كتبت صحيفة “الديار”:
هل تخرج «العمة» بهية الحريري عن «صمتها» لانقاذ نجل شقيقها الشهيد رفيق الحريري من «الاغتيال» المعنوي بعد «اغتياله» سياسيا من قبل المملكة العربية السعودية التي لم تتوقف عند ابعاد قرارها وانعكاساته على السنة في لبنان؟ هل يخرج انصار «تيار المستقبل» الى الشارع اليوم بعد صلاة الجمعة للمطالبة باطلاق «سراح» رئيس الحكومة الذي «ثبت بالوجه» الشرعي لمفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، وللقيادات السياسية اللبنانية على مختلف «مشاربها» انه مغيب «قسرا» وليس بارادته؟ هل نحن امام ساعات حاسمة قبيل «انكسار» الجرة بين سنة لبنان وراعيتهم الاقليمية «التقليدية» بعد «الدعسة الناقصة» التي ارتكبها ولي العهد محمد بن سلمان؟ ام ثمة مبالغة في ذلك؟ لماذا تخشى الرياض عودة الحريري لبضع ساعات؟ ولماذا تراجع الرئيس فؤاد السنيورة مساء عن مضمون بيان كتلة المستقبل؟ هل اقتربت عناصر المواجهة بين الدولة اللبنانية والمملكة العربية السعودية من «الانفجار» مع بلوغ «الكباش» مرحلة متقدمة تنذر بمواجهة علنية ودون «قفازات»؟ بعدما بلغ تبادل «الرسائل المشفرة» ذروته بالامس مع تسريب تصريحات لمسؤول لبناني كبير يتهم المملكة بالاخفاء القسري لرئيس الحكومة سعد الحريري، وردت عليه الرياض بعد اقل من ثلاث ساعات بدعوة رعاياها لمغادرة الاراضي اللبنانية فورا، مصحوبة بتغريدة «تهديد» جديدة لوزير «الحرب» السعودي المكلف ملف «اخضاع» لبنان ثامر السبهان… تلاها دعوة مماثلة من الامارات والكويت… ويبقى السؤال الاهم هل ترضخ المملكة للضغوط المحلية والدولية وتمنح الحريري «اطلاق سراح» مؤقت «ومشروط» لامتصاص الغضب المتصاع…؟
اسئلة لن تتاخر الاجابة عنها، فالايام القليلة المقبلة ستكون حاسمة، على الرغم من «ابرة المورفين» المتمثلة بزيارة البطريرك بشارة الراعي الى الرياض ووعد السعوديين بتدبير لقاء له مع الحريري، لكن هذا الامر لن يغير شيئا من الواقع، تقول اوساط سياسية بارزة على صلة مباشرة بالملف، فاذا لم ينجح الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الذي وصل مساء امس الى المملكة في «فك» «اسر» رئيس الحكومة، ولم يقدم سفراء الدول الكبرى وعودا واضحة بهذا الشان اليوم خلال لقاءهم رئيس الجمهورية، فان الامور ستلعب على «المكشوف» في بيروت، بعد ان نجحت الادارة الحكيمة للازمة بالحصول على الدعم «السني» المطلوب للذهاب الى النهاية لاسترداد الرئيس الحريري…
ملف الحريري شأن سعودي داخلي!
ووفقا لاوساط بعبدا، بلغت الامور ذروتها امس مع اخفاق رئيس الجمهورية ميشال عون في التواصل مع رئيس الحكومة منذ يوم السبت الماضي، وخلافا للمتداول اكدت تلك الاوساط ان الرئيس لم يسمع وعدا من الحريري بالعودة خلال ايام الى البلاد، وحصل ارتياب كبير بعد الاتصال بين الرجلين والذي لم يستغرق اكثر من ثوان معدودات، حيث قال الحريري للرئيس « لقد قدمت استقالتي، انا منيح، ومنحكي بعدين» وانقطع الاتصال الهاتفي… بعدها حاول قصر بعبدا التواصل معه او مع احد من افراد عائلته منذ يوم السبت الماضي، ولكن دون جدوى، وبانتظار ما ستسفر عنه زيارة الرئيس الفرنسي الى المملكة، تبلغ الرئيس امس ان الوساطة الفرنسية فشلت، وكذلك تبلغ موقفا مبهما من الرئيس الفلسطيني محمود عباس العائد من الرياض، بعدما التقاه المدير العام للامن العام عباس ابراهيم في عمان امس بتكليف من الرئيس..في هذا الوقت لم يبذل الاميركيون اي جهد لحل الازمة، وهم يتعاملون «ببرودة» تامة مع هذا الملف، وقد نقل دبلوماسيون غربيون في بيروت كلاما اميركيا «مريبا» مفاده ان السعوديين يتعاملون مع قضية الحريري باعتبارها شانا سعوديا داخليا…؟! وهذا ما استدعى تصعيد الموقف «بتسريب» تصريح المسؤول الكبير لوكالة رويترز باعتبار الحريري «محتجزا» في المملكة…
تحولات “«المستقبل”
هذا التحرك سيكون «اول الغيث» بعد «التحول» الدراماتيكي في موقف «النواة» الصلبة داخل تيار المستقبل والتي تظهرت في افتتاحية صحيفة «التيار الازرق» امس، وبيان الكتلة والمكتب السياسي الذي تلاه بالامس النائب فؤاد السنيورة الذي تعرض مساء «لتأنيب» شديد اللهجة من الوزير السبهان ما اضطره الى الخروج «بتوضيح» كان لزوم ما لايلزم، ووفقا لاوساط في تيار المستقبل، ثمة مبالغة في الحديث عن «انقلاب» جذري ضد السعودية، «ومفتاح» تخفيض منسوب «التوتر» يكون بعودة الحريري، لكن اذا تاخر الامر لا يمكن وقف التداعيات، وفي هذا السياق ابلغت النائب بهية الحريري المحيطين بها وخصوصا نجليها نادر واحمد، انها لن تستطيع ان تبقى على «صمتها» ازاء ما يحصل مع «سعد»، ولفتت الى انها لن تقف عند حدود اي «خطوط حمراء» سياسية في مقاربتها للموضوع، وقالت نحن نتحدث عن «ولدي» وابن اغلى واقرب انسان الى قلبي، ووقوفي مكتوفة الايدي هو خيانة لرفيق الحريري واغتيال ثان له، لكن هذه المرة من «داخل البيت»…
وبحسب تلك الاوساط تتجه النائب الحريري الى عقد مؤتمر صحافي باسم العائلة «لكشف المستور» حيال ما جرى مع الرئيس الحريري، وعلى الرغم من نصيحة البعض بضرورة الاخذ بعين الاعتبار خطورة خطوة كهذه وتأثيرها على «مصيره»، الا انها اكدت ان «صبرها» لن يطول ولن يكون ما سيحصل اسوأ مما حصل حتى الان مع رجل لم يسىء يوما الى المملكة، ودفع مع عائلته اثمانا باهظة لاجلها…
هذا الموقف، يجد صداه ايضا في الشارع «المستقبلي» حيث تبذل قيادة التيار جهودا حثيثة لمنع دعوات انتشرت على نطاق واسع بين منسقيات بيروت والمناطق للخروج الى الشارع بعد صلاة الجمعة اليوم تضامنا مع الرئيس الحريري، وللمطالبة بعودته الى بيروت، وقد سمع مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان كلاما «تشجيعيا» من وزير الداخلية نهاد المشنوق يحثه فيه على ضرورة اتخاذ موقف متقدم بشان مصير الرئيس الحريري بعد ان وصلت الامور الى «طريق مسدود»، خصوصا ان الاتصال مقطوع معه منذ يوم السبت وكل المؤشرات توحي بان السلبية هي سيدة الموقف، وقد نقل عن المشنوق قوله «ان هذه السعودية لم تعد هي الممكلة التي نعرفها نحن لم نتغير بل هي التي تغيرت»، وقد عبر بوضوح علنا عن سخطه بالامس عندما اكد ردا على سؤال حول احتمال تولي بهاء الحريري المسؤولية بدل اخيه بالقول «لسنا غنم، وهذا الكلام يدل على جهل بطبيعة السياسة في لبنان والامورهنا تحصل بالانتخابات وليس بالمبايعات”…
السنيورة «يتهيب» الموقف؟
وعلى الرغم من محاولته «تلطيف» بيان «المستقبل» ونفيه ان يكون تصعيدا بوجه السعودية، تشير اوساط سياسية مطلعة الى ان «المفاجئة» في الساعات الماضية كانت في موقف رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة الذي واكب الموجة التصعيدية بعد ساعات قليلة من استقالة الحريري، ثم تراجع تحت وطئة «تهيب» الموقف وغموضه… وبعد ان «تلمس» طبيعة ما يحصل مع الرئيس الحريري في السعودية، اكتشف خطورة قيامه بخطوات وتصريحات فسرت على انها محاولة للغدر برئيس الحكومة «المستقيل»، وقد لمس حالة «الغليان» عند قاعدة ومسؤولي منسقيات تيار المستقبل في بيروت والمناطق ازاء هذا الامر، وهو عزز من تواصله مع النائب بهية الحريري ونجلها نادر لاعادة تصويب الامور، «والمفاجئة» الاخرى كانت في حصول اتصالات بعيدة عن الاضواء بينه وبين اكبر»خصومه» السياسيين على الساحة اللبنانية لمواكبة التطورات المتلاحقة… ووفقا للمعلومات، فان «تراجع» السنيورة مساء «خطوة الى الوراء» يعود ايضا الى تبلغه من «اصدقاء» سعوديين تمكنوا من مغادرة المملكة قبل البدء بعملية «التطهير»، بان اسمه مدرج في قائمة «المطلوبين» في السعودية وعندما تتوسع التحقيقات سيساعد الاميركيون في ملاحقته على خلفية اتهامه بمساعدة الرئيس الحريري وخالد التويجري على «تكسب»اكثر من 12 مليار دولار بطرق غير شرعية من خلال علاقاته المصرفية مع مصرفين لبنانيين…