وقالت المصادر إنّ «عودة مسلسل الاغتيالات يطرح علامة استفهام حول قوة المطلوبين الإرهابيين في المخيم ووجودهم، حيث لم تتمكن لجنة ملف المطلوبين من تفكيك وجودهم كونهم يشكّلون قنبلةً موقوتةً ولا يريدون تسليمَ أنفسهم وليسوا مقتنعين بذلك لأنهم متورّطون في جرائم كبيرة، وأمام هذا الواقع تقف لجنة ملف المطلوبين مكتوفة وتحار ماذا تفعل».
لكنّ مصادر فلسطينية أمنية قالت لـ«الجمهورية» إنّ غرفة العمليات الفلسطينية المشتركة قد تجتمع وتتّخذ قراراً باستدراج المطلوبين والقبض عليهم واحداً تلوَ الآخر، في حال شكّلوا حالة قلق للمخيم، تماماً كما فعلت مع الإرهابي ساري حجير أمس الأول وسلّمه الأمن الفلسطيني لمخابرات الجيش في الجنوب».
ومع توقيف حجير يكون قد ارتفع عددُ المطلوبين الذين استدرجتهم المخابرات أو الذين سلّمتهم القوى الفلسطينية لها الى ما يقارب الـ20 وهو عدد قليل جداً وفق مصدر أمني لبناني بالمقارنة مع عدد المطلوبين في المخيم البالغين 200 مطلوب بينهم 70 خطيراً، وقياساً مع عدد الفارّين منه وهو 17 بينهم الإرهابيان الخطيران المصري «أبو الخطاب» واللبناني شادي المولوي.
من جهته، تلقّى مصدر رفيع في لجنة ملف المطلوبين وفق معلومات لـ«الجمهورية» إخطاراً أمنياً لبنانياً بضرورة مضاعفة الجهود لإنهاء الحالات الشاذة المتعلّقة بالمطلوبين، لأنّ الوقت الذي أخذته اللجنة كافٍ لهذا الموضوع وعليها الانتاجية بعدما كانت تراوح مكانها، على اعتبار أنه من غير المسموح عودة الاغتيالات الى المخيم في هذا الوقت العصيب الذي يجتازه لبنان سياسياً محلياً واقليمياً، خصوصاً أنّ تعهّدات القيادات الفلسطينية للدولة اللبنانية كانت بضبط الوضع في المخيم واللجوء الى سياسية الحياد والنأي بالنفس عن الصراعات اللبنانية.
وأكّد المرجع الأمني للمصدر أنّ «عودة الاغتيالات تجرّ التوترات وتعكّر استقرارَ المخيم وتضعه في عين العاصفة الإقليمية مجدداً، وهذا ليس من مصلحة لبنان الذي تكفيه معاناته، وأنّ أيّ توتر في المخيم سيجرّ التوتر الى المحيط وهذا ما تتحمّل مسؤوليته القيادات الفلسطينية قبل خروج الأوضاع عن الإطار المرسوم في عملية الحياد الفلسطيني، خشيةً من تحريك مخابرات إقليمية المخيمات كعنصر توتير في لبنان».
وترافقت عملية الاغتيال في المخيم مع إقفالٍ للمحال التجارية وحذر وترقّب نشطت معه الاتصالات الفلسطينية لضبط الأمور ومنع انفلاتها بعد استنفار آل حجير التابعين لـ«جبهة التحرير الفلسطيني» بقيادة صلاح اليوسف و«فتح» وسماع إطلاق النار بين الحين والآخر، كما سُجّل انتشار كبير للقوة الفلسطينية المشترَكة في كل أنحاء المخيم لضبط الوضع.
من جهته، عقد قائد القوة المشترَكة الفلسطينية العقيد بسام السعد اجتماعاً طارئاً موسّعاً في مقرّ القوة، إثر اغتيال حجير، مع لجنة حيّ الطيري، ولجنة حيّ الرأس الأحمر، ولجنة حيّ القاطع الرابع، للبحث في الوضع الأمني. وأبلغ السعد المشاركين بقرار القيادة السياسية الفلسطينية الموحّدة «عدم السماح بعودة الاغتيالات الى المخيم تحت أيّ ظرف كان، وأنّ القوة المشترَكة الفلسطينية التي تمثّل الاجماعَ الوطني والإسلامي الفلسطيني معنيّة بتنفيذ القرار في كشف الجناة واعتقالهم وتقديمهم للعدالة لكي ينالوا القصاص العادل، وأنه من الضروري والواجب تعاون تلك اللجان وكل القوى والفاعليات لتنفيذ القرار الحاسم الذي لا يقبل مساومة أو نقاشاً».
بدورها، أبدت اللجان استعدادَها للتعاون مع القوة المشتركة الفلسطينية وقوات الأمن الوطني في تنفيذ «القرار الحاسم بتوقيف المشتبه بهم بناءً للتحقيقات التي تجريها لجنة التحقيق في القوة المشترَكة الفلسطينية»، معتبرةً أنها «في حال انعقاد دائم للتعامل مع مختلف التطوّرات»، فيما أبدى السعد حرصَه «الشديد على سلامة أهالي وأمن واستقرار المخيم والجوار اللبناني».
الى ذلك، استنكرت القيادةُ السياسية الفلسطينية للقوى الوطنية والإسلامية في منطقة صيدا، الاغتيال، ودانت في بيان إثر اجتماعها، «هذا الحدث المشبوه الذي يصبّ في خانة توتير الاستقرار والأمن في المخيم»، مؤكدةً أنّ «ما حصل في وضح النهار هو عملية اغتيال لأمن المخيم واستقراره وروح التفاهم التي بدأت تسوده»، مشدّدةً على أنه «عملٌ جبان وعدوانٌ على الأرواح وعلى الأمن والهدوء في المخيم».
وأشارت الى أنّ «لجنة التحقيق التابعة للقوة المشترَكة باشرت تحقيقاتها لكشف هوية مَن يقف وراء هذا العمل العدواني ومَن قام به، إظهاراً للحقيقة وإجلاءً للواقع»، معلنةً أنها ستعمل «وفق نتائج التحقيق، على محاسبة الجناة واتّخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم».