كتبت غريتا صعب في صحيفة “الجمهورية”:
في خضم ما يجري في العالم العربي، هناك علامات استفهام وقلق حيال الامدادات السعودية للنفط، في حال طرأ تصعيد اضافي في المواجهات. ومن المعروف ان واحدا من بين كل ٩ براميل نفط في العالم ينتج في السعودية، ولذلك فإن اي شيء يحدث في السعودية قد يدفع بالاسعار صعودًا.في الاقتصاد تعتمد الخطة السعودية جزئيًا على جذب المستثمرين الاجانب وهذا الامر اصبح الآن أصعب في ظل تصاعد التوتر في المنطقة، واحتدام المواجهة مع ايران.
الامر المهم اقتصاديًا هو ان النفط يعتبر احد الاعمدة الرئيسية في اقتصاد السعودية وحجر الزاوية في التنمية الداخلية والمصدر الرئيسي للعائدات. والتصريحات الاخيرة لصندوق النقد الدولي تفيد بأن عائدات النفط تمثل وحدها٧٥ بالمائة من صادرات البلاد و٧٢ في المائة من الدخل المالي.
مع انخفاض اسعار النفط في العام ٢٠١٤ تبين حجم اعتماد المملكة عليه لا سيما وان ايرادات التصدير انخفضت بشكل كبير وتدهور اقتصاد السعوديةجزئيا.
هذه التغييرات دفعت بالرياض الى اتخاذ اجراءات تقشفية واعلنت عن رؤية ٢٠٣٠ وهو برنامج يهدف الى توجيه الاقتصاد السعودي بعيدًا عن الاعتماد على النفط وترشيد الانفاق وتطوير مصادر الايرادات غير النفطية وتنويع الاقتصاد، والاهم من ذلك زيادة اسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الاجمالي الى حوالي الثلثين.
والاهداف الرئيسية لرؤية عام ٢٠٣٠ يمكن تقسيمها الى ثلاث فئات رئيسية:
١- التنويع الاقتصادي
٢- تحسين بيئة الاعمال
٣- الاصلاحات المالية والاقتصادية والاجتماعية.
علاوة على ذلك يهدف البرنامج الى زيادة مصادر الثروة الوطنية وتنويع محفظتها الاستثمارية في البلاد والخارج ورفع قيمة اصول صندوق الاستثمارات العامة من ٦٠٠ مليار ريال سعودي الى اكثر من ٧ تريليون ريال سعودي، من خلال بيع بعض الاصول، قد تكون ارامكو اولها عن طريق الاكتتاب العام، كذلك بيع بعض الاصول الحكومية.
تتجه الانظار حاليًا للطرح العام لارامكو السعودية التي من المتوقع ان تجري في العام المقبل ٢٠١٨ وهذه العملية هي المحور الرئيسي في رؤية ٢٠٣٠ لا سيما وان الرياض تتوقع ان تكون قيمة ارامكو حوالي ٢ تريليون دولار اميركي- لذلك فان بيع نسبة ٥ بالمائة من اسهم الشركة قد يأتي بما مقداره ١٠٠ مليار دولار اميركي وتحقيقًا لهذه الغاية خفضت السعودية التزامات ارامكو الضريبية في آذار ٢٠١٧ من ٨٥ بالمائة الى نسبة ٥٠ بالمائة على امل زيادة قدرتها على اجتذاب المستثمرين الاجانب. ويبدو ان الحكومة تتحضر لاعلان تدابير اضافية لتحقيق هدفها.
وحسب مصادر سعودية فان الايرادات هذه ستساعد على تطوير الصناعات الاخرى في المملكة. ولا بد من القول ان بيع جزء من اسهم شركة ارامكو يلقى بالتأكيد اهتمامًا دوليًا، والمستثمرون الأجانب يراقبون عن كثب سير هذه العملية، واي تأخير في ادراجها سوف ينعكس سلبًا اذ انه سوف يخلق حالة من عدم اليقين ويؤثر سلبًا على برامج الخصخصة في المملكة.
في المطلق، الخطط لا تقتصر على ارامكو بل على أسس أخرى، من ضمنها زيادة فرص العمل ورفع مستوى معيشة السعوديين، مع تحاشي زيادة مخاطر الضغط المالي على الريال السعودي.
تبدو الطموحات كبيرة اقتصاديًا، في رؤيا ٢٠٣٠ ، لكن يبقى ان التطورات السياسية قد تؤثر على مسار الخطة، سواء في دفعها الى الامام، او في عرقلة تنفيذ كل مندرجاتها.