كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:
النتائج السلبية لموقف القوات اللبنانية من أزمة رئيس الحكومة سعد الحريري لم تنحصر في الشقّ السياسي، بل كانت هناك انعكاسات على الملف الانتخابي. يندر أن «تنجو» القوات في دائرة ما من الأزمات، لا سيّما في ما يتعلّق بالترشيحات وبالتحالفات.
دائرة كسروان ــ جبيل لا تشذّ عن هذه القاعدة، حيث تبدو القوات اللبنانية، حتّى اللحظة، وحيدةً تواجه «تسونامين»: التيار الوطني الحرّ وحلفاؤه من جهة، والنواب السابقون و«المستقلون» وحزب الكتائب من جهة أخرى، من دون أن يظهر «حصان طروادة» تُعوّل عليه قيادة معراب لتسويق نفسها، إلا رئيس بلدية جبيل السابق زياد حواط. محاولاتها ضمّ رئيس المؤسسة المارونية للانتشار نعمة افرام إلى لائحتها وصلت، بحسب معلومات «الأخبار»، إلى حائطٍ مسدود، علماً بأنّ «القوات» كانت تُراهن على قدرات افرام المالية، بشكلٍ أساسي، لدعم حملتها في كسروان ـــ جبيل، وهي بحاجة إلى شخصية محلية غير مُستفزّة للرأي العام، تُساعد معراب في «تبييض» صفحتها كسروانياً.
منذ البداية، كانت المفاوضات عسيرة بين «القوات» وافرام، تُفرملها عقبات عدّة؛ نائب تكتل التغيير والاصلاح وليد خوري مُتزوج من شقيقة افرام، زوجة شقيقه هي ابنة القيادي الكتائبي غيث خوري الذي اتُّهمت «القوات» بقتله عام 1984، اشتراط افرام ترؤسه لائحة كسروان ــ جبيل وحصوله على أصوات القواتيين التفضيلية، وترشيحه إحدى السيدات من جرد جبيل، وتعيينه وزيراً في حكومة ما بعد الانتخابات، واكتفاء الصناعي بالانضمام إلى تكتل «القوات» النيابي من دون أن يكون مُلزماً بتأييد كلّ مواقفها. لم يتواءم عرض افرام مع طلب «القوات»، فكان الانفصال. قبل 4 تشرين الثاني، نُقل كلامٌ قاسٍ عن رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع بحقّ افرام، «ولكن بعد أن تبدلت المعطيات، وبات وضع القوات صعباً، لا حلّ أمامها سوى إعادة استقطاب افرام»، تقول مصادر كسروانية.
اللاتوافق بين افرام و«القوات» لا يعني أنّ الرجل سينسحب من السباق الانتخابي، رغم أنّ خياراته ضيّقة. فقد أكدّ يوم الأربعاء، في مقابلة على «أم تي في»، أنّه «مُرّشح إلى الانتخابات… ولا شكّ في أنّ علاقاتي مع القوات والتيار الوطني الحر وأشخاص مستقلين جيّدة، وقد حصل تقارب مع القوات ثمّ عدنا وقرّرنا الانتظار، وسأبقى وحدي إلى اليوم الأخير، لأنّ هذا القانون تفضيلي». ولكنّ افرام ليس «وحده» تماماً، فاللقاءات بينه وبين الوزير جبران باسيل دائمة، كذلك فإنّ الحديث عن تعميق التقارب بينهما وإمكان تحوّله إلى تحالف انتخابي عاد لينتشر من جديد. هذا الأمر دفع برئيس اتحاد بلديات كسروان ــ الفتوح، رئيس بلدية جونية جوان حبيش، إلى القول في مجالسه إنّه «في حال ترشح افرام على لائحة التيار الوطني الحر، أبقى في منزلي ولا أعتبر نفسي معنياً بالمعركة»، خاصة أنّه يضع كلّ إمكاناته المادية والتجييرية بين يدّي العميد المتقاعد شامل روكز. إلا أنّ المصادر تؤكد أنّه «كما نعرف حبيش، لا يُمكن أن ينأى بنفسه عن الانتخابات، بل سيُوظف كلّ قدراته من أجل إسقاط افرام». فرئيس الاتحاد لم يخض معركة «كسر عظم» في الانتخابات البلدية، و«أنقذ» ماء وجه التيار الوطني الحر في عاصمة كسروان، حتى يُرَدّ له «الجميل» في النيابة، عبر تبنّي خصمه. انطلاقاً من هنا، لا يُبدي روكز حماسةً لتقارب باسيل ــ افرام. ورغم أنّه حاول قبل قرابة سنة إطلاق مبادرة لعقد مصالحة بين حبيش وافرام، إلا أنّ أولويته باتت اليوم الحفاظ على الحلف مع حبيش، لأنّه خاض الانتخابات البلدية بشراسة إلى جانب «التيار»، كما يُنقل عن العميد. واتكاله هو أنّ الرئيس ميشال عون «سيُشرف» شخصياً على تشكيل لائحة كسروان ــ جبيل، لما لها من خصوصية بالنسبة إليه، وبالتالي يُتوقع تمسّكه بخيار حبيش. ويُفضّل العميد أن تضّم اللائحة الوزير السابق زياد بارود، والنائب السابق منصور البون، فتتعطّل بذلك محاولة تشكيل لائحة ثالثة، غير تلك التي ستضم النائب السابق فريد الخازن وحزبَي الكتائب والوطنيين الأحرار.
أضعف طرفين في كسروان ــ جبيل حالياً هما البون والقوات اللبنانية؛ الأول لا يملك الكثير من الخيارات، «لذلك أطلق حربه الباردة ضدّ الخازن، مُتّهماً إياه بتلقّي الأموال من تيار المردة لتمويل المعركة، ويُعايره بالخدمات والمشاريع التي يُنفذها مع وزارة الأشغال»، إضافةً إلى أنّ حزبي الكتائب والوطنيين الأحرار «باتا شبه حاسمين لجهة انضمامهما إلى لائحة الخازن». من هنا، تقول المصادر إنّه «لا حلّ أمام البون سوى الاتفاق مع الخازن، أو البحث عن مقعد له مع القوات أو التيار». أما بالنسبة إلى القوات، فهي فعلياً وحيدة في هذه الدائرة. لن تتحالف مع العونيين، أو مع الكتائب و«المستقلين»، ولم تتوصل إلى اتفاق مع افرام، كما أنّها بلا حليف شيعي في جبيل. لم يبقَ لها إلا حواط، الذي تُحاول قوى عدّة «العمل لفكّ التحالف بينه وبين القوات، حتى ينضم إلى لائحة المستقلين عوضاً عن النائب السابق فارس سعيد». ولا تستبعد المصادر إعادة فتح القنوات بين معراب وسعيد ليتحالفا، «تحت عنوان تشكيل جبهة سياسية، مُقرّبة من السعودية، بعد التطورات الأخيرة». لا يزال هذا الأمر في إطار «التمنيات»، خاصة أنّه لا توجد إشارات عن نية «القوات» استبدال حواط، الذي كان قبل قرابة أسبوع يلتقي الجالية اللبنانية في بريطانيا، ويُمثل جعجع في العشاء السنوي لـ«قوات» لندن.