كتب فراس الشوفي في صحيفة “الأخبار”:
يخطّط وزير الاتصالات جمال الجرّاح للتغيّب عن جلسة الاستماع التي دعاه إليها المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم، للردّ على أسئلة النيابة العامّة، حول عددٍ من الاتهامات التي بدأت في الإعلام وتابعها أعضاء لجنة الاتصالات النيابية.
موقف الجرّاح «التصعيدي» برفض المثول أمام النيابة العامّة الماليّة، في قضيّة هو بدأها حين اتّهم مدير عام «أوجيرو» عماد كريدية بهدر المال العام قبل أن يتراجع عن اتهامه للرجل بضغطٍ من الرئيس سعد الحريري، يزيد المعنيين بملفّ الاتصالات ريبةً ممّا يحدث في «أوجيرو» وفي الوزارة، إذ إن الجرّاح لم يترك له صاحباً، لا القضاء ولا لجنة الاتصالات النيابية، ولا الفريق السياسي الذي يمثّل، حين غرّد بعيداً عن تيار المستقبل على شاشة «العربيّة»، منساقاً خلف الرواية السعودية حول احتجاز رئيس الحكومة.
إلّا أن الجرّاح الذي يكابر رافعاً صوته برفض المثول أمام إبراهيم ويتهجّم على نوّاب لجنة الاتصالات بانفعال ويكاد يقول «خذوني»، يعمل منذ الجمعة الماضي على إيجاد مخرجٍ للأزمة التي أوقع نفسه فيها. وبحسب ما علمت «الأخبار»، فإن الجرّاح يتسلّح بحصانته كوزيرٍ ونائب لعدم المثول أمام المدّعي العام المالي، لكنّه يجري سلسلة اتصالات، لا سيّما بوزير العدل سليم جريصاتي، ليعرف كيف يخرج من هذه الورطة. كذلك حاول الجرّاح الطلب من المعنيين نقل الملفّ من يد القاضي المالي إلى يد مدّعي عام التمييز القاضي سمير حمّود، إلّا أن محاولاته باءت بالفشل. وفيما أتت نصائح غالبية الذين تشاور معهم الجرّاح بضرورة المثول أمام القاضي إبراهيم ليبيّن موقفه ويدافع عن نفسه حيال الاتهامات التي وجّهها له نوّاب لجنة الاتصالات النيابية بإعطاء معدّات من «أوجيرو» لمصلحة شركة «GDS»، وأن «المسألة إدارية»، يصرّ الجراح على عدم الحضور، واضعاً نفسه موضع الشكّ والاتهام.
ولم يظهر بعد أفق القضيّة، في ظلّ انشغال الفرقاء السياسيين بعودة الحريري إلى بيروت وما تحمله المرحلة المقبلة من تطوّرات سياسيّة، إلّا أن أكثر من مصدر نيابي ووزاري أكّد لـ«الأخبار» أن «لجنة الاتصالات النيابية ستتابع الموضوع حتى نهايته، وتبيّن ما يحصل في أوجيرو ومحاسبة المسؤولين عن هدر المال العام»، فيما أكّدت مصادر قضائيّة أن «القضاء لن يتراجع أمام تهويل الجرّاح».
ويمكن القول إن الجرّاح اتخذ منحىً تصاعدياً صدامياً مع غالبية الأطراف، منذ دخوله إلى وزارة الاتصالات، بدأها أوّلاً بفريق عمله، أي كريدية، المحسوب على الحريري. وما إن تطوّر الأمر حتى اصطدم بنوّاب لجنة الاتصالات، من عباس هاشم إلى ياسين جابر وسامر سعادة والآخرين، في حملة ردود عشوائيّة تعكس قلقاً من تساؤلات النواب، ليختم «تمرّده» على النيابة العامة المالية. وحاول الجرّاح التعمية على أصل الخلاف مع اللجنة النيابية حول الارتكابات التي تحصل في «أوجيرو» بأوامر منه، متذرّعاً بدور لحزب الله في الملفّ. وتعمّد الجراح عدم قول الحقيقة، حين اتهم النائب حسن فضل الله باستدعائه ممثلي شركة GDS وكريدية إلى مكتب كتلة الوفاء في المقاومة في حارة حريك، وتصوير الأمر كأنه تحقيق، علماً بأن كريدية كذّب كلام الوزير في التقرير نفسه الذي عرضته قناة «أو. تي. في» وفي بيان GDS لاحقاً، بأن اللقاء مع فضل الله جاء بطلب من الشركة ومن كريدية وفي أوقات منفصلة. وحضر اللقاء عن الشركة: حبيب طربيه ونعيم عون وبسام جابر، ولم يستطع محامي الشركة شكيب قرطباوي الحضور معهم، علماً بأنه أسهم في حصول اللقاء.
إلّا أن الأخطر بالنسبة إلى الجراح هو وقوفه في الفرز الحاصل داخل تيّار المستقبل إلى جانب الفريق الذي حاول تسويق بهاء الحريري شقيق الرئيس الحريري لخلافته بعد الاستقالة مباشرةً، كما تريد السعودية، وقوله «يجيبوا بهاء. المهمّ يخلّصونا».
من جهتها، لن تعقد لجنة الاتصالات النيابية اجتماعها هذا الأسبوع، وكذلك الأمر بالنسبة إلى لجنة المال والموازنة، بسبب انتظار عودة الحريري إلى بيروت، وحرص اللجنة على أن لا تتحوّل جلساتها إلى مكان للسجال مع الجرّاح لا طائل منه، سوى اشتباكه مع باقي النوّاب الذين تهجّم عليهم في بياناته.