Site icon IMLebanon

إتصالات دوليَّة تسبق قرار الحريري… ومجلس وزراء مُرجَّح غداً

قبل ساعات أو ايام قليلة من جلسة مجلس الوزراء، وقبل يوم الجمعة على وجه التحديد، أي قبل مغادرة رئيس الحكومة سعد الحريري الى باريس، التي عاد منها أمس الأوّل، للمشاركة في اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان، الذي يعقد على مستوى وزراء الخارجية، تنشط الاتصالات لوضع اللمسات الأخيرة على بيان مكتوب يصدر عن الجلسة يتضمن ويعبر عن الثوابت التي تقدّم بها الحريري في الاستقالة والتريث، وأهمها: التمسك باتفاق الطائف روحاً ونصاً، والنأي بالنفس فعلاً لا قولاً، والحرص على علاقات لبنان العربية، انطلاقاً من حماية العلاقات التاريخية ومصالح اللبنانيين.

ولم تستبعد مصادر مطلعة في حديث لصحيفة “اللواء” ان يتطرق البحث إلى احياء الاستراتيجية الدفاعية بشأن مصير سلاح حزب الله، وهذه نقطة ما تزال موضع تشاور مع قيادة الحزب، وكشفت ان اتصالات ستجري اليوم بشأن هذه القضية وقضايا أخرى متصلة بها.

وإذ اشارت هذه المصادر الى انه إذا سارت الأمور على ما يرام، فإن عودة الحريري عن الاستقالة ستصبح ممكنة، ويمكن إعلان استئناف عمل الحكومة، في إطار الأجندة الحكومية التي يتعين إنجازها من ملف تحويل لبنان إلى دولة نفطية وصولاً إلى اجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، أي قبل بدء شهر رمضان المبارك في 27 أيّار المقبل.

وقالت المصادر انه ما ان تنضج كامل بنود التسوية، ويتأكد الحريري من التزام الأطراف كافة بها، حتى يُبادر إلى دعوة مجلس الوزراء للانعقاد من دون ان يكون هناك حاجة لوقت أو مهلة 48 ساعة التي تسبق موعد الجلسة.

وأكدت هذه المصادر ان بندين رئيسين يتصلان بمرحلة البيان الحكومي وما بعده هما: ابعاد الفتنة والمحافظة على الاستقرار في البلد.

ولم تستبعد المصادر زيارة يقوم بها في الساعات المقبلة الحريري إلى بعبدا، مع انها ليست مدرجة على جدول المواعيد.

الجلسة غداً؟

في هذا الوقت، قالت مصادر رسمية متابعة للاتصالات المستمرة، ان الصيغة النهائية للحل لم تنضج بعد بشكل نهائي، وان كانت ملامحه قد تخرج إلى العلن اليوم، مع الدعوة التي يرجح ان يوجهها الحريري إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء غداً الثلاثاء، واضعاً حداً لازمة سياسية امتدت شهراً كاملاً، مشيرة إلى ان المساعي لا تزال محصورة بالرؤساء ميشال عون ونبيه برّي والحريري الذي التقى مساء الجمعة وزير الخارجية جبران باسيل والذي وصف اللقاء لـ”اللواء” بـ”الايجابي والممتاز”، من دون ان يعطي تفاصيل أخرى، وان كانت معلومات اشارت إلى ان ما تمّ الاتفاق عليه في العاصمة الفرنسية يجب أن يطلع عليه برّي عبر معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل، لإعطاء موافقته النهائية على صيغة البيان الذي ينتظر إعلانه في مجلس الوزراء، ويكرس الصيغة الجديدة للتسوية السياسية والتي تعيد تفعيل الحكومة، ومعها المؤسسات الدستورية الأخرى.

ولوحظ ان برّي امتنع مساء أمس عن الإدلاء بأي موقف امام زواره، خلافاً لما اعتاد عليه مساء كل أحد، في إشارة إلى انه يمكن الا يكون قد اطلع بعد على صيغة المخرج المطروح لعودة الرئيس الحريري عن استقالته، من خلال التأكيد على ثوابت الموقف الرسمي بعدم التدخل في شؤون الدول العربية، والنأي بالنفس عن صراح المحاور الإقليمية وعن الخلافات والتزام كل الأطراف السياسية باتفاق الطائف.

وعزت المصادر أسباب تريث الرئيس برّي إلى ان لا صيغة مكتوبة بعد للمخرج، المطلوب ان يكون واضحاً ومحدداً وحاسماً لجهة التزامات كل الأطراف بما سوف يتم الإعلان عنه، وهو ما يُصرّ عليه الحريري، بأن يكون تطبيق هذه الالتزامات فعلاً لا قولاً، مشيرة الى ان المشاورات مستمرة، مستبعدة ان تتم الصياغة داخل جلسة الحكومة، على اعتبار ان البيان الذي سيصدر عنها، والذي سيكون عبارة عن “نسخة منقحة” أو “ميني بيان وزاري”، يجب ان يكون جاهزاً، وان كان من الطبيعي ان تجري مناقشته.

ولاحقاً، أوضحت المصادر، انه إذا لم تتم الدعوة اليوم لعقد جلسة لمجلس الوزراء غدا، بسبب عدم انتهاء الصياغة النهائية للتسوية، فإنه من المرجح ان تعقد الجلسة الأربعاء ان لم تكن الخميس، علما ان ايا من الوزراء لم يكن حتى بعد ظهر أمس، قد تبلغ الدعوة إلى جلسة قد تعقد في أي وقت.

من جهتها، ذكرت «الجمهورية» أنّ البتَّ النهائي بـ»التريّث» الحريريّ سيُترجَم قبل الجمعة المقبل، موعدِ انعقادِ مؤتمر «مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان» في باريس، لكي يتحوّلَ المؤتمر تظاهرةً اقتصادية وديبلوماسية ومالية داعمة للبنان.

وفي هذه الأجواء، علمت «الجمهورية» أنّ اتصالات خارجية وداخلية جرت مع الحريري الذي التقى في أثناء وجوده في باريس مسؤولين فرنسيين ومصريين، كذلك التقى بعضَ الأصدقاء السعوديين في إطار التحضير لقراره النهائي.

وإذ بدا أنّ قرار الحريري الشخصي واضح، وهو البقاء في رئاسة الحكومة وسحبُ الاستقالة، فإنّ القرار السعودي لم يتّضح بعد، لا بل انّ التصريحات الاخيرة لبعض المسؤولين السعوديين كانت تميل الى التشدّد حيال إيران و”حزب الله”.

ولم تُسْقِط بعض الأوساط السياسية في حديثها لـ”الراي” ان يكون الهدف من تقريب موعد التئام مجموعة الدعم الدولية للبنان الضغط لإنجاز الحلّ لأزمة استقالة الحريري وفْق مرتكزاتٍ تراعي الاعتراض السعودي وإلا انتقل الملف اللبناني الى “التدويل” الذي كان لوّح به وزراء الخارجية العرب حين صنّفوا «حزب الله» كـ«منظمة إرهابية وشريك في الحكومة» في معرض إدانة ممارسات إيران في الساحات العربية وطلب إحاطة مجلس الأمن بهذه الممارسات.

وفي أيّ حالٍ، فإن مسار حلّ أزمة الاستقالة في لبنان الذي اضطلعتْ باريس بدور كبير فيه مع كل من الرياض وطهران بات في “ربع الساعة الأخير”، وسط ترجيح أن ينعقد مجلس الوزراء كحدّ أقصى بعد غد لإعلان المَخرج رسمياً ليبدأ بعدها رصْد ترجماته الفعلية، في ظلّ اقتناعٍ بأن «حزب الله» ولو ظَهَر على انه قدّم بعض التنازلات غير «الكاسِرة» للتوازنات سيَبقى «متفوّقاً» بقوة في الوضع الداخلي في موازاة خصومٍ صاروا عالقين بين معالجة سلاح الحزب بشقّه الإقليمي بما يقي لبنان «غضبة» العرب وبين تَحوُّل إثارة موضوع هذا السلاح بشقّه الداخلي عنواناً «كاسِراً للاستقرار».

وتشير معلومات الى ان الرئيس الحريري الذي كان أجرى في باريس مناقشات مستفيضة مع وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل (صهر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون) أفضتْ الى تفاهم شبه نهائي على صيغة مَخرج العودة عن الاستقالة، قد يعود الى العاصمة الفرنسية بعد جلسة مجلس الوزراء لحضور اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان التي كانت واكبتْ عن كثب مرحلة إعلانه الاستقالة وأيّدت موقف الرئيس عون الذي دعا الى عودة رئيس الحكومة الى لبنان.