كتبت هديل فرفور في صحيفة “الأخبار”:
أكثر من 90 ألف متر مربع مجموع مساحة التعديات على واجهة بيروت البحرية، بحسب جمعية «نحن». نموذج التعدي على شاطئ العاصمة مُعمَّم على باقي الشواطئ اللبنانية منذ زمن، إذ إن أقلّ من 20% فقط من طول الشاطئ اللبناني لا يزال مفتوحاً أمام العموم.
هذا الواقع هو نتاج تواطؤ «ثلاثية» التشريع والقضاء والإدارة، بحسب الوزير السابق شربل نحّاس، وهذا يُحتّم نقل النقاش المتعلّق بالشاطئ عموماً، وشاطئ بيروت خصوصاً، من خانة توصيف التعديات إلى خانة البحث في سُبل إنقاذ الملك العام البحري.
من هنا، كان نقاش «كيف ننقذ شاطئ بيروت؟»، الذي نظّمته «نحن» أول من أمس في فندق كراون بلازا في بيروت، وهدف إلى «استخلاص» اقتراحات عملية تساهم في وقف مسار التعدّي على شاطئ العاصمة وترسي مساعي لحماية بقية الشواطئ اللبنانية.
بلدية بيروت كانت غائبة عن النقاش الذي أثار «شُبهة» تآمرها ومحافظ المدينة القاضي زياد شبيب على شاطئ العاصمة عبر الانحياز إلى مصلحة المُستثمرين ضدّ حق الناس في ملكهم. وبحسب نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت، فإنّ مشروع الـ«ايدن باي» على الرملة البيضا يصلح لأن يكون نموذجاً لكشف «سلوك» البلدية إزاء المشاريع التي تستهدف الشاطئ. ولفت إلى أنه، بخلاف ما ينصّ مرسوم تنظيم الشواطئ (رقم 4809) الذي يفرض ابتعاد البناء على العقار الخاص المتاخم للملك العام البحري مسافة عشرين متراً تقريباً، فإنّ المسافة التي تفصل مبنى المشروع عن الشاطئ لا تتعدّى المترين، «وذلك لأن بلدية بيروت قرّرت أن مرسوم تنظيم الشواطئ لا ينطبق على شاطئها!».
في 13 تموز الماضي، قرّر المجلس البلدي وضع قسم من شاطئ بيروت قيد الدرس لمدّة سنتين بهدف وضع مخطط توجيهي شامل للمنطقة. حينها، لم يشمل القرار موقع دالية الروشة المُهدّد، ولا مشروع «إيدن باي» لأن تراخيصه صدرت قبل القرار البلدي. هذه الصيغة طرحت شكوكاً حول نيّة البلدية من قرار التجميد. وبمعزل عن النيات البلدية خلف القرار، فإنّه لم يُطبّق حتى الآن، وفق تابت الذي أكد أن مديرية التنظيم المُدني لم تتبلّغ به بعد.
كيف نُنقذ ما بقي من شاطئ المدينة، في ظل تخلّي المسؤولين وتواطؤهم إذاً؟ يُجيب تابت بأن السعي إلى إعداد مخطط توجيهي جديد للمدينة يمنع البناء على العقارات الخاصة المتاخمة للملك البحري من جهة أو صياغة مخطط يقضي بخفض نسب الاستثمار في المنطقة من شأنهما كفّ أيدي المعتدين الطامعين ببقايا الشاطئ.
من جهته، شدّد المحامي إيلي خطار على أن واقع الأملاك العمومية البحرية لم يعد يحتمل «أنصاف حلول»، لافتاً إلى الحاجة لإعلان «حالة طوارئ تنسف كل المخالفات». وأكّد أنه لا يمكن إنقاذ الشاطئ إلا من خلال القوانين وتعديل الأنظمة، منتقداً قانون تسوية المخالفات الذي جاء تحت عنوان «معالجة الإشغال غير القانوني للملك العام»، والذي اعتمد كبنود ضريبية في مشروع تمويل السلسلة، بالرغم من الغرامات الزهيدة التي لم تراعِ سعر العقارات حالياً. ولفت في هذا الصدد إلى اقتراح قانون لحماية الشاطئ وقمع التعديات جرت صياغته عام 2006 واطّلع عليه عدد من النواب الذين وعدوا باعتماد بنوده «لكنهم لم يأخذوا من الاقتراح أي بند». واقترح، إن لم تلجأ السلطة إلى اتخاذ قرار حاسم بشأن منع البناء على العقارات الخاصة المتاخمة للملك العام البحري، أن تتخذ قراراً باستملاك هذه العقارات وفتحها أمام العموم. كذلك اقترح اعتماد مبدأ تحديد المهلة الزمنية للمشاريع الضخمة على الشاطئ من أجل إخلائها بعد عدد محدد من السنوات.
هذه الاقتراحات تختلف من حيث طبيعتها عن تلك التي يُقدّمها الوزير نحّاس، إذ يرى أن معركة الأملاك العامة البحرية «كبقية الملفات التي تمارس فيها السلطة السياسية العنف والسطو والاعتداء على حقوق الناس»، مُقترحاً ما سماه السعي إلى إنشاء نواة لـ «مقاومة» سلطة الاحتلال عبر توحيد الصفوف بين المواطنين للقيام بعمل سياسي ضاغط يسعى إلى تغيير هذه الطبقة ومواجهتها.