IMLebanon

شعرة معاوية (بقلم بسّام أبو زيد)

كتب بسّام أبو زيد

ما من أحد في لبنان يعرف حقيقة حجم ما قدمته المملكة العربية السعودية لهذا البلد على مختلف الأصعدة واستفاد منه جميع اللبنانيين من دون استثناء.

إن أبرز ما قدمته المملكة للبنان هو اتفاق الطائف، فقد كانت لاعبا أساسيا في هذا الموضوع، وضغطت في شكل كبير على النواب المشاركين حتى توصلوا الى صيغة تنهي الحرب وتخفف من الخلاف السياسي. وبصريح العبارة لقد أتى هذا الاتفاق في مصلحة السُنة في لبنان، إذ تحولت رئاسة الحكومة بفعل الممارسة والدستور إلى حجر الزاوية في ممارسة الحكم، إذا سقطت تعطل مع سقوطها كل مسار الدولة وشلت كل المؤسسات الدستورية عن مهام أساسية تمارسها.

اتفاق الطائف هذا ما زال حتى اليوم الصيغة التي يتمسك بها الجميع حتى معارضوها، والكل يتحدث عن ضرورة استكمال تطبيقه باعتباره الوسيلة الوحيدة التي تتيح إصلاح الكثير من الامور التي يشكو منها اللبنانيون، مع الإشارة الى أن ممارسة الحكم وفق الطائف أظهرت بعض الثغرات، وهو أمر طبيعي في كل الاتفاقات الدستورية، وإن اتفق اللبنانيون على تعديلات يمكنهم عندها سد العديد منها.

لقد فتحت المملكة العربية السعودية أراضيها أمام اللبنانيين كي يعملوا هناك في العديد من المجالات، وساهموا في بنائها وتطويرها، ولكنهم طبعا لم يعملوا مجانا بل حقق الكثير منهم على مدى السنوات الطويلة ثروات مالية وظفوها في لبنان وخارج لبنان، وشكلوا الرئة الوحيدة التي أنقذت اللبنانيين في فترات متعددة من تاريخهم الحديث من أوضاع اقتصادي صعبة.

يعرف جيدا هؤلاء اللبنانيون الذين عملوا في المملكة صعوبة ما كانوا ينوون القيام به لجهة توظيف أموالهم في اسثمارات في لبنان، ففي أي لبنان يمكنهم أن يستثمروا وأن يضمنوا سلامة استثماراتهم؟

هل في لبنان الذي كان تحت سيطرة منظمة التحرير منذ العام ١٩٦٧ وحتى العام ١٩٨٢ وكانت إسرائيل تعتدي عليه في شكل شبه يومي؟

هل في لبنان الحرب التي استمرت منذ العام ١٩٧٥ وحتى العام ١٩٩٠ والتي لم تترك قطاعا إلا ودمرته؟

هل في لبنان الذي كان تحت الوصاية السورية منذ العام ١٩٩١ وحتى العام ٢٠٠٥ وهو لم يكن مستقرا لا سياسيا ولا أمنيا؟

هل في لبنان منذ العام ٢٠٠٥ وحتى اليوم وهو شهد ما لم يشهده في أسوأ ايامه من تدهور أمني وسياسي واقتصادي وشهد أشرس حرب إسرائيلية ضده؟

إن ما بين لبنان والسعودية من إيجابيات هو أكثر بكثير مما بينهما من سلبيات، وإن كل مشكلة مهما كبرت ستجد حلا إن أدرك الطرفان أن المصالح المشتركة التي تجمعهما لا يجوز لأي فريق آخر أن يدمرها أو أن يأخذهما نحو تدميرها، في لحظة غلبت فيها العصبية على المنطق فاستغلها أعداء الطرفين كي يشعلوا المواجهة بينهما ويقطعوا شعرة معاوية.