كتبت هديل فرفور في صحيفة “الأخبار”:
خلافا للقانون، تمكّن أصحاب فندق «الريفييرا» من إنهاء أعمال بناء مُنشآتٍ إضافية على المساحة التابعة للفندق الواقعة على الملك العام البحري (شمالي الكورنيش البحري لمدينة بيروت). ولم يلق هؤلاء بالاً لإصدار محافظ بيروت القاضي زياد شبيب ثلاثة قرارات يطلب فيها من قيادة شرطة بيروت «توقيف الأعمال الجارية في العقارين رقم 653 و654 من منطقة عين المريسة العقارية التي يشغلها الفندق»، لعدم حيازة أصحابه الترخيص اللازم (القرار 13555 تاريخ 14 تموز 2017، القرار15201 تاريخ 15 أيلول 2017، القرار 17646 تاريخ 12 تشرين الاول 2017).
وتفيد المعطيات أن أصحاب الفندق تقدّموا الى نقابة المهندسين في بيروت بطلب تسجيل رخصة البناء «بعد أن أُنجزت كامل الأعمال التي طُلب الترخيص لها»، وفق ما يؤكد نقيب المهندسين جاد تابت في كتابٍ وجهّه الى شبيب يطلب فيه الإيعاز للسلطات المختصة بوقف هذه الأعمال «فورا وإزالة كل ما هو مخالف للقوانين حفاظا على هيبة الدولة ومصلحة المواطنين». ولفت إلى أن هذه الأعمال «تحجب رؤية البحر من رصيف الكورنيش على طول واجهة العقارين المذكورين»، كما أن مُنشآت التهوئة التي أُنشئت للمطعم والمطبخ التابع للفندق «تقذف بالهواء الملوّث على المارة مما يُشكّل مخالفة لقوانين حماية البيئة». وفنّد الكتاب جملة من المخالفات التي تعتري هذه الأعمال، وتضمّن «سرداً» لمضمون طلب الرخصة المُقدّم من أحد المهندسين.
مُنشآت ثابتة على الملك البحري
بتاريخ الثاني من الشهر الجاري، تقدّم أحد المهندسين بطلب تسجيل رخصة بناء لدى نقابة المهندسين للسماح بإضافة أعمال مُلحقة بفندق «الريفييرا»، استنادا للمرسوم الذي يسمح بإشغال مساحة من الأملاك العامة البحرية لإقامة حمامات بحرية تابعة للفندق (المرسوم رقم 9641 الصادر بتاريخ 27/6/1955 الذي يسمح بإشغال مساحة 10450 مار مربع). وأُلحق الطلب بقرار صادر عن وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس (قرار رقم 486/ص تاريخ 2 أيار 2017) يُجيز إجراء «صيانة موسمية لأجزاء المؤسسة القائمة على المُلك العام البحري تجاه العقارين المذكورين وذلك لموسم صيف 2017».
ويوضح تابت أن الأعمال المنوي ترخيصها تقع على الأملاك العامة البحرية في المنطقة التاسعة من مدينة بيروت، «حيث يُمنع إقامة أي نوع من البناء وفقاً للمخطط التوجيهي العام»، لافتاً الى أن قرار وزير الأشغال «يُجيز فقط إجراء أعمال موسمية لجزء من المُنشآت القائمة على الأملاك البحرية مقابل الفندق، ولا يسمح بأي شكل من الأشكال بإقامة أعمال جديدة ثابتة على هذه الأملاك».
والمقصود بـ«الصيانة»، بحسب تابت، «أعمال الدهان وصيانة التجهيزات والمراحيض والشماسي النقالة ووضع الأغطية على الخيم القائمة ووضع فرش وكراس وصيانة واجهات الألمنيوم والزجاج القائمة (…) ولا تعني أي إضافة أو إحداث توسع أُفقي أو عامودي».
ووفق الكتاب المُقدّم من أصحاب الفندق إلى المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، فإنّ الشركة تقوم بإنشاء خيمة «باراغولا» حديدية فوق المطعم التابع لها وهي تعلو الطريق العام بما يقارب 180 سنتيمتراً، وتتألف من هيكل حديدي غير ثابت وسقف مستعار «ولا تشغل إنشاءات ثابتة ويمكن إزالتها فورا». وأكد الكتاب أن هذه الأعمال «لا تشكل أي تشويه للأملاك العامة البحرية وإذا كانت تحجب الرؤية فهذا لا يصيب سوى فندق الريفييرا بالذات».
لكن تابت ردّ، في كتابه الى المحافظ، على هذه المزاعم بأنه تبيّن لنقابة المهندسين التي اطّلعت على الخرائط أن «الأعمال لا تُشكّل بأي شكل من الأشكال أعمالا غير ثابتة ولا هي على شكل باراغولا، بل إنها أعمال بناء ثابتة تشمل هيكلاً حديدياً ثابتاً وسقفاً ثابت من الزينك، وتمتد على مساحة 500 متر مربع تقريباً، ومُقفلة بواجهات زجاجية ثابتة». وشدّد على أن هذه الأعمال «تشكل بحسب تعريف نقابة المهندسين أعمال بناء ثابت، ولا يمكن أن يتم الترخيص بها حسب ما جاء في المرسوم رقم 9641 المعدّل بموجب المرسوم رقم 5661». كما شدّد على أن الأعمال المُنجزة حاليا تُخالف ما سمح به قرار وزير الأشغال العامة والنقل. ولفت الى أن هذه الأعمال لا تزال قائمة حتى الآن رغم انتهاء موسم الصيف، «وأغلب الظن أنها ستبقى في مكانها حتى خلال فصل الشتاء نظراً لأنه لا يمكن تفكيكها بسهولة».
في ظل هذه المعطيات، اتّخذ تابت بصفته نقيباً للمهندسين جملة من القرارات «استناداً إلى ما حدّده قانون مزاولة مهنة الهندسة في ما يخص دور نقابة المهندسين في السهر على احترام القوانين وعلى انضباط المهندسين في ما يخص واجبات المهنة الأدبية». وهذه القرارات هي:
أولا، رفض تسجيل طلب أعمال إضافة البناء على الأملاك العامة البحرية المقابلة للعقارين 653 و654 منطقة عين المريسة العقارية كونها مخالفة للقوانين والأنظمة المرعية.
ثانيا، وضع إشارة على هذين العقارين بعدم تسجيل أية معاملة من أي نوع قبل مراجعة نقيب المهندسين.
ثالثا، توجيه كتاب لوم للمهندس ش. ط. ش. عملاً بما تنص عليه المادة 60 من قانون تنظيم مهنة الهندسة لقيامه بأعمال مخالفة لقانون البناء ومن دون الاستحصال على رخصة وإذن مباشرة من قبل نقابة المهندسين. كما تم تنبيه المهندس بأنه سيتعرض للإحالة إلى المجلس التأديبي لدى تكرار مثل هذه المخالفة.
أين بلدية بيروت؟
تُثير مصادر من نقابة المهندسين شكوكا حول كيفية إنجاز أصحاب الفندق لهذه المُنشآت من دون حصولهم على التراخيص اللازمة ومن دون أن تتمكّن شرطة بيروت من توقيفهم، مُلمّحة الى تشابه ما حصل مع «سيناريو» مشروع الـ«ايدن باي» على الرملة البيضا، حيث لعب المحافظ شبيب دورا في استكمال المشروع. وتوجه أصابع الاتهام الى المحافظ بتغطية هذه المخالفات.
في المُقابل، تردّ مصادر في المحافظة بأن «الأجهزة المختصة في مصلحة الهندسة في البلدية تقوم بواجبها كما هو ثابت من القرارات»، مُضيفةً أن المصلحة هي «الجهة الوحيدة الصالحة قانونا للنظر في تطبيق قوانين وأنظمة البناء في مدينة بيروت، تحت رقابة القضاء الإداري وليس تحت رقابة أي جهة أخرى». وختمت بأن «لا صفة لنقيب المهندسين في إبداء الرأي بتراخيص البناء».
ماذا عن إزالة المخالفات القائمة حاليا؟ ترد المصادر بالقول إن «تنفيذ قرارات توقيف الأعمال تتولاه شرطة بيروت في قوى الأمن الداخلي». فيما، على أرض الواقع، لا الشرطة تحركت ولا التعديات أُزيلت!