كتب هشام يحيى في صحيفة “الديار”:
فيما تستعر جبهات المنطقة على اكثر من ساحة عربية، يتحضر لبنان الذي ينعم بالغطاء الدولي الحامي لأمنه واستقراره للسير بخطى ثابته لأخذ موقعه على الخريطة النفطية في منطقة الشرق الأوسط بحسب المراقبين الذين يؤكدون على إن المعطيات المرتبطة بملف النفط في لبنان تشير على إن الحكومة اللبنانية التي عادت إلى وضعها الطبيعي بعد عودة الرئيس سعد الحريري عن الاستقالة سيكون من أبرز مهامها توفير الأرضية الملائمة واتخاذ القرارات اللازمة التي تصب في خانة وضع مسار ملف النفط في لبنان على سكة التنفيذ الجدية، سيما أنه وبحسب المراقبون إن هذه المعطيات تأتي بخلفية دولية تحمل في طياتها ما يكفي من المؤشرات التي تؤكد بان المجتمع الدولي الذي يحمي أمن لبنان واستقراره وسلمه الأهلي قد بات ملتزما بحماية الشركات الغربية والروسية وأي شركات أخرى للقدوم إلى لبنان ومباشرة أعمالها في قطاع النفط اللبناني مع ما يشكل من ثروة كبيرة تحت الماء تشجع على السير قدما بهذا الملف.
ويرى المراقبون بأنه ما جرى ويجري على صعيد اعلان بعض الشركات الغربية والروسية الضخمة التي تعمل في قطاع النفط في العالم عن استعدادها للمشاركة في عروض النفط في المياه اللبنانية، يحمل في طياته رسائل غربية ـ روسية إلى إسرائيل مفادها بأن مسار التنقيب واستخراج النفط في لبنان سيكون تحت غطاء وحماية المجتمع الدولي بأسره وتحديدا من قبل القطبين الأميركي والروسي، وبالتالي أن أي مغامرة من قبل أي قوة إقليمية لضرب المسار النفطي الذي سينطلق في لبنان سيرتب على هذه الدولة الإقليمية عواقب دولية وخيمة.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر دبلوماسية بارزة في بيروت بأن لبنان بات اليوم أكثر حيادا وأقل تأثرا بتداعيات براكين المحيط والجوار وذلك بفعل المظلة الدولية الأميركية – الروسية التي نجحت من خلال الدور الفرنسي في إعادة تنشيط وتثيبت تسوية ما قبل 4 تشرين الأول أي التسوية الذهبية كما تصفها المصادر عينها، مشيرة الى ان لبنان لم يكن لينعم بهذه المظلة الدولية التي تحمي ساحته من حمم الصراع السعودي ـ الإيراني في المنطقة لو لم تكن الساحة المحلية جاهزة وحاضرة لتلقف المبادرات الخارجية الهادفة إلى تحييد الساحة اللبنانية عن صراعات الإقليم.
وبحسب المصادر عينها أن الأرض الصلبة التي جعلت التدخل الدولي لحماية أمن واستقرار لبنان من عبثية الفوضى والحرب الاهلية التي كان هناك من يستدرجها من بوابة اثارة النعرة السنية – الشيعية، هي تلك التسوية الذهبية التي أنتجت قبل عام انتخاب الرئيس المسيحي القوي الرئيس ميشال عون رئيسا للجمهورية اللبنانية، وأوصلت الرئيس سعد الحريري الزعيم السني المعتدل الأقوى على الساحة اللبنانية رئيسا للحكومة اللبنانية، وهذه التسوية الذهبية المحلية يعول عليها المجتمع الدولي لانطلاق مشوار تنقيب واستخراج النفط في لبنان، أي أن المجتمع الدولي الذي حمى أمن واستقرار لبنان في كل المراحل العصيبة التي مر بها خلال الخمس سنوات الماضية، والمجتمع الدولي الذي غطى التسوية التي أوصلت الرئيس عون رئيسا للجمهورية ومن ثم غطى سيناريو تريث الرئيس الحريري عن تقديم استقالته ومن ثم تراجعه عن هذه الاستقالة بعد التفاهم السياسي المحلي ـ الإقليمي ـ الدولي حول صيغة بيان النأي بلبنان الذي صدر عن مجلس الوزراء، هو نفسه الذي سيغطي ورشة التنقيب واستخراج النفط في وطن الأرز، مشددة على ان المجتمع الدولي المعني بالملف اللبناني وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية وروسيا قد أعطى الضوء الأخضر للسير قدما بطريق المسار النفطي الذي سيجعل من لبنان دولة نفطية، وهذا المسار سوف تتوضح وتتبلور كل معالمه خلال العام المقبل الذي سيكون عام النفط بامتياز في لبنان.
المصادر أشارت الى ان المجتمع الدولي ينتظر من الحكومة الحالية ومن البرلمان اللبناني السير قدما باتجاه إقرار القوانين والأنظمة الراعية بدقة وشفافية ووضوح للقطاع النفطي في لبنان، خصوصا أن المجتمع الدولي ملتزما بكل ما هو مطلوب منه على صعيد حماية أمن واستقرار لبنان واتخاذ كل ما يلزم من خطوات وتدابير لتعزيز وترسيخ مسار الأمن والاستقرار في لبنان، مضيفة بأن البيان الواضح الذي صدر عن مجلس الوزراء في تحديد موقف لبنان الرسمي من سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الخارجية، وتمسكه باتفاق الطائف شكل مؤشرا إيجابيا للسير قدما على خط الملف النفطي، سيما أن بيان الحكومة اللبنانية وفر الأرضية الإيجابية اللازمة لنجاح اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان الذي سيعقد في باريس بمشاركة الحريري الى جانب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حيث أن الثقل الدبلوماسي الغربي لإنجاح هذا الاجتماع لا يتركز فقط على البعد الاقتصادي بل أيضا على البعد السياسي الذي يؤكد بأن اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان يأتي كملحق للتسوية التي تم التوصل إليها في لبنان بغطاء المجتمع الدولي المستمر بدعم الدولة اللبنانية في كل خطواتها الاقتصادية خصوصا الخطوات المتعلقة بالسير قدما لجعل لبنان دولة نفطية في منطقة الشرق الأوسط.