كتبت ايفا ابي حيدر في صحيفة “الجمهورية”:
الاجراءات المالية الاستثنائية التي تمّ اتخاذها خلال الأزمة السياسية التي نشأت عقب استقالة رئيس الحكومة، والظروف التي أحاطت بها، وأدّت فيما أدّت الى رفع اسعار الفوائد للجم الطلب على الدولار، لن تعود الى طبيعتها سوى تدريجياً، وما حصل في ايام قد يستغرق اشهرا لاعادته كما كان.
قلب اعلان رئيس الحكومة سعد الحريري تريثة بالاستقالة المشهد المالي في لبنان أمس الذي كان قد دخل في نفق غامض، رأساً على عقب. وكان الاسبوع الماضي شهد ارتفاعا في الطلب على الدولار ما دفع بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى السماح برفع الفائدة على الليرة حفاظاً على سعر صرف العملة.
اليوم، تغير المشهد كليا، وقد تجلى ذلك بالتطمينات الذي اعلنها حاكم مصرف لبنان في تصريح لـ«رويترز» قال فيه ان «اليوم (أمس) الأسواق مختلفة، والوضع عاد إلى ما كان عليه في السابق، وأن التكلفة ستبدأ في التناقص الآن.
وقال: اليوم السوق عكست وضعها، فنحن نشتري دولارات». وطمأن الى أن التأثير النقدي الناجم عن الأزمة السياسية في لبنان ما زال محدودا وإن هناك استقرارا نقديا.
واعتبر ان تعليق رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته خففت من حدة الأزمة السياسية. وأشار الى تكلفة لدعم ربط الليرة اللبنانية بالدولار «لكننا كنا مستعدين بالفعل».
ورداً على سؤال، امتنع سلامة عن الإفصاح عن حجم ما تم إنفاقه لدعم الليرة اللبنانية. وقال: في العادة لا نعطي أرقامنا في خصوص التدخل».
وفور اعلان الحريري تريثه بالاستقالة، ارتفعت سندات لبنان الدولارية بجميع فئاتها يوم الأربعاء بينما نزلت علاوة العائدات وتكلفة التأمين على ديون لبنان. وارتفع العديد من السندات الدولارية سنتا أو أكثر لتتجه لتعويض معظم الخسائر التي منيت بها بعد استقالة الحريري.
وارتفع إصدار 2027 مسجلا أكبر المكاسب عند 1.68 سنت ليجري تداوله عند 94.25 سنت.
ونزل متوسط فارق عائد سندات لبنان السيادية الدولارية فوق السندات الأميركية تسع نقاط أساس إلى 521 نقطة أساس وهو أضيق فارق منذ السادس من تشرين الثاني.
وبحسب بيانات آي.اتش.اس ماركت فإن تكلفة التأمين على ديون لبنان لخمس سنوات تراجعت 17 نقطة أساس عن إغلاق يوم الثلاثاء إلى 549 نقطة أساس.
حيال هذه المؤشرات وهذا التحسّن في الاسواق، هل تعود الفائدة على الودائع اللبنانية الى الانخفاض؟ وماذا عن ارتفاع الفوائد على القروض بنسبة 2 في المئة، هل لا تزال قيد التنفيذ مطلع الجاري ام انها ستتأثر تراجعاً؟
لم يستبعد رئيس قسم الابحاث والدراسات في مصرف لبنان والمهجر مروان مخايل ان تعود الفوائد على الودائع لتتراجع بعدما خفّت حدة الأزمة السياسية وانتفاء الاسباب الموجبة التي دفعتها صعوداً، مؤكداً ان الفوائد على الودائع لا تتراجع بالسرعة نفسها التي تتحرك فيها الاسهم، فهي لا شك ستعود الى النسب التي كان معمولا بها قبل الأزمة السياسية لكن تدريجيا.
وقال لـ»الجمهورية»: صحيح ان الأزمة انتهت لكن المودعين يبقون في حالة ترقب بانتظار ان تتبلور الامور بشكل نهائي، وليعود مجلس الوزراء الى الانعقاد وممارسة رئيس الحكومة صلاحياته، عندها تبدأ الفوائد بالتراجع.
وشرح انه اذا ارتفعت الفائدة 1 في المئة على الودائع فإننا سنبدأ نشهد على تراجعها تدريجيا وليس دفعة واحدة. وعن معدل الفوائد المعمول بها قبل الأزمة قال: كانت تتراوح ما بين 6 و 7 في المئة، وتختلف حسب حجم الايداع ومدة تجميد الحساب، اما بعد الأزمة فارتفعت الفائدة الى ما بين 8 و 9 في المئة.
رفع فائدة القروض
وعن مصير تعميم جمعية المصارف الذي اوصى برفع الفوائد على القروض بنسبة 2 في المئة بدءا من مطلع الشهر المقبل، قال: ان هذا التعميم اتى نتيجة ارتفاع الفوائد على الودائع بالليرة اللبنانية، والنسبة اوصت بها BRR اي Beirut Reference Rate استناداً الى كلفة الاموال على المصارف.
فبعدما لحظت ان كلفة الاموال على الفوائد من خلال الودائع ارتفعت، ارتفعت قيمة BRR تلقائيا. وأوضح ان BRR غير ملزم للمصارف ولا حتى تعميم جمعية المصارف ملزم، والمغزى من تعميم جمعية المصارف الاشارة الى ان معدل الفائدة المرجعية في سوق بيروت ارتفع، لذا بامكان المصارف ان ترفع الفوائد على القروض.
وأوضح ان كل مصرف يقيس حجم الاموال التي جمدت او اعطيت عليها فوائد مرتفعة وعلى هذا الأساس يضع الفائدة على القروض، مؤكداً ان هذه الفائدة ستنخفض بدورها تدريجياً مع تحسن أوضاع الاسواق.
ومن المتوقع ان تبدأ المصارف برفع قيمة الفوائد على القروض التي تعطيها وتعود لتخفض نسبة الفائدة على الودائع على أن يلتقي هذان العاملان في مكان ما في وقت ما فتعود الامور الى ما كانت عليه قبل الأزمة.