لفت رئيس الحكومة سعد الحريري إلى أنّه “قد يكون ما حصل من صدمة إيجابية بالاستقالة ومن ثم بالتريث، يتيح في مكان ما فرصة لجميع الأفرقاء السياسيين للتأكد من أن النأي بالنفس عن كل ما يحصل حولنا هو السياسة الأساسية التي تحمي لبنان من أي مشاكل في المنطقة”.
الحريري، وخلال استقباله في بيت الوسط، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد كبير، قال: “قد يكون غيابي عن لبنان واستقالتي وعدم عودتي بسرعة لفتت نظر البعض لما لهذا البيت من مكانة وأننا أم الصبي وندعو للحفاظ على البلد وعلى الاستقرار وكنا سائرين بسياسة التحاور مع الجميع، في حين كان البعض ضد هذا الحوار، وليت كان موقفه هذا لمصلحة البلد بل كان لمصلحة شخصية وسياسية كما ظهر للجميع. وقد تكون بعض المنابر في بعض المساجد استعملت ضدي أنا، وليست لدي مشكلة في ذلك، لكن سياستي كانت قائمة على أمر واحد وهو حماية لبنان واللبنانيين وأهل السنة بالذات”.
واضاف الحريري: “حين نرى ما الذي حل في سوريا أو العراق من حرائق وحروب ودمار علينا أن نجنب بلدنا لبنان كل المخاطر المحدقة به، وهذا ما نقوم به. لأهل السنة في لبنان حقوق يجب أن يحصلوا عليها كباقي الطوائف والمذاهب وكل الشركاء في الوطن، وهذا حقنا الدستوري الذي يجب أن نحصل عليه. ولكني أرفض المزايدة علي بمنطق المناطقية أو غيرها. وتأكدوا جيدا أن سعد الحريري لن يفرط بحقوق أهل السنة، وهذا واجبي الدستوري أصلا، وهو ما أقوم به وسأقوم به. ولكن من جهة أخرى، نحن لا نعيش وحدنا في البلد ولذلك علينا أن نتحاور جميعا لكي نصل إلى بر الأمان بعد كل ما يحصل حولنا من أمور خطيرة، ويجب علينا أن نحافظ على سلامة هذا البلد وسلامة أهلنا وسلامة دار الفتوى وسلامة وحدتنا كطائفة. رفيق الحريري نجح باستشهاده أن يوحد اللبنانيين وأهل السنة حول شخصه. وهو أعاد رونق بيروت العاصمة وعمّر البلد، ولم يشن أي حروب، بل أتحدى أي شخص أن يأتني بخطاب لرفيق الحريري يتهجم على أي فريق سياسي في البلد. أنا لا أخاف المواجهة، وأنتم تعرفون نهجي منذ العام 2005 وحتى 2016، ولكن اليوم علينا أن نحافظ على البلد ونتحاور لأن الجميع يرغب في الاستقرار والأمان”.
وتابع الحريري: “صحيح أن استقالتي كانت واضحة لكن اليوم هناك تريث لمصلحة البلد وليس لمصلحتي السياسية والشعبوية، أنا أرى أن واجبي السياسي في هذا البلد أن أوصل الناس إلى بر الأمان، ليس خوفا من المواجهة، وأنتم تعرفون أني لم أحد يوما عن المواجهة. نحن لدينا مشوار طويل، ولا بد في هذه المسيرة أن نحافظ على علاقتنا مع كل الدول العربية، التي لديها الحق أن تحافظ على أمنها ونحن لدينا الحق أن نحافظ على استقرارنا وأمننا أيضا. نحن نريد أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية، خاصة وأنكم تعلمون ما قدمته وتقدمه للبنان، وهذا المشروع سنكمل به”.
وقال الحريري: “ما يهمني هو وحدتنا وأن يبقى أهل السنة موحدين، ليس من أجل سعد الحريري بل من أجلنا جميعا وأجل البلد، فحين نكون موحدين تكون لنا كلمة في البلد، أما إذا كنا مشتتين فلن تكون لنا كلمة. من هنا التحديات كبيرة ولكنها غير مستحيلة. ونأمل أن يبقى هذا البلد ينعم بالأمن والاستقرار لأننا كبلد مستهدف، وعلينا أن نعمل سويا لكي يعود البلد إلى ما كان يحلم به رفيق الحريري، ينعم بعيش مشترك بين كل اللبنانيين الذين يعيشون سواسية، وليس لطائفة حقوق على حساب طوائف أخرى”.
وختم الحريري: “بالعودة إلى موضوع التريث في تقديم الاستقالة، فقد اتخذت هذا القرار نظرا إلى إصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولأني كنت دائما واضحا وأطالب بأن تكون سياسة النأي بالنفس بالفعل وليس بالكلام فقط ويجب ألا تكون هذه السياسة على حساب أشقائنا العرب، وإلا فإنه سيكون لنا موقف آخر”.