IMLebanon

الفحم النشط يكتسح المنتجات الغذائية

كتبت سينتيا عواد في صحيفة “الجمهورية”:

عندما يتعلّق الأمر بالفحم، فإنكم ستفكّرون حتماً في الباربيكيو أو الأركيلة. لكن ماذا لو علمتم بوجود فحم أسود «من نوعٍ آخر» يمكنكم إدخاله إلى نظامكم الغذائي لتحقيق بعض المنافع؟

بالتأكيد سبق أن شاهدتم صوراً للبوظة، وكعك الهمبرغر، ومأكولات أخرى باللون الأسود أثناء تصفّحكم مواقع التواصل الاجتماعي أو ربما تذوّقتموها، لكن هل تعلمون ما سبب تغيّر لونها؟ إنه ما يُعرف بالفحم النشِط أو «Activated Charcoal» الذي يُعتبر حالياً من أهمّ الـ«Trends» في العالم الغذائي.

وتعليقاً على هذا الموضوع، لفتت إختصاصية التغذية، ناتالي جابرايان، إلى أنّ «الفحم النشِط استُخدم منذ القِدم في اليونان ومصر والصين، واشتهر بلونه الداكن المميّز وقدرته على معالجة الأمراض الجسدية، وإزالة البكتيريا السيّئة والفطريات، والتخلّص من الطُفيليات».

وشدّدت على أنّ «هذا الفحم يختلف كلّياً عن نظيره المُستخدم في الباربيكيو، وهو مُشتقّ من قشور جوز الهند ومشتقات أخرى نباتية كالخضار والفاكهة. هناك طرق مختلفة عندما يتعلّق الأمر بتصنيعه حتى يصبح لونه أسود، وهو متعدّد الأشكال إذ يتوافر كبودرة وسائل وكبسولات وأقراص».

فوائد واستخدامات كثيرة

وشرحت لـ«الجمهورية» أنّ «الفحم النشِط يملك على سطحه ثقوبات صغيرة جداً تماماً مثل مسام البشرة، تبيّن أنها تساعد على التقاط السموم بدلاً من امتصاصها ثمّ طردها من الجسم. وجد الباحثون أنّ استهلاك الفحم النشِط بعد مرور 30 دقيقة على تناول وجبة غذائية تحتوي السموم ساهم في خفض نسبة امتصاص هذه المواد الضارّة بنسبة 47 في المئة تقريباً».

لكنّها في المقابل دعت إلى «عدم المبالغة إنما الإلتزام بالجرعة والتوقيت المناسبَين لأنّ الأشخاص الذين يفرطون في تناول هذا الفحم يتخلّصون أيضاً من عناصر مهمّة لأجسامهم، كالحديد والماغنيزيوم والبوتاسيوم».

وأشارت جابرايان إلى أنّ «منظمة الصحّة العالمية أدخلت الفحم النشِط إلى لائحة الأدوية الأساسية، نظراً إلى فوائد أقراصه التي استُخدمت منذ أعوام عديدة لتفادي الإسهال، والنفخة، والتسمّم الغذائي، ومشكلات الهضم، وطرد السموم من الجسم. إنه يُلائم أيّ طعام، كعصائر الكوكتيل واللحوم والمخبوزات، لعدم امتلاكه أيّ نكهة.

كذلك يمكن مزجُه مع المورينغا والماتشا واللبن صباحاً من وقت إلى آخر لتعزيز صحّة الأمعاء، خصوصاً بالنسبة إلى مَن يعاني نفخة منتظمة ولا يعلم السبب، فتكون البقايا الموجودة في جسمه هي المسؤولة عن ذلك».

وأفادت أنّ «الفحم النشِط يُستخدم أيضاً كجزء في حميات «Detox» بما أنّ إضافة بودرته إلى المشروبات تعزّز فاعليتها وتساعد على خفض النفخة، خصوصاً أنّ أنواعاً معيّنة من الفاكهة والخضار تسبب هذه المشكلة.

كذلك فإنّ بعض الأشخاص قد يستهلكون الفحم النشِط لبضعة أيام للتأكد من أنّ أجسامهم تتمتّع بصحّة جيّدة»، كاشفةً أنها تلجأ إليه تحديداً عندما تريد السفر «نظراً إلى تغيّر المناخ، والأكل، والمياه، وزيادة احتمال تعرّض الجسم للنفخة والإسهال، لذلك ألجأ إلى الأقراص السهلة الاستخدام لأنه يمكن اصطحابها إلى أيّ مكان وتناولها، بعكس البودرة والسائل».

وتابعت حديثها قائلةً إنّه «في دراسة نُشرت في «American Journal Gastroenterology»، ركّز الباحثون على مجموعة سكانية في الهند وأخرى في الولايات المتحدة لمراقبة تأثير الفحم النشِط في حميات مختلفة والبكتيريا الموجودة في الأمعاء. وتوصّلوا إلى أنّ النفخة والغازات والآلام في الأمعاء انخفضت بشكل ملحوظ لدى المجموعتين».

الشقّ التجميلي

غير أنّ دور الفحم النشِط لا يقتصر فقط على الصحّة، إنما تبيّن أيضاً أنه يؤثّر إيجاباً في الشقّ التجميلي. فإستناداً إلى خبيرة التغذية، إنه «شائع جداً في المنتجات التجميلية كمُزيل رائحة العرق، والشامبو، والكريمات، والماسكات. أمّا فاعليته الكُبرى في هذا المجال فترتكز على الأسنان، بحيث يساعد على تبييضها من خلال فرك فرشاة الأسنان بقليل من الفحم النشِط ثمّ وضع المعجون.

وفق بحث صدر في «Annals of Medical & Science health research» وشمل مجموعة نيجيريين يعتنون بصحّة أفواهم، ثبُت أنّ الفحم النشِط كان فعّالاً في تغيير «pH» الفم وتبييض الأسنان، لذلك أضحى يدخل في بعض المعاجين. فضلاً عن أنه يساهم في إزالة الصبغات على الأسنان الناتجة من الكافيين والنيكوتين وغيرها من المواد».

للحذر من الإفراط

وختاماً، أوضحت جابرايان أنّ «ما من حدود معيّنة عندما يتعلّق الأمر باستخدام الفحم النشِط، لكنه في المقابل ليس دائماً الأفضل لأنه قد يسبّب المشكلات. توصي «US National Health Institute» باستشارة الطبيب قبل أخذ أيّ دواء، سواءٌ كان عشبياً أو مكمّلات، لأنه قد يتفاعل مع امتصاص بعض العقاقير، كما أنّ الإفراط في هذا الفحم قد يؤدّي إلى خسارة المعادن الأساسية وانسداد في الأمعاء ينتج عنه الإمساك وعدم الراحة بسبب خسارة المياه.

لذلك يجب شرب كمية كبيرة من المياه، والالتزام بالجرعة التي يحدّدُها خبراءُ الصحّة، وقراءة التعليمات المدوّنة على الدواء. والأهمّ معرفة أنّ ما من مادة «سحرية» حتّى إذا صُنِّفت بأنها آمنة».