الجديد مبني على المعرفة والتواصل والحرية، عناوين ثلاثة اختصرها عنوان هذا المؤتمر. فهذا المؤتمر يقدم منصة للحوار وتبادل الأفكار حول حاضر ومستقبل العالم، وهذا أمر أصبح العالم بأمس الحاجة إليه. وتابع الوزير حاصباني أنه بالمعرفة والتواصل يرتفع منسوب الحرية لكن معها يرتفع منسوب التعدي عليها وتخطي الأعراف والقوانين إلى حد التضليل, ويتأرجح العالم اليوم بين الحرية والفوضى وتتغير مفاهيم كثيرة نتيجة لذلك. وقال حاصباني ان العالم ما بعد العولمة أصبح أكثر تواصلا وحرية لكنه مهدد بأن يكون اقل حصانة واستقرار وأكثر ترابطا بالأحداث.
لذلك لدى البلدان الصغيرة مثل لبنان فرصة كبيرة لتوسيع نطاق التأثير الفكري والإقتصادي والإجتماعي، لكن المخاطر قد تكون كبيرة أيضاً إذا لم يكن لبنان محصناً لنفسه من دون التدخل بشؤون الغير أو تدخل غيره بشؤونه.”
كعادته، استضاف مؤتمر FCM خبراء واختصاصيين من مختلف مختلف أنحاء العالم والمنطقة العربية لمناقشة تأثير التكنولوجيا على الحياة اليومية، العولمة، الأعمال، السياسة، الإقتصاد وطبعاً حرية التعبير، بالإضافة إلى تغيّر التوجهات الفكرية وإعادة رسم الحدود في العالم.
بدأ المؤتمر بحديث خاص مع Miguel Angel Moratinos وزير خارجية إسبانيا السابق صاحب الخبرة السياسية الواسعة والضليع في مسائل المنطقة الشائكة كونه كان ممثل الإتحاد الأوروبي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط بين عامي 1996 و2003 الذي أشار خلال نقاشه مع الإعلامية يمنى نوفل أن الديبلوماسية ليست مهمة سهلة، فإتخاذ القرارات صعب جداً ويحتاج إلى مثابرة وإرادة سياسية قوية. كما تحدث عن عمله الديبلوماسي في المنطقة وأشار أنه قد أتى بهدف تحقيق السلام. تطرق Moratinos أيضاً إلى حديث دار بينه بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري عقب توليه المنصب في لبنان حيث قال له الرئيس الحريري أن الأمور في الشرق الأوسط معقدة جداً. وأضاف أن منطقة الشرق الأوسط تحتاج إلى فترة من السلام والهدوء. وأكمل الديبلوماسي المخضرم حديثه عن الأزمة في سوريا وأوضح أنه يدين ما قام ويقوم به الأسد.
في الفصل الأول، تم طرح موضوع حال العالم والنماذج القيادية الناشئة في عصر ما بعد العولمة. وقد شارك في هذه الجلسة كل من: الأستاذ الجامعي ومؤسس IRSEM Frederic Charillion، الذي تحدث عن الديموقراطية وأشار في حديثه بأن فرض مفهوم الديموقراطية بالقوة قد فشل وأبرز مثال على ذلك هو ما حصل في العراق حتى الآن.
السفير السابق ورئيس MBN Alberto Fernandez الذي تحدث عن داعش وقال أن نهاية هذا التنظيم قريبة ولكن يبقى السؤال ما هي النماذج والايديولوجيات التي ستجذب المواطن؟ فالناس تبحث عن بدائل والبدائل لا تنبؤ بالخير. كما أشار أن بعض الأنظمة تحاول أن تطلق بعض الإصلاحات والتحسينات.
نائب رئيس مجلس الوزراء السابق في الأردن ونائب رئيس Carnegie Endowment for International Peace مروان معشّر إعتبر المقولة التي تشير بأن الربيع العربي قد إنهار هي غير صحيحة، إذ نحن نشهد المرحلة الأولى من مسار طويل ومسار التاريخ واضح، الناس يرفعون الصوت والأنظمة لم تعد قادرة على الحكم كما يحلو لها.
عضو البرلمان في المملكة المتحدة Alec Shelbrookeأورد بأن الشعوب تريد الحرية والإستقرار، مشدداً على أهمية الإصلاحات وتوزيع الثروات بشكل منصف للمضي قدماً. وقد حاورهم الدكتور سامي نادر Director of Levant Institute for Strategic affairs (Lebanon.
كان للسيدة رولا موسى مؤسسة Netways و Diaspora ID أو ما يعرف بـ “المنصّة الإلكترونية الرقمية” أول موقع الكتروني بهذه الضخامة اللي بضم رجال أعمال لبنانيين مغتربين في العالم، اللي بشكل نقطة قوة للبنان، مداخلة مميزة خلال المؤتمر لتسليط الضوء على أهمية العولمة بالنسبة للبنان ودور قادة الأعمال الناشئين في بلورة هذا المفهوم في ظل تطور القومية الاقتصادية والتكامل الرقمي. وأشارت أن “هذه الطبقة العاملة تشعر العولمة التي أفادت النخب والشركات الكبرى أضرت بها. فالشركات، ولتقليص مصاريف الإنتاج لجأت إلى اليد العاملة الرخيصة في البلدان الناشئة، واستقطبت أصحاب المهارات المعرفية من كل البلدان، فكان أن ازداد الطلب على العمال المختصصين، وأصحاب المهارة المعرفية من كل البلدان فكان أن ازداد الطلب على العمال المتخصصين، وأصحاب المهارة المعرفية فيما برزت اليد العاملة التقليدية كالخاسر الأكبر في عصر ما بعد العولمة”.
طرح الفصل الثاني موضوع الوجه الجديد لإدارة الأعمال الدولية. وشارك في هذا الحوار السيد Emre Gurkan المدير التنفيذي لشركة Touch الذي تحدث عن الشباب اللبناني الذي لا ينجذب إلى عالم الإتصال بشكل عام وقال أن ما ينقص لبنان هو ريادة الأعمال وبناء القدرات والخبرات.
أما مديرة Microsoft MENA Region and Pakistan ليلى سرحان أشارت الى أن الذكاء الإصطناعي هو في قلب الثورة الرقمية الرابعة.
بالإضافة إلى ذلك، أورد الدكتور فؤاد زمقحل رئيس RDCL World أن العديد من التغييرات تحصل في مسألة التكنولوجيا، والإقتصاد في المنطقة. وقد أكد أن العالم يتغير وعلينا أن نعترف بهذا الأمر. وقد حاورهم في هذه الجلسة الخبير الصحافي توفيق جبران.
كما شارك في المؤتمر مدير MBC Group علي جابر حيث تطرّق إلى موضوع مكافحة التطرف والإرهاب من خلال الإعلام، لا سيما مسلسل “غرابيب سود” الذي يعتبر من أضخم الإنتاجات العربية لهذا العام والذي حظي بإشادة الجمهور، لكنه واجه العديد من الانتقادات. أشار علي جابر خلال المقابلة أن الإعلام مهنة مميزة بغض النظر عن بعض الممارسات السيئة. وأضاف أن هناك مسؤولية كبيرة على كل وسيلة إعلامية تصل أخبارها إلى الناس. وأضاف أن الإعلام مؤثر جداً في تشكيل الوعي الإنساني والأخلاقي. عند التحدث عن مسلسل “غرابيب سود”، أشار جابر أن توقف البرنامج قد حصل لأسباب مهنية بحتة وليس بالتأكيد بسبب التهديدات. وأكّد أن نسبة التهديدات التي تصل إلى الصحافيين في البرنامج تدل على نسبة النجاح. وقد حاورته الإعلامية في تلفزيون المستقبل Paula Yaacoubian.
خلال محاضرتها، تطرقت Barbara Trionfi المديرة التنفيذية للمؤسسة الدولية للصحافة (IPI) عن الحملة القائمة بهدف إطلاق سراح 170 صحفي محتجز في تركيا. قالت Trionfi “أنه قد رأينا في الشرق الأوسط قدرة التكنولوجيا الرقمية ووسائل الإعلام الاجتماعية على تغيير الواقع الاجتماعي والسياسي حيث توفر للشباب وسيلة رخيصة وفعّالة للتعبير عن إحباطهم.” وأضافت: ” إن التصور الخاطئ الأول، الذي نشأ كنتيجة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعية، هو أن الصحافة تساوي حرية التعبير، وكل شكل من أشكال التعبير له نفس القيمة العامة: ولكن الصحافة تعمل ضمن إطار من القيم ولها غرض معين.” وفي ما يخص الحملة قالت Trionfi “منذ يوم دخولهم إلى السجن، وحتى يومنا هذا، كتب أعضاء IPI خطابات إلى السجن، وصوروا مقاطع فيديو تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، كما اجتمعوا شخصيا مع سفراء تركيا في جميع أنحاء العالم، وذهبوا إلى اسطنبول للإدلاء بشهادات علنية أمام المحكمة، حيث يتم محاكمة الصحفيين.”
أما الفصل الثالث، فقد ركّز على موضوع أعلى هبوط لمؤشر حرية الصحافة وشارك في هذا الحوار شخصيات بارزة ومنهم المراسلة والمخرجة Sofia Amara، التي قالت أن هناك تراجع كبير في حرية الصحافة على الصعيد العالم وقد حملت الوسائل الإعلامية على أنواعها مسؤولية لأنها لا تعطي الصحافيين المساحة الكاملة للقيام بعملهم. بكر عطياني رئيس مكتب آسيا Arab News، تحدث عن حادثة إختطافه من قبل جماعة أبو سياف الإرهابية وقال أن تلك التجربة جعلته يؤمن أكثر بمهمته كصحافي. المصوّر الصحفي المستقل Jes Aznar، الذي قال أن مهنة الصحافة هي تحت التهديد الدائم منذ سنوات بسبب صعود نجم مواقع التواصل الإجتماعي وأضاف أنه علينا العودة إلى أصول الصحافة الحرة. ورئيس مراسلين بلا حدود Pierre Haski الذي أشار إلى حدوث 3 أمور رئيسية بعد الحرب الباردة، ألا وهي تقلص الثقة بالصحافة، إفلاس العديد من وسائل الإعلام وظهور وسائل التواصل الإجتماعي. وقد حاورتهم الإعلامية يمنى نوفل.