كتب رضوان مرتضى في صحيفة “الأخبار”:
مطلع الأسبوع الفائت، دهمت قوة من الأمن العام فندقاً في الحمرا لتوقيف جنى أ. د. (مواليد ١٩٨٦). كان الوقت ظهراً، لكن أحداً من نزلاء الفندق لم يدرِ ماذا يحصل. تزامن ذلك مع عملية دهم طاولت منزل ذويها في دميت ــ الشوف. لماذا أوقفت «الناشطة»، وما هي التُّهم المسوقة بحقها؟ ازدحمت التساؤلات التي بقيت من دون أجوبة شافية.
“سُحِبت” الشابة التي ترأس جمعية «معاً إلى فلسطين» بهدوء قبل أن تُسرَّب معلومات تفيد بأنها متهمة بالتعامل مع العدو الإسرائيلي. هذه المعلومة أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي بحملات تضامن مع «المناضلة» الموقوفة. رفاق جنى رفعوا الصوت، مطالبين بإطلاق سراحها. وما زاد الطين بِلّة، مرور تسعة أيام من دون أن يصدر أي بيان رسمي عن الأمن العام يوضح ملابسات التوقيف. تحوّلت المنشورات التي كتبتها الموقوفة إلى شعارات. واشتدت الحملة الافتراضية المتضامنة معها. مرّت أربعة أيام، فغرد النائب وليد جنبلاط عبر تويتر كاتباً: «بالنسبة لجنى أ. د، أليس من الأفضل ان ننتظر نتائج التحقيق وحكم القضاء العسكري قبل الاسترسال بالاتهام وذلك من أجل الموضوعية. وجهة نظر فقط». لم يهدئ ذلك من روع محبي جنى وأصدقائها. استعاد كُثُر آخر منشور كتبته. كان عبارة عن صورة نشرتها على صفحتها على فايسبوك في الأول من تشرين الثاني مرتدية الكوفية وذيّلتها بعبارة: «في غيابي عن البلاد التي أعشق، أتمسك بأثمن ما أملك منها… كوفيتي هويتي». قبلها كانت قد كتبت عبارة: «كل عام وفلسطين إلى روحي الأقرب… كل عام وهي تسكنني وأنا أعيش بها».
صفحة جنى تمتلئ بفلسطين. صورة من معبر الناقورة تكتب تحتها: «أقرب نقطة إلى فلسطين». وهنا أيضاً منشور تقول فيه: «فلسطين عشقي الأول والأخير وبينهما متسع لألف حالة حب». لا أحد كان يعتقد أن «عاشقة فلسطين» سيجري توقيفها بشبهة التعامل مع العدو الإسرائيلي. وحتى اللحظة، لكن ذلك لم يقطع التشكيك في رواية تورط جنى بالتجسس لمصلحة إسرائيل. ولم تهدأ التحليلات حيال ظروف توقيفها. استمرّ الالتباس الحاصل ليخرج جنبلاط بعد ثلاثة أيام على التغريدة الأولى ويكتب على حسابه على تويتر: «إلى جمهور الموحدين اللبنانيين أقول: من أجل عدم تعرضكم للملاحقة الأمنية والقضائية، احذروا من المكالمات التي تأتيكم من إسرائيل من أشخاص مشبوهين يدّعون الحرص عليكم وهم عملاء صغار أمثال ماندي أو منذر الصفدي المقرب من نتنياهو. هؤلاء عملهم الإيقاع بكم وتضليلكم. ولاؤنا ووطننا لبنان».
الرواية الأمنية التي كشفتها مصادر مطلعة لـ«الأخبار» تقول إن حسام الصفدي كان المشغّل الإسرائيلي الذي جنّد جنى قبل مدة. وتكشف المصادر أن الصفدي كلّف جنى جمع معلومات عن قيادات فلسطينية، وتحديداً من حركة حماس، بحكم قربها من الفصائل الفلسطينية. كذلك ذكرت المعلومات أن الموقوفة قبضت مبالغ مالية حُوِّلَت إليها من مشغّلها الإسرائيلي. غير أنّ المصادر الأمنية لم تُحدد إذا ما كان حسام الصفدي المذكور هو نفسه منذر الصفدي، ضابط الارتباط الإسرائيلي الذي يعمل في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتيناهو. وتجدر الإشارة إلى أنّ الصفدي المذكور تمكّن في الأشهر الماضية من استدراج عدد من الأشخاص وتجنيدهم.