كتبت رنا سعرتي في صحيفة “الجمهورية”:
بعدما كانت فروع المصارف اللبنانية في إقليم كردستان العراق مهددة بالاقفال عملاً بقرار مجلس النواب العراقي بعدم تحويل العملة الاجنبية اليها وتعليق اعمالها، سمح المصرف المركزي العراقي امس باعادة العمل مع مصارف الاقليم وفقاً لتدابير جديدة.أصدر البنك المركزي العراقي امس، تعميماً يوضح فيه الملابسات التي جاءت في تعميمه السابق الصادر الاسبوع الماضي والذي طلب فيه تعليق أعمال فروع المصارف في اقليم كردستان ضمن مهلة أسبوع، تطبيقاً لقرار مجلس النواب العراقي المرقم 58 والذي نصّ على عدم بيع العملة الاجنبية الى المصارف العاملة في الاقليم او التي لديها فروع فيه.
ولم يكن التعميم الاول واضحاً بالنسبة للمصارف العاملة في الاقليم، حيث طلب المركزي العراقي من المصارف التي تشتري العملة الاميركية منه، اغلاق فروعها من اجل استمرار اشتراكها في نافذة بيع وشراء العملة الاجنبية.
وبعدما طالب ممثلو المصارف العاملة في الاقليم وبينهم ممثلو المصارف اللبنانية في اربيل تحديداً، توضيحات من المصرف المركزي، أصدر الاخير تعميماً الى المصارف أمس جاء فيه:
«في ضوء الاستفسارات الواردة الينا، وتوضيحا لتعميمنا في ما يخصّ تعليق انشطة فروعكم في الاقليم، واستنادا الى قرار مجلس النواب ذي العدد 58 في 12102017 (الفقرة خامسا منه)، والتي فصلت في توجيه القرارات بما يحفظ مصالح المواطنين وعدم المساس باحتياجاتهم الاساسية، فان هذا البنك يؤكد على اهمية عدم المساس بمصالح المواطنين في نشاطاتكم المصرفية كافة، وسيقوم هذا البنك بمهام المتابعة والتدقيق تنفيذا لما ورد».
وبما ان المصارف اللبنانية متواجدة في اربيل وهي معنيّة بتلك القرارات، أوضح ممثل جمعية المصارف اللبنانية في العراق سمير طويلة لـ«الجمهورية» ان المصرف المركزي العراقي يريد تنفيذ القرار السياسي الصادر عن السلطة التشريعية في بغداد ولكنه في الوقت ذاته يعتبر نفسه مستقلّاً عن القرارات السياسية، «ولهذا السبب لم يكن تعميم المركزي الاول واضح المعالم، وقد حاول المركزي في تعميمه الثاني الاستفادة من الفقرة الخامسة الواردة في قرار مجلس النواب والمتعلّقة بمصالح المواطنين، من اجل التحايل في تطبيق القرار، وإظهار استقلاليته عن السلطة التشريعية».
واعتبر طويلة ان التعميم الثاني «يفسّر الماء بالماء» لكنه يشير الى اهمية عدم المساس بمصالح المواطنين في نشاطاتهم المصرفية كافة. واكد انه خلال اجتماع المصرف المركزي العراقي يوم الاثنين، مع ممثلي المصارف التي لديها فروع داخل محافظات اقليم كردستان للاستماع الى وجهات نظرهم، تأكّد لممثلي المصارف اللبنانية عدم اقفال فروع المصارف في الاقليم، على ان تكون الرقابة على العمليات المصرفية مشددة من ناحية مكافحة تبييض الاموال، خصوصاً في ما يتعلّق بالتحويلات المالية، حيث يجب التأكد من مصدر الاموال والهدف من عملية التحويل، على ان تكون كافة تلك الاجراءات موثّقة. ولفت طويلة في هذا السياق الى ان المصارف اللبنانية ملتزمة تطبيق هذه المعايير وتعتمد هذه السياسة قبل صدور اي تعاميم من المركزي العراقي.
اضاف طويلة ان محافظ المركزي العراقي طلب من المصارف، حظر مشاركة، كافة المؤسسات الواردة في السجل التجاري في اربيل، في مزاد العملة، موضحاً ان المركزي يسعى من خلال هذا القرار الى منع دخول العملة الاجنبية الى الاقليم والسماح فقط بخروجها، وبالتالي السيطرة على تدفقات العملة الصعبة على إقليم كردستان العراق.
واكد طويلة ردّاً على سؤال، ان التدابير الجديدة، لا تؤثر على المصارف اللبنانية في إربيل ولا تعيق عملها، كما انها لا تؤثر على الشركات اللبنانية العاملة في الاقليم والتي لا تحتاج الى شراء العملة الاجنبية، بل ان التأثير سيكون فقط على الشركات الكردية الكبيرة الموجودة في كردستان والتي هي في حاجة الى الدولار.