Site icon IMLebanon

مخاوف جدّية من تطيير الانتخابات مجدداً…

كتب ناجي سمير البستاني في صحيفة “الديار”:

صحيح أنّ البلاد ضجّت بالتصاريح وبالمواقف التي تجزم بحتميّة تنظيم الإنتخابات النيابية في موعدها المُفترض في أيّار من العام 2018 المقبل، والتي تُحذّر من عواقب أيّ مُحاولة من أي جهة كانت لعرقلة هذا الأمر، لكنّ الأصحّ أنّ تمديد ولاية المجلس النيابي حصل ثلاث مرّات حتى تاريخه على الرغم من الكلام المُنمّق برفض هذا الأمر، وكل الإجراءات الدُستوريّة والتنظيمية المطلوب إتخاذها لإجراء عمليّات الإقتراع وفق القانون الجديد، لم تُتخذ بعد، على الرغم من أنّنا على بُعد أقلّ من ستة أشهر فقط من الموعد المُفترض لهذه الإنتخابات! فهل هناك خطّة سرّية لتطيير الإنتخابات مرّة جديدة؟

بحسب مَصدر قانوني مُطلع فإنّ المجلس النيابي الحالي كان إستفاد من تمديد ثالث على التوالي حتى 21 أيّار 2018، بحجّة «تمكين الحُكومة من إتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق الأحكام والإجراءات الجديدة للإنتخابات النيابيّة المنصوص عنها في القانون، ولتعريف الناخب على نظام الإقتراع النسبي المُستحدث»، بحسب ما ورد في المادة 41 من القانون الإنتخابي الجديد والخاصة بموعد الإنتخابات. وأضاف أنّ المادة نفسها تتحدّث أيضاً عن إجراء «الإنتخابات النيابية في يوم واحد لجميع الدوائر الإنتخابية وذلك خلال الستين يوماً التي تسبق إنتهاء ولاية المجلس(…)». وتابع المَصدر القانوني نفسه أنّه وبحسب المادة 42 الخاصة بدعوة الهيئات الناخبة، فإنّه «تُدعى الهيئات الناخبة بمرسوم يُنشر في الجريدة الرسميّة وتكون المهلة بين تاريخ نشر هذا المرسوم وإجتماع الهيئات الناخبة تسعين يوماً على الأقل».

وتابع المصدر القانوني المُطلع أنّ الإجراءات اللوجستيّة والتنظيميّة لا تقتصر على الشق القانوني المُتمثّل في دعوة الهيئات الناخبة والإعلان رسمياً وبشكل دقيق عن موعد الإنتخابات، بدلاً من الإستمرار في إطلاق التكهّنات التي تتحدّث عن السادس من أيار 2018 كموعد لإجراء الإنتخابات، بل تشمل أيضًا المُسارعة ومن دون أي تأخير إضافي، إلى الشروع في تنظيم دورات التدريب الخاصة بكل من القُضاة والمُوظّفين الذين سيتولّون الإشراف مُباشرة على عمليّات الإقتراع والفرز. وأضاف المصدر أنّ الإجراءات التمهيديّة للإنتخابات تشمل أيضاً إطلاق حملات توعية للمُواطنين في مُختلف الأراضي اللبنانيّة، بشأن طبيعة القانون الإنتخابي الجديد الذي يعتمد مبدأ «التصويت النسبي»، وتعريفهم على كيفيّة إختيار لوائحهم ومُرشّحهم المُفضّل ضمنها، وعلى كيفيّة الإقتراع أيضاً.

وفي السياق عينه، رأت أوساط سياسيّة مُطلعة أنّ توقف إجتماعات اللجنة الوزارية المُكلّفة مُتابعة تنفيذ قانون الإنتخابات، بعد المُماطلة غير المُبرّرة وفي ضوء سلسلة من عمليّات التأجيل لإجتماعاتها، وتقاطع ذلك مع إستمرار الخلافات بين أعضائها بشأن العديد من البنود الخلافيّة، وفي طليعتها مسألة التسجيل المُسبق والإقتراع في مكان السكن، ناهيك عن مسألة إستخدام البطاقة البيومترية، إلخ. لا يُبشّر بالخير، شأنه شأن تراخي الماكينات الإنتخابية الحزبيّة وتلك التابعة للشخصيّات المَناطقيّة، بفعل إنحراف الإهتمام العام عن الإنتخابات إلى مسألة إستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري التي لا يزال يرفضها لبنان الرسمي، وما سينتج عنها من إرتدادات على الساحة الداخليّة. وتخوّفت الأوساط نفسها من وجود خطّة سرّية لدى بعض الأطراف لتطيير الإنتخابات النيابية مرّة جديدة، بحيث تطغى الإرتدادات الداخليّة المُنتظرة للأزمة الحالية على سواها من مواضيع، ليُصبح عندها الكلام عن حتميّة إجراء الإنتخابات في موعدها، غير مَبني على أي إجراءات دُستورية ملموسة وعلى أيّ تدابير تنظيميّة ولوجستيّة ميدانيّة تصبّ في خانة إتمام عمليّات الإقتراع في أيّار المُقبل.

وختمت الأوساط السياسيّة كلامها بالقول إنّ الحرص الكبير على الإستقرار الداخلي والذي ظهر إلى العلن بعد إعلان رئيس الحُكومة إستقالته من الرياض، بشكل سمح بتحويل زلزال الإستقالة إلى مجرّد هزّة خفيفة – أقلّه حتى الساعة، قد يدفع الراغبين بتأجيل الإنتخابات إلى المُراهنة على أنّ التهديدات العالية السقف بفرض الإنتخابات النيابية في موعدها، ليست جدّية، لأنّ من يُطلقها حريص كلّ الحرص على الإستقرار الداخلي، ولن يقوم بأي عمل من شأنه ضرب هذه الميزة التي لا يزال ينعم بها لبنان حتى تاريخه على الرغم من الأزمات المُدمّرة والدمويّة التي تُحيط به من كل حدب وصوب. وسألت الأوساط نفسها: «في حال طالت الأزمة الحالية لأشهر عدّة، من يَضمن أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير داخلية تصريف الأعمال سيتخذان التدابير القانونيّة المطلوبة لإجراء الإنتخابات»؟ وأضافت: «حتى في حال تشكيل حكومة مُصغّرة مُخصّصة للإنتخابات، من يَضمن عدم مُقاطعة جهات لبنانيّة فاعلة لهذه الإنتخابات ربطًا بمطالب مُعيّنة على الساحة الداخليّة وبفعل ضُغوط خارجيّة»؟!