Site icon IMLebanon

“المستقبل” مقسوم والقاعدة الشعبيّة حائرة!

كتب ناجي سمير البستاني في صحيفة “الديار”:

أكّدت أوساط سياسيّة مُطلعة أنه إذا كان صحيحًا أنّ رئيس «تيار المُستقبل» سعد الحريري هو الذي يُقرّر سياسة تياره وخياراته السياسيّة الكبرى، فإنّ الأصحّ أنّ قيادات هذا «التيار» مقسومة بين خيارين، وقاعدته الشعبيّة حائرة ومُربكة نتيجة لذلك. وأضافت أنّ بعض الشخصيات الرئيسة في «المُستقبل» ترغب بأن يتراجع رئيس الحكومة عن إستقالته بشكل رسمي ونهائي اليوم قبل الغد، وأن يمضي قُدمًا في التسوية السياسية التي كرّسته زعيمًا للطائفة السنية لا يُمكن الإستغناء عنه لا بضغط وتدخلات محلّية، ولا بضغط وتدخلات خارجيّة. وأصحاب هذا الرأي من القيادات «المُستقبلية»، وفي طليعتهم وزير الداخلية نهاد المشنوق، يحثّون الحريري على الذهاب في التسوية إلى حدّها الأقصى، لجهة الدُخول في تحالف إنتخابي مع «التيار الوطني الحُرّ» في الإنتخابات المُقبلة، الأمر الذي يسمح للمُستقبل بفرض نفسه كلاعب أساسي لا يُمكن تجاوزه في أي سُلطة تشريعيّة أو تنفيذية يُمكن أن تنبثق من هذه الإنتخابات في العام 2018، وبالتالي للفترة المتبقية من عهد الرئيس العماد ميشال عون.

ولفتت الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها إلى أنّ «التيار الوطني الحُرّ» الذي كان أبرز الداعمين لرئيس الحُكومة في الأسابيع القليلة الماضية، يُحاول من جهته مُلاقاة هذا التوجّه «المُستقبلي» من خلال طمأنة الحريري بأنّ موقعه الأساسي ضُمن المُعادلة السياسيّة الداخليّة مضمون اليوم وغدًا، وكذلك من خلال مُحاولة إقناعه بقدرة «الوطني الحُرّ» على تليين مواقف من «حزب الله» كفيلة برفع الضُغوط الإقليميّة عنه، للمُضي قُدمًا في المسيرة السياسيّة التي كانت تسير بخطوات واثقة إلى الأمام، تُرجمت عبر مجموعة من القرارات الحسّاسة والحاسمة، منها إقرار المُوازنة، والمُباشرة بدفع سلسلة الرتب والرواتب، والتوصّل إلى قانون إنتخابي جديد، إلخ. وأضافت الأوساط نفسها أنّ قيادات «التيار الوطني الحُرّ»، من المُؤسّس والرئيس السابق للتيّار، أي رئيس الجُمهورية العماد عون، مُرورًا بالرئيس الحالي للتيّار، أي وزير الخارجية جبران باسيل، نُزولاً إلى مُختلف القيادات والمسؤولين «البرتقاليّين»، يحرصون في المرحلة الحالية على عدم تجاوز الحريري و«تيار المُستقبل» في أي قرارات مُهمّة يتم إتخاذها، أو حتى مُجرّد البحث فيها، لمُعالجة الأزمة.

ولفتت الأوساط إلى أنّ هذه السياسة العليا، تترافق على مُستويات أدنى مع التركيز على الأجواء الإيجابية بين «المُستقبل» و«الوطني الحُرّ» ومع تسريب معلومات عن تحالفات إنتخابية مُستقبلية بين الطرفين، بالتزامن مع ملاقاة الحملة الإعلامية المُركّزة على «حلفاء» مُفترضين للمُستقبل، وفي طليعتهم حزب «القوات اللبنانيّة».

وتابعت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ الرأي الثاني داخل «تيّار المُستقبل»، والذي هو أقلّ قُدرة وتأثيرًا على المُستوى القيادي، يُطالب الحريري بالإستقالة من دون تردّد، ما لم ينجح في إعادة الإعتبار لموقعه كرئيس للسُلطة التنفيذيّة في لبنان، لجهة ضمان عدم تخطّيه في المُستقبل من ناحية القرارات السياسيّة الكبرى والزيارات إلى الخارج والمواقف على المنابر الدَولية، كما حصل في الأشهر القليلة الماضية، ولجهة ضرورة أن يُبادر «حزب الله» إلى تقديم تنازلات جدّية، تجعل من أي صيغة جديدة للنأي بالنفس فعلية وملموسة وليس مُجرّد صياغة كلامية ولغويّة لا تُقدّم ولا تؤخّر. وأضافت الأوساط أنّ هذا الرأي نبّه رئيس الحُكومة إلى خطورة وقوعه في إغراءات قد تضرب تحالفاته وعلاقاته السابقة، على المُستويين المحلّي والإقليمي، من دون أن تؤمّن له بدائل صلبة في المُستقبل – كما يُشاع من تحالفات من باب المُناورة، برأيها.

وأشارت الأوساط السياسيّة المُطلعة إلى أنّ القرار المُرتقب للحريري، لجهة تثبيت الإستقالة رسميًا أو الرجوع عنها نهائيًا، يُعتبر مفصليًا بالنسبة إلى الوضع السياسي العام في لبنان، وبالنسبة إلى الإنتخابات النيابيّة المُفترض تنظيمها في أيّار 2018، أي بعد ستة أشهر فقط. وأضافت أنّ خيار الحريري في هذا الإتجاه أو ذاك، قد يريح الوضع الداخلي أو قد يرفع وتيرة التوتّر فيه، وهو أيضًا قد يُطلق العد العكسي الفعلي للإنتخابات النيابية وللحملات الإنتخابية المرافقة لها أو قد يضع مصير هذه الإنتخابات على المحكّ مُجدًدًا. وتابعت الأوساط نفسها أنّه وبسبب أهميّته الكبرى، لم تنجح اللقاءات التي عُقدت في قصر بعبدا أمس الإثنين، والتي إنتهت بلقاء تقييمي شامل ضمّ كلاً من الرؤساء عون وبرّي والحريري، في حسم الموقف في إنتظار المزيد من الدرس والتقييم لما هو معروض على رئيس الحكومة.

وخلصت الأوساط إلى أنّ قرار الحريري المُرتقب، أيّا يكن منحاه، لن يحل الإنقسام الكبير الحاصل على مُستوى الرأي داخل أروقة «تيار المُستقبل»، وأنّ هذا القرار لن يتخلّص بسُهولة أيضًا من حال الإرباك والبلبلة المُسيطرة على جزء كبير من شعبيّة «التيّار الأزرق»، ولا من الترسّبات التي طالت علاقات «تيّار المُستقبل» مع بعض القوى السياسيّة المُصنّفة «حليفة» له، وفي طليعتها «القوات اللبنانيّة».