كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الاوسط”:
في الاختبار الأول لسياسة النأي بالنفس تفادى رئيس الحكومة سعد الحريري الرد على كلام نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم من طهران الذي اعتبر فيه أن «محور المقاومة هو الذي يصوغ اليوم معادلات المنطقة»، مانحاً فرصة لنجاح الاتفاق الأخير بينما اكتفى وزير الخارجية جبران باسيل بالقول: إن كلام قاسم «يمثل الحزب ولا يمثلنا» فيما كان لافتا رفض عدد من النواب ممن هم في كتل حليفة للحزب التعليق على الموضوع مع تأكيدهم على ضرورة التزام كل الأفرقاء النأي بالنفس.
لكن موقف أبرز أطراف الاتفاق (تيارا المستقبل والوطني الحر) وإن اختلف في المضمون إلا أنه يعكس محاولة كل منهما المحافظة على «التسوية الجديدة» التي أدت إلى عودة الحريري عن استقالته، لكنه يطرح في الوقت عينه سؤالا رئيسيا حول صلابة الاتفاق وضمانة استمراره، خصوصا أن الحزب أكد منذ البداية أن «النأي بالنفس لا يشمل التعبير عن الرأي السياسي في أي قضية»، بينما اعتبر البعض أن النأي بالنفس يقتصر على الوزراء في الحكومة.
وما قاله الحريري يؤكد عليه النائب في كتلة المستقبل محمد الحجار، معتبرا في الوقت عينه أنه على حزب الله تحمل مسؤولية تكرار هذا الخرق. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الفرصة التي أعطاها الحريري للحزب في محاولة منه للمحافظة على الاتفاق، جدية، وفي حال عدم الالتزام بسياسة النأي بالنفس سيكون هناك موقف آخر»، مضيفا: «لا نزال مصرّين على الإيجابية ومستندين في ذلك على الضمانات التي حصلنا عليها من كل المكونات ومنها حزب الله نفسه الممثل في الحكومة». ورفض الحجار القول: إن البيان يلزم «وزراء الحزب في الحكومة ولا يلزم المسؤولين في الحزب»، مؤكدا «الاتفاق الذي كان حاسما في لغته ووضوحه على خلاف الاتفاقات السابقة يلزم الأحزاب والأفرقاء السياسيين الممثلين في الحكومة ولا يقتصر على الوزراء، وهذا أمر متفق عليه من قبل الجميع ومن يخرج عنه عليه تحمل المسؤولية».
ومع مطالبته جميع الأفرقاء بالالتزام بسياسة النأي بالنفس التي تم الاتفاق عليها في الحكومة، يؤكد النائب في كتلة التنمية والتحرير علي خريس، (كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري وحليف حزب الله)، أنه ليس في وارد الردّ على أي شخص أو طرف. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «موقفنا ورأينا هو أنه على الجميع الالتزام بما اتفقوا عليه والحرص على الخطاب الهادئ الذي يجمع ولا يفرق على أن تكون المصلحة اللبنانية هي الهم الأول والأخير كما وحدة لبنان وأبنائه»، ويضيف «مع رفضنا المطلق لمبدأ الحيادية الذي يطالب به البعض ولا نقبل أن يكون لبنان محايدا عن القضية الفلسطينية أو عن احتلال أجزاء من أرضه».
وكان نائب أمين عام حزب الله قد شن هجوما من طهران على السعودية، واعتبر أن «محور المقاومة هو الذي يصوغ اليوم معادلات المنطقة».
ولم يكن موقف وزير الخارجية جبران باسيل، حليف حزب الله أيضا، مغايرا تجاه كلام قاسم، مع رمي كرة مسؤولية الخرق في ملعب الحزب، إذ اعتبر في حديث تلفزيوني أن كلامه عن الوقوف إلى جانب المحور الإيراني «يمثل حزب الله ولا يمثلنا»، قائلا: «نحن نسعى لتقريب جميع وهات النظر لتكون بالمحور اللبناني»، بينما رفض الحريري الرد عليه مع تأكيده على أنه «ليس مقبولاً لا من قريب ولا من بعيد». وأضاف رئيس الحكومة في لقاء مع آل عيتاني، مساء أول من أمس، «لن أستفيض في الرد عليه الآن لأنني سأعطي فرصة لتثبيت النأي بالنفس».
وسأل الحريري: «هل من مصلحة اللبنانيين أن نختلف مع أشقائنا العرب وأن نتدخل في شؤونهم أو نؤذيهم؟ أم مصلحتنا أن يكون هناك نأي بالنفس؟». وأكد أن «سياستي هي إبعاد لبنان من نزاعات وحرائق المنطقة، التي لا مستقبل لها. ويبقى الحل الوحيد هو الدولة. فحين تقوى الدولة تضعف كل الأطراف الأخرى ويصبح كل الأفرقاء السياسيين سواسية، حتى أولئك الذين يحملون السلاح. حين يكون هناك جيش قوي ومؤسسات قوية وقضاء قوي واقتصاد قوي يستفيد منه جميع المواطنين، وتصبح الدولة حينها المسؤولة عن كل لبنان».