مهما كان من أمر تظاهرة عوكر أمس ومن ثم تظاهرة الضاحية الجنوبية اليوم، واللتين لا بدّ الا ان تندرجا في سياق الغضب الشعبي على القرار الأميركي، انسجاماً مع الدعوة إلى تحركات شعبية في مختلف العواصم العربية، فإن لبنان الرسمي حضر بقوة سياسية في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة مساء السبت واستمر حتى ساعة متأخرة من الليل للبحث في الموقف الواجب اتخاذه من القرار الأميركي، سواء من خلال كلمة وزير الخارجية جبران باسيل، التي كانت عالية السقف تجاه الموقف الأميركي والإجراءات المطلوبة للعودة عنه، كما كانت موضع اشادة وترحيب عربي ولبناني، أو من خلال التعديلات التي طرحها باسيل على البيان الختامي، وتبناها الوزراء العرب وهي في ثلاث نقاط:
– الدعوة لعقد قمة عربية طارئة للبحث في موقف عربي موحد وقوي بوجه القرار الاميركي.
– الدعوة الى تحركات شعبية في العواصم العربية رفضا للقرار.
– البحث في فرض عقوبات عربية تجارية واقتصادية على الادارة الاميركية وعلى اي دولة اخرى توافق على الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان العدو، وذلك من باب الضغط لإلغاء القرار.
وذكرت مصادر الوفد الدبلوماسي اللبناني لـ«اللواء»، ان الوزراء العرب ايدوا هذه التعديلات لكنهم استمهلوا شهرا لعقد القمة العربية لحين اتضاح صورة الوضع ومسار الاتصالات الجارية مع الادارة الاميركية والضغوط السياسية والدبلوماسية العربية والدولية التي تمارس عليها للعودة عن القرار.
اما باسيل فوافق على البيان التزاما بالاجماع العربي ولعدم عرقلة صدور القرار، لكنه سجل تحفظا على ضعف البيان الختامي وعدم ملاءمته لخطورة الحدث ولعدم اتخاذ اجراءات حازمة، بحسب ما جاء في بيان الخارجية اللبنانية.
وكان باسيل قد دعا في كلمته امام الاجتماع الوزاري الى «المصالحة العربية – العربية سبيلا وحيدا لخلاص هذه الأمة ولإستعادة ذاتها»، والى «قمة عربية طارئة عنوانها القدس، لإستعادتها الى حضنها العربي لأنه من دونها لا عرب ولا عروبة»، وقال: «الويل لنا إذا خرجنا اليوم بتخاذل، إما الثورة وإما الموت لأمة نائمة».
كما دعا الى «إستعادة الذات بدل خسارتها، وإستعادة السياسة العربية الموحدة لإتخاذ إجراءات ردعية ردا على القرار الأميركي، وإستعادة العزة العربية والنفس العربي الثائر على الظلم، بإنتفاضة شعبية واحدة في كل بلداننا العربية».
مجلس الوزراء
إلى ذلك، تقرر مبدئياً، أن يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية يوم الخميس المقبل، رجحت مصادر أن تعقد في القصر الجمهوري في بعبدا، وهذا الأمر سيتقرر في الدعوة التي سيوجهها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري رسمياً له اليوم.
ومعلوم انه سيسبق الجلسة زيارة للرئيس ميشال عون إلى اسطنبول للمشاركة في قمّة زعماء الدول الإسلامية تلبية لدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للبحث في اتخاذ موقف إسلامي من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعلان القدس المحتلة عاصمة للكيان الاسرائيلي ونقل السفارة الأميركية إليها.
ومن المقرّر أن تستمر زيارة عون إلى اسطنبول ساعات عدّة يعود بعدها إلى بيروت مساء فور انتهاء القمة. وذكرت مصادر رسمية انه ستكون للرئيس عون كلمة في المؤتمر ما زال العمل جارياً على تحضيرها.
وتوقعت مصادر وزارية، ان يتصدر موضوع القدس جلسة الحكومة الخميس، في ضوء ما أعلنته الوزير باسيل أمام مؤمر القاهرة من انه «سيتقدم بطلب من مجلس الوزراء باتخاذ كل الإجراءات الثنائية والدولية للاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وبتكريس القدس عاصمة لها، بدءاً من الاجراءات الديبلوماسية ومروراً بالتدابير السياسية وصولاً الى العقوبات الاقتصادية والمالية، على غرار ما فعلته المملكة العربية السعودية والعراق في العام 1981 بوقف التعاملات النفطية مع الولايات المتحدة، وتدابير أخرى مما أجبرها فوراً على وقف إجراءات نقل سفارتها إلى القدس.
ومن ناحية ثانية، كشفت المصادر عن اتصالات رئاسية تجري لادراج موضوع استخراج النفط والغاز من المياه اللبنانية، على جدول أعمال جلسة الخميس، خصوصاً بعد انتهاء عملية التفاوض التي أجراها وزير الطاقة سيزار أبي خليل مع تونسوتيوم الشركات الثلاث الفرنسية والروسية والايطالية للتنقيب عن الغاز في البلوكين 4 و9 داخل المياه الإقليمية، بالنظر للاهتمام الرسمي بهذا الموضوع، والذي يتواكب مع اهتمام نيابي عبر عنه الرئيس نبيه برّي، الذي أكد بأن «الخطوة المقبلة لمجلس النواب سكون بالتركيز على القوانين المتعقلة باستخراج النفط من البحر والبر،» مشيراً بأن اللجان النيابية ستعاود غداً الثلاثاء درس سلسلة اقتراحات قوانين تقدمت بها كتلة التنمية والتحرير» وأبرزها: الموارد البترولية والصندوق السيادي اللبناني وشركة البترول الوطنية وإنشاء مديرية خاصة للموارد البترولية.
وقالت المصادر انه سواء عرض ملف النفط أمام اللجان الثلاثاء أو جلس الوزراء الخميس، فلا يتوقع ان يسلك طريقه إلى التنفيذ أو الاقرار نظراً للتجاذب القائم حوله داخل الحكومة أو بين الحكومة والمجلس النيابي.