كتبت هيام عيد في صحيفة “الديار”:
تجمع المواقف السياسية الصادرة في الساعات أل24 الأخيرة، على أن الساحة الداخلية تتّجه نحو الإيجابية وليس السلبية، خصوصاً وأن الحرص على الإستقرار شكّل سقف التسوية التي تحقّقت في مجلس الوزراء، على أن يكون أساسه استمرار الحكومة برئاسة سعد الحريري، وإقفال صفحة أزمة الإستقالة من الرياض.
وفي هذا المجال، كشفت مصادر ديبلوماسية في بيروت عن وجود أفق عربي وأميركي وأوروبي، إن لم يكن قراراً واضحاً بتحييد لبنان عن كل تطوّرات المنطقة. ودعت إلى عدم تضخيم حجم الدور الداخلي في التسوية التي تحقّقت، معتبرة أن الأزمة القائمة على المسرح الشرق أوسطي، تتخطى قدرة الأطراف اللبنانية على التعاطي معها. وبالتالي، فإن اتفاق عواصم القرار العربية والغربية على الحفاظ على الحدّ الأدنى من الإستقرار في لبنان، شكّل حافزاً رئيسياً، إن لم يكن مصلحة لدى هذه الدول على حماية لبنان، والحؤول بكل الوسائل الديبلوماسية دون تطوّر أي حدث محلي في اتجاه سلبي بصرف النظر عن الجهة المسؤولة عنه، وذلك سواء كانت لبنانية أو إقليمية، كما أكدت المصادر الديبلوماسية، والتي اعتبرت أن أي دور إقليمي على الساحة اللبنانية سيؤدي إلى المزيد من التعقيدات في المشهد الداخلي.
في المقابل، طرحت هذه المصادر تساؤلات حول المواقف الإقليمية، وبشكل خاص السعودية وإيران، من الإتفاق السياسي الأخير والقرار الوزاري الذي أنهى أزمة حكومية دامت شهراً كاملاً. ورأت أنه لم يتضح حتى الساعة توجّه الطرفين نحو مواكبة التسوية الجديدة أو الإعتراض، وذلك ضمن اتجاهاتها ومصالحها الخاصة، لا سيما وأن حال المواجهة العسكرية أو الحرب في اليمن تشكل نموذجاً عن هذه الإتجاهات. وبالتالي، وجدت المصادر الديبلوماسية نفسها، أن التخلي عن الورقة اللبنانية يبدو شأناً صعباً في ظل الظروف الراهنة، ولكن ذلك لن يحول دون نجاح التسوية الحالية، وعودة الساحة المحلية إلى مرحلة ما قبل 4 تشرين الثاني الفائت على المستوى السياسي.
وفي هذا الإطار، قالت هذه المصادر، أن الأفق الزمني لاستقرار الوضع الداخلي، ما زال مربوطاً بالتسوية الكبرى في المنطقة، وهي الآن باتت في مهب الريح بسبب سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإستفزازية والإستعراضية المنحازة بالكامل إلى العدو الإسرائيلي. وأوضحت أن الإدارة الأميركية تسعى إلى تغيير قواعد اللعبة في المنطقة، وهو ما سينقلها من مكان إلى آخر، وستكون له انعكاسات كبيرة وخطيرة على مجمل الأجندة السياسية الأميركية، وعلى الملفات السورية والأميركية واليمنية.
وبالعودة إلى التسوية السياسية الأخيرة، فقد اعتبرت المصادر الديبلوماسية عينها، أن ما طالبت به الرياض لجهة النأي بالنفس عن الساحة اليمنية، قد تحقّق في القرار الحكومي، ولذلك، فإن عدم الإعلان عن أي موقف في الساعات الماضية تعليقاً على عودة الرئيس الحريري عن استقالته، لا يعني بالضرورة موقفاً سلبياً من لبنان، خصوصاً وأن أطرافاً دولية وعربية لعبت دوراً على خط التواصل مع المملكة العربية السعودية على قاعدة المقايضة على التسوية الحالية، وعدم قيام «حزب الله» بأي دور في اليمن.
وخلصت المصادر الديبلوماسية ذاتها، إلى أن التسوية لم تلغِ الخلافات السياسية والإنقسام حول أكثر من عنوان داخلي سياسي وأمني، معتبرة أنها، وتحت سقف النأي بالنفس، ستستمر حتى موعد الإنتخابات النيابية المقبلة.