Site icon IMLebanon

انتبه التعرض لإصابات في الليل!

توصلت دراسة قام بها فريق من الباحثين من الأطباء في بريطانيا إلى أن الإصابات الجلدية والجروح أو الحروق الجلدية، التي تحدث في أثناء الليل تلتئم بدرجة أبطأ من تلك التي تحدث في أثناء النهار!

وتلتئم الإصابات التي تحدث ليلاً بدرجة أبطأ من الإصابات التي تحدث نهاراً بنسبة 60 في المائة، حسبما ذكرت الدراسة، التي نُشِرت في مجلة علوم الطب الانتقالي Science Translational Medicine..

وربما يعود سبب ذلك إلى إيقاعات الساعة البيولوجية اليومية، التي -كما هو حال معظم الخلايا الموجودة بالجسم تقريباً- تعمل وفقاً لدورة مستمرة على مدار 24 ساعة وتدخل حالة من السكون في أثناء الليل حسب تقرير نشرته  Live Science. ولكن فوجئ الباحثون بشكل أكبر بأن عملية الالتئام لا تتباطأ وحسب؛ بل إن توقيت الإصابة يحدد تماماً السرعة التي ستلتئم بها الإصابة.

وقال رئيس الفريق الذي أجرى الدراسة نيد هويل، الباحث في مجال البيولوجيا الجزيئية (علم الأحياء الجزيئي) بجامعة كمبردج بالمملكة المتحدة: “ما توصلنا إليه يتمثل في أن كيفية التعافي تعتمد على التوقيت الذي تعرضت فيه للإصابة. وتعتمد سرعة التعافي أو الالتئام على مدى سرعة وصول خلايا معينة إلى المنطقة المُصابة كي تقوم بإصلاحها، وهذا يعتمد على الهيكل المُصغر، الذي تتحكم فيه الساعة البيولوجية”.

ولدراسة توقيت التئام الجرح، ألقى الباحثون أولاً نظرة على خلايا الجلد التي تُسمى الخلايا الليفية اليافعة والتي جرى استزراعها داخل أطباق المختبر على مدار أيام عديدة، حسبما ذكر هويل لموقع Live Science.

وتوجد هذه الخلايا في أعمق طبقة من الجلد وتُسمى طبقة الأدمة. فعندما تحدث الإصابة أو الجُرح، تنتقل الخلايا الليفية اليافعة إلى السطح، حيث تتعلق مهمتها بتخليق وبناء الدعم الهيكلي للجلد الجديد، والذي يتضمن ما يُسمى النسيج الخارجي للخلية والكولاجين.

 

بروتين أكتين

ولكن، بالاعتماد على الوقت الذي حدثت خلاله الإصابة من اليوم، تختلف السرعة التي تنتقل بها الخلايا الليفية اليافعة إلى سطح الجلد، وذلك بفضل بروتين يوجد داخل نوع من الخلايا ويُطلق عليه أكتين، حسبما اكتشف الباحثون.

ويعتبر الأكتين هو البروتين الذي يشكل جزءاً مهماً من الهيكل الخلوي، وهو الهيكل الداعم الذي يمنح الخلايا شكلها. فعندما تصدر أوامر بـ”النوم” إلى الخلايا من قِبل الساعة البيولوجية، يتغير شكل بروتينات الأكتين.

وأضاف هويل: “توصلنا إلى أنه في أثناء النهار، يتخذ الأكتين شكل الشعيرات الطويلة في الغالب، وفي أثناء الليل، يتخذ غالبية الأكتين الشكل الكروي. ونعرف أن خيوط الأكتين تعد هامة للغاية في السماح للخلايا بالانتقال”.

ونتيجة لتلك التغييرات، فإن الخلايا الليفية اليافعة تنتقل إلى مكان الجرح أو الإصابة بدرجة أبطأ في الليل عندما يكون الأكتين كروياً في الأغلب. وفي تجربة أُجريت لاحقاً خلال الدراسة، لاحظ الباحثون التأثير نفسه في جلد الفئران.

وعندما ألقى الفريق نظرة على السجلات الطبية للمرضى البشريين ممن تعافوا من الحروق، وجدوا أدلة على الظاهرة نفسها بالضبط: وقال هويل: “إن الجروح التي حدثت نهاراً التأمت خلال 17 يوماً، في المتوسط، مقارنةً بالفترة التي التأمت خلالها الجروح التي حدثت ليلاً، والتي وصلت إلى 28 يوماً”.

ومع ذلك، لم يتضح السبب الدقيق في أن الجروح التي تحدث ليلاً تستغرق وقتاً أطول كي تلتئم، وتوقع الباحثون في الأساس إن الخلايا الليفية اليافعة ستعوض الحلقة المفقودة في أثناء النهار، ولكن لم يحدث ذلك، حسبما ذكر هويل.

وقال هويل: “تعتبر هذه النتيجة إحدى أكثر النتائج المذهلة.. إن ما نحن بصدده يبرز التأثير الحاسم لوقت الإصابة. فالخلايا التي تتعرض للإصابة في أثناء الليل لا تلحق بها أبداً”.

وصرح هويل بأن هذه النتيجة يمكن استخدامها مستقبلاً في تطوير أسلوب لخداع الخلايا للاعتقاد بأن هذا التوقيت نهار، إذا تطلب الإجراء تطبيقه في أثناء الليل. وأضاف أن هذا التدخل ممكن من الناحية الفنية.

وبالإضافة إلى ذلك، قال هويل إنه يأمل دراسة عمليات الالتئام بشكل أكبر؛ نظراً إلى أن هذه العمليات مُعقدة للغاية وتتضمن العديد من الخلايا والبروتينات الأخرى خلاف الخلايا الليفية اليافعة والأكتين.