سجلت الأوساط السياسية تعاطياً سلبياً مع المنحى الذي فتحته مقابلة الرئيس سعد الحريري الاحد من الرياض، تقول الأوساط نفسها لصحيفة “اللواء”: بدل ان يلاقي فريق رئيس الجمهورية الأجواء الهادئة والإيجابية للمقابلة وتوجهات من كان يتكلم خلالها، والذي وجّه إشارة طيبة للرئيس ميشال عون، عند منتصف الطريق، ويعلن الاستعداد للبحث في اسبابها وتدارك الضرر الذي يصيب لبنان من تأزم العلاقات مع محيطه العربي لا سيما الخليجي والسعودي، ذهب باتجاه صادم، طرح أسئلة حول المصلحة الوطنية في توريط البلد مع المملكة العربية السعودية؟
فزوار بعبدا ينقلون عن رئيس الجمهورية ان “الحملة الوطنية والدبلوماسية التي خاضها لبنان من أجل جلاء الغموض حول وضع الرئيس الحريري في المملكة العربية السعودية اعطت نتائجها الايجابية”.
وتساءلت الأوساط ماذا يتضمن هذا الموقف: هل يتضمن إشارة، وصفتها الأوساط العربية، بأنها “استفزازية” للمملكة، ان الضغط عليها نجح، وهي كانت “تحتجز رئيس الحكومة؟”.
وهذا مجاف للحقيقة، ولا يتفق مع معطيات الاستقالة التي تحدث عنها صاحبها في البيان الذي اذاعه مباشرة عبر شاشات التلفزة..
وتتساءل هذه الاوساط: لماذا يدفع فريق الرئيس إلى استكمال الحملة ضد المملكة؟ وما المصلحة الفعلية في ذلك؟! وتقول هذه الأوساط بدل ان يُطلق فريق الرئيس المبادرة بحكم علاقته المتينة مع “حزب الله” للبحث في وقف تدخله في اليمن وغيرها، تراه يمضي في طريق لا يخدم معالجة الاستقالة ولا ظروفها أو مسبباتها..
وعشية سفره اليوم إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون، عاد الوزير جبران باسيل إلى الحديث عن عودة الرئيس الحريري بحرية إلى لبنان حيث يمكنه الإعلان عمّا يشاء، في إيحاء غير بريء بأن ما أعلنه الرئيس الحريري في المقابلة التلفزيونية لم يكن من زاوية “حريته الكاملة” في إعلان ما يشاء، وهذا تعريض إضافي بالمملكة..
ولم يقف باسيل عند هذا الحد، بل حدّد غداً الأربعاء موعداً لعودة الحريري، وهو الأمر الذي يقرره حصراً الرئيس الحريري..
وهذه التساؤلات العربية المقبلة، لم تخفها دوائر بعبدا التي فضلت “التريث”، معتبرة ان “السعوديين لم يقولوا كلمتهم بعد”، خالصة إلى ان الأزمة لم تنته بعد، على الرغم مما وصفته بالايجابيات التي تتقدّم على السلبيات.
وفيما رجحت مصادر مطلعة ان يعود الرئيس الحريري إلى بيروت قبل نهاية الأسبوع، اتجهت الأنظار إلى اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية الأحد المقبل في القاهرة لمناقشة التدخلات الإيرانية في القضايا العربية، واتخاذ موقف من هذا التدخل، والموقف الذي يمكن ان يتخذه لبنان، لجهة “النأي بالنفس” أو امتناع وزير الخارجية عن حضور الاجتماع تجنباً للاحراج، والاكتفاء بإرسال مندوب.
وسيكون هذا الموضوع مدار مناقشة بين الرئيسين عون والحريري قبل انعقاد الاجتماع.
تجدر الاشارة إلى ان “حزب الله” لم يعلن موقفاً مما قدمه الرئيس الحريري من مخارج للأزمة، والحزب معني بها بصورة مباشرة.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” ان أولوية الأولويات لدى الرئيس عون في هذه المرحلة هي عودة الرئيس الحريري، مشيرة إلى انه (أي عون) ذكر ذلك منذ اليوم الأوّل وأصر عليه، وهو ينتظر الآن عودة الحريري التي قال انها ستكون قريبة للبحث معه في ملف إعلان الاستقالة.
وفيما توقعت المصادر السياسية، ومنها وزير الخارجية جبران باسيل، ان تتم هذه العودة قبل العرض العسكري المركزي في وسط بيروت، في حضور الرئيس عون وأركان الدولة، فإنها سجلت ارتياح رئيس الجمهورية لما ورد في مضمون كلام الحريري، ولا سيما بالنسبة للتمسك بالدستور بما خص تقديم الاستقالة، وما ألمح إليه في ما خص العودة عن الاستقالة، كما بالنسبة لاستمرار التسوية، في حين ان الكلام عن النأي بالنفس يحتاج إلى توضيح، وهو ما سيكون حاضراً في لقائهما.