أشار السفير البريطاني هيوغو شورتر أنّ لبنان بلد خرج على الرغم من التحديات من حرب كاسحة ليصبح منارة تسامح وتعايش بين الديانات. بلد يستطيع كل لبنانييه الافتخار به. هو بلد كان وما زال يُجرّ إلى نزاعات إقليمية من قبل قوى داخلية وخارجية.
وأمل شورتر في كلمة نشرها على مدوّنته بعنوان “لبنان الرسالة” وزّعتها السفارة البريطانيّة: “أن تسمحوا لي، كصديق للبنان، أن أقوم بما يقوم به الأصدقاء كما لاحظت تحديدا في لبنان، وهو أن أكون صريحا. أنا علي يقين أنه سيتهمني البعض بأنني مفرط بالتفاؤل، إلى أنني قد أكون غير واقعي. لذا، سأسرد دروسا ثلاث استنبطها من تاريخ لبنان. دروس أظنها تساعد هذا البلد المميز في مواجهة التحديات المستقبلية.
1- نأي لبنان عن النزاعات الإقليمية هو ضرورة.
2- يتطلب لبنان دولة قوية ليتمكن من النجاح.
3- على أي حكومة في لبنان أن تمثل شرعا كل شعبها.
وقال في النقطة الأولى – النأي عن النزاعات، غالبا ما يخبرني أصدقائي اللبنانيون وزملائي عن الحرب الأهلية وكيف أن قوى إقليمية جيشت اللبنانيين ضد بعضهم البعض، من أصدقاء، وجيران وحتى عائلات. ويشيرون إلى أن استقرار لبنان وأمنه يبقى هشا أمام أهداف وأفعال القوى الخارجية.
وأنا موافق. لذا ولهذا السبب، بالنسبة إلي، النأي عن هذه النزاعات ضرورة. وهذا النأي برأيي يعني أن يحتل لبنان بسيادته وشعبه بالنسبة إلى اللبنانيين وقياداتهم سلم الأوليات. بما معناه العمل من أجل مصلحة لبنان وحده. معناه أيضا تحدي مقولة أن الدخول في الحروب الإقليمية خارج لبنان – منه في سوريا واليمن – هو لمصلحة لبنان. فالسؤال الذي يطرح هو ماذا لو كانت هذه المجازفة على العكس، تأتيه بعدم الاستقرار أو أبعد من ذلك، تسبب النزاع فيه، أو ماذا لو كانت تدفعه إلى المساومة على مصالحه القصوى للتماشي مع أهداف آخرين غيره. إذ أن النأي لا يعني البتة ألا يكون للبنان صوته في المنطقة، بل يعني أن يكون له صوته ورأيه الخاص، وليس صوت ورأي غيره من البلدان.
نقطتي الثانية هي أن وجود دولة قوية وسيدة قادرة على ضمان الأمن لشعبها هو أمر أساسي. شهدت الحرب الأهلية مراحل طويلة كان فيها حكم القانون هو حكم السلاح والميليشيات، حيث أخذت قوى خارجية القرار باستقرار لبنان وليس اللبنانيون أنفسهم. وقد قطع لبنان شوطا كبيرا مذاك الحين. ويوازي جيش بلادكم أفضل الجيوش في المنطقة. هو مؤسسة تمثل لبنان بأكمله، وتمثل أفضل ما فيه. والمملكة المتحدة فخورة بكونها شريكا داعما ومستمرا لجيشه وقواه الأمنية كونهما المصدر الشرعي الوحيد للأمن والاستقرار فيه. يبين تاريخ لبنان أنه من المجازمة تحوير هذا الدور إلى غير هذه المؤسسات الأمنية والشرعية. فلا يمكن إعطاء هذا الدور إلى دول أخرى أو إلى قوى خارجة عن إطار الدولة لا يمكن محاسبتها. وكل ما هو خارج عن ذلك يضعف الدولة ومؤسساتها، ويضعف لبنان ككل تاركا أمنكم واستقرار بلادكم بأيدي آخرين لهم أهدافهم الخاصة أو يمثلون أهداف قوى خارجية.
نقطتي الأخيرة هي أن على أي حكومة لبنانية أن تكون مسؤولة أمام الشعب اللبناني بأكمله. أطلعنا تاريخ لبنان على ما يمكن أن يحدث عندما تمثل حكومة مجموعة مصالح ضيقة، فلا يمكن إلا لحكومة ممثلة أن تكون شرعية، ولا يمكن إلا لهكذا حكومة قادرة على اتخاذ قرارتها عن كامل الشعب اللبناني أن تؤمن استقرار لبنان وتعزز سيادته. على الحكومات الممثلة أن تعتمد على مؤسسات ديمقراطية قوية. أنا مؤمن أن السياسيين اللبنانيين سيبرهنون أن لبنان مرة جديدة قوة ديمقراطية رائدة في الشرق الأوسط وسيجرون الانتخابات النيابية من دون أي تأخير. وأقول لأصدقائي اللبنانيين ان التغيير بين أيديكم، يتمثل في انتخاب مرشحين جدد يعكسون تنوع لبنان، بما فيهم العنصر النسائي فيه.
نبقي على التزامنا بلبنان، رسالة التسامح والتعايش والديمقراطية. نريد نجاحكم وسنقف إلى جانبكم دوما في مسعاكم.
أختم – أنا مؤمن بلبنان الرسالة كما وأنني مؤمن بمستقبل لبنان، لبنان ذو سياسة نأي قوية، حر من أي تدخلات خارجية، دولة سيدة تعتمد على نفسها في ضمان استقرارها وأمنها. لبنان، له حكومة ممثلة تمكنه من اتخاذ قراراته بنفسه لصالح شعبه”.