IMLebanon

تصفية حسابات اقليمية ومحلية بعد قرار ترامب

كتب فادي عيد في صحيفة “الديار”:

تبدي أكثر من جهة سياسية، قلقها من أن تؤدي أوضاع المنطقة إلى اضطرابات على الساحة اللبنانية، على خلفية القرار الأميركي باعتبار القدس عاصمة إسرائيل، وهذا الأمر من شأنه أن يعيد خلط الأوراق في المنطقة، وصولاً إلى الإرتدادات التي من الممكن أن تطاول الساحة المحلية بفعل ما يمكن أن تؤثر عليه المخيمات الفلسطينية في حال دخلت على الخط أكثر من جهة إقليمية وداخلية في سياق عملية تصفية الحسابات ربطاً بحروب المنطقة، وتحديداً الحرب السورية وما أسفرت عنه من إنقسامات وانشقاقات إن في الداخل السوري أو على صعيد انقسام المجتمع اللبناني بين مؤيد ومناهض لهذا النظام السوري.

وفي هذا الإطار، علم أن كل هذه المؤشّرات ستؤدي إلى اصطفافات سياسية داخلية مغايرة عن المرحلة السابقة، أي ما جرى في الإنتخابات النيابية الأخيرة وما قبلها، إن على صعيد التحالفات أو الترشيحات. ولهذه الغاية ثمة اتصالات تجري بعيداً عن الأضواء بين منسقيات تيار «المستقبل» في كل المناطق، والتيار الوطني الحر وحتى مع حزب الله وحركة أمل في البقاع الغربي ومناطق أخرى ولا سيما في مرجعيون وحاصبيا، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى ائتلاف من هذه القوى ينضم إليه الحزب التقدمي الإشتراكي. وفي هذا الإطار يشير أحد النواب المحايدين إلى ضرورة قراءة بيان كتلة الوفاء للمقاومة الأخير والذي انتقى عبارات فيها ثناء وإشادة بدور رئيس الحكومة، وهذا لدليل على تحسّن العلاقات بين «التيار الأزرق» و»حزب الله»، ولذلك، لا تستبعد الأوساط المذكورة أن يصار في الأيام المقبلة إعادة إحياء الحوار بين الطرفين.

من هذا المنطلق، فإن لبنان، كما يقول أحد المسؤولين في مجالسه، تغير بعد الأزمة الحكومية التي أدّت إلى استقالة الرئيس الحريري والعودة عنها، وبمعنى آخر، هناك تحوّلات إقليمية ودولية ستشكل إطاراً جديداً في صياغة التحالفات السياسية في لبنان على خلفية هذه المتغيّرات، وهذا ما سيسفر في المدى القريب عن خارطة سياسية وانتخابية جديدة.

اما الدلالة على هذه الإصطفافات، فهو ما نقل عن بعض المتابعين لمسار المساعي الهادفة لرأب الصدع بين الحلفاء المتخاصمين بفعل الأزمة الحكومية الأخيرة، ولا سيما بين «القوات اللبنانية» و«المستقبل» وأيضاً بين تيار الحريري والنواب المسيحيين المستقلين، إذ تبدو الأمور معقّدة وصعبة بعدما أعطيت في محطات معينة أبعاداً شخصية وسط اتهامات متبادلة، ولذا بات من الصعوبة بمكان أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه، حتى في حال حصول اللقاء الغير مستبعد بين الرئيس الحريري والدكتور سمير جعجع، إذ لا ينفي أحد رؤساء الأحزاب المسيحية بأن العلاقة مع الرئيس الحريري وتياره باتت من الماضي، «على الرغم من دعمنا للتسوية التي حصلت، لأنه لو استمرت الأمور على ما هي عليه لكان فرط عقد البلد سياسيا وأمنياً واقتصادياً».

ويبقى أن الأيام المقبلة، وبعد عودة الحريري عن استقالته ستشهد جلسات لمجلس الوزراء لإعطاء أبعاد إقتصادية واجتماعية تستثمر قبيل الإنتخابات النيابية المقبلة، وبمعنى آخر أن كل الحراك الحكومي والسياسي بعد عطلتي الميلاد ورأس السنة سيحمل دوافع إنتخابية نظراً لحاجة معظم الأطراف للشعبوية وسط معلومات مؤكدة بأن الرئيس الحريري سعى عبر لقاءات مدير مكتبه نادر الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل إلى تقريب موعد الإنتخابات لأوائل الربيع المقبل بسبب تنامي شعبية الحريري بعد عودته إلى لبنان، لكن هذه التمنيات لم تحظ بإجماع من الأطراف الأخرى، وإن كان التيار الوطني الحر لا يمانع حصولها في ظل تحالفه وتناغمه مع تيار «المستقبل».