كشف انقلاب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على الحوثيين، تداعي ووهن التحالف الذي ترعاه إيران باعتبار انه وبحسب صحيفة “العرب اللندنية” يمكنها من اختراق المنطقة. لكن العزم الذي أفصح عنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لإنهاء الخطر الإيراني من على تخوم الكتلة الخليجية، أوضح لصالح أن العامل الإيراني في المنطقة عموما وفي اليمن خصوصا هو محرّم لن تقبل به الرياض، ما جعله يتدارك عن خطأه في حق بلده ومحيطه الخليجي، ليبدأ صفحة جديدة من فصول الصراع اليمني، رحبت بها دول التحالف الإسلامي الداعمة “للشرعية اليمنية”، وأعادت بوصلة الصراع إلى أصوله المحلية.
صالح يطوي صفحة الماضي
أن يجري الحدث بهذا الشكل الدراماتيكي الذي كشفت عنه ساعات فجر السبت الماضي، فإن ذلك ليس إلا واجهة لتبدل كامل في مقاربة العواصم المعنية بالشأن اليمني لاستراتيجيات مواجهة الاختراق الإيراني اللافت الذي حققته طهران داخل المشهد السياسي لهذا البلد.
من المبكر معرفة أسرار ذلك الموقف الجديد الذي انتهجه رئيس حزب “المؤتمر الشعبي” العام ضد الحوثيين، غير أن حراكه العسكري السياسي الجديد ليس وليد مزاج محلي بين شريكين تورطا سويا في الانقلاب على الشرعية اليمنية المعترف بها عربيا ودوليا، بل نتاج ترتيبات ليست العواصم الإقليمية بعيدة عنها واتصالات دبّرت في الأسابيع الأخيرة لفكّ ارتباط صالح بالحوثيين.
والظاهر أن تطورا جديدا طرأ على “فلسفة” التحالف العربي بقيادة السعودية في مقاربة المأزق اليمني.
انقلاب صالح
منذ بداية “عاصفة الحزم” أُدرج تحالف صالح-الحوثي من قبل التحالف العربي داخل معسكر الخصوم، ورُفضت كل المقاربات البديلة التي أرادت إعادة تعويم صالح وتمييزه عن شركائه. بالمقابل، وعلى الرغم من رسائله التكتيكية الودودة للسعودية ودول الخليج التي كان يرسلها بين الفينة والأخرى خلال السنوات الماضية، بدا أن صالح فشل في استعادة الثقة المفقودة التي وسّعت الهوة بينه وبين جيرانه الخليجيين.
وفي تصريحات وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأخيرة والتي أكد فيها أن بلاده لن تسمح بقيام “حزب الله” جديد في اليمن، كان جليا أن أمر إخراج إيران من الفضاءات المطلّة على الخليج هو أمر حتمي متعلّق بالأمن الاستراتيجي للسعودية كما لبقية دول الخليج. وحين كان بن سلمان يكرر أن المشكلة مع قطر هي “قضية صغيرة جدا جدا جدا” مقارنة بملفات أخرى منها ملف اليمن، فإن ذلك أوضح لعبدالله صالح أن العامل الإيراني في المنطقة عموما وفي اليمن خصوصا هو محرّم لن تقبل به الرياض، كما أنه أمر لن تتساهل معه المجموعة الدولية مهما تفاوتت وارتبكت مواقفها من المسألة اليمنية.
وقبل أشهر أرسل ولي العهد السعودي رسالة واضحة باتجاه اليمن. قال الأمير محمد بن سلمان في ايار الماضي إن “علي عبدالله صالح لديه خلاف كبير جدا مع الحوثي، ونعرف أنه اليوم تحت سيطرة الحوثي وتحت حراسة الحوثي، ولو لم يكن تحت سيطرة وحراسة الحوثي سيكون موقفه مختلفا تماما عن موقفه اليوم بلا شك”.
كانت تلك إشارة الرياض منذ ستة أشهر. قدم ولي العهد السعودي خارطة طريق تتيح لصالح تخليص نفسه من تحالف “شاذ” وتخليص اليمن من “”عصر الظلامية الحوثية و”هيمنة طهران” على راهن ومستقبل اليمن..
ورد صالح من جهته برسائل وةاشارات وجهها في الأشهر الأخيرة إلى الرياض وحلفائها تفيد باعتراف بخطأ وعن استعداد لتسوية تزيل كابوس الحوثيين عن اليمن. لم يكن صالح قادرا على الإفصاح علنا عما أباح به للرياض ودول التحالف. كان وجوده داخل “غابة البنادق” التي يمتلكها الحوثيون مشروطا بلغة سياسية محدودة، فيما أن التوتر الذي بدأ يظهر للعلن بين الشريكين أطلّ بشكل داهم وعاجل على أمنه وحرية حراكه.
وقبل أن يعود اليمن إلى تموضع آخر ستدور أحداث كثيرة عسكرية وسياسية. ولطالما اعتبر المراقبون أن الورقة اليمنية في يد إيران ليست أساسية مقارنة بأوراقها في العراق وسوريا ولبنان، بيد أن سقوط صنعاء من حسابات طهران نذير سقوط آت لعواصم عربية أخرى ما زالت تحتلها إيران.