كتبت ماري الأشقر في صحيفة “الجمهورية”:
يختلف الأطفال في مزاجهم العصبي منذ اليوم الأول لولادتهم. منهم الطفل الهادئ، ومنهم الطفل الصاخب وكثير البكاء، ومنهم الطفل العصبي شديد الحساسية للأصوات المحيطة به.
يستيقظ الطفل العصبي عند أيّة حركة تجري بالقرب من سريره، ويتناوب الوالدان أو الإخوة الكبار على حمله والغناء له والسير به من مكان الى آخر، ولا يعلمون أنّ مثل هذا السلوك يقوّي لديه نزعة العصبية، ولو تُرك في سريره يبكي لفترةٍ لكان ذلك أفضل.
ولمواجهة العصبية لدى الأطفال:
- يجب تهيئة الأجواء المريحة لنوم الطفل.
- لا يحمل الأهل الطفل إلّا في حالة الضرورة.
- الفصل بين موعد الرضاعة ونوبات الصراخ، لكي لا يتعوّد على الصراخ في كلّ مرة يريد فيها أمراً ما. ويُفضّل أن يأخذ الحليب بعد أن تمرّ نوبة الصراخ وإلّا سبّبنا له سوء هضم.
- التغذية المنظّمة والراحة التامة والنوم المريح من أكثر العوامل ضرورةً لتهدئة الأعصاب.الجوّ الأسري الهادئ
إلى ذلك، إنّ أسعد الأطفالِ هم الذين يعيشون في جوّ أسريّ هادئ، وفي ظلّ أبوين يتخاطبان بهدوء واتّزان بدون انفعالات شديدة، وبعيداً عن العصبية المفرطة، ومظاهر التشنّج.
فالطفل الذي ينشأ في أسرة متوتّرة تتوتّر أعصابُه ويُصاب بالقلق منذ المراحل الأولى من عمره، ويرافقه ذلك في مختلف مراحل حياته. كثيرة هي المشكلات الطفولية التي تُسبّبها الأسَرُ المضطربة لأطفالها وتسيء إلى حالتهم النفسية.
الأبوان الهادئان المتّزنان هما اللذان يَزجران الولد بلطف حينما يُخطئ، ويسامحانه إذا اعتذر، ويشجّعانه إذا اعترف بالذنب، وهما لا يشكوان حظّهما العاثر وهمومَهما أمام الأطفال حتّى لا يحمّلانِهم الأعباء النفسية التي لم يحِن الوقت بعد لتحمّلِها، ولم يتهيؤوا لتقبّلِها بما لديهم من إمكانات عقلية واجتماعية.
ومِن عادة الوالدين العصبيين أن يشكوا من أطفالهما فيُكثِران من الحديث عن مشكلات الطفل (قِلّة الأكل، عدم الترتيب، التأخّر الدراسي أو العناد)، بحيث يصبح الموضوع المفضّل لديهم هو التشهير بأطفالهم، ممّا يُزعج الطفل ويجعله يغوص في مشكلاته ويزيد عناده.
والعلاج في هذه الحالة يتمثّل في عدم الحديث عن مرضه أو عن مشكلاته بحضوره. وقد ثبتَ كذلك أنّ الاهتمام بالطفل وإظهار القلق عليه ينقلب إلى الضد إذا زاد عن حدّه، وخير الأمور الأوسط.
وأحبُّ ما في الدنيا على قلب الطفل أن يتحدّث الناس عنه والأهل، وأن يكون ملفِتاً للأنظار، لذا بكلامنا عن مشاكساتهم وشيطناتهم الطفولية فإنّنا نَمنحهم القوّة والدفع للاستمرار في تحدّيهم، في الوقت الذي نظنّ أننا نقوم بثنيِهم عن العمل السيّئ.