Site icon IMLebanon

النقمة الشعبية تتفاقم مع استمرار أزمة الكهرباء

كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:

وصلت أزمة الكهرباء في لبنان إلى مستويات غير مسبوقة نتيجة سوء إدارة هذا المرفق وغياب الاتفاق السياسي حول الخطة الواجب اعتمادها للنهوض به، ليُضاف إلى كل ذلك إضراب مفتوح ينفذه عمال ومستخدمو مؤسسة «كهرباء لبنان» أدّى إلى تفاقم الأعطال في معظم المناطق وبالتالي إلى تعاظم النقمة الشعبية.

ورفع عدد كبير من النواب والوزراء الصوت في الأيام القليلة الماضية، مطالبين وزير الطاقة بوضع حد لـ«مأساة اللبنانيين المتواصلة» عشية نهاية العام، وقد وصلت الأمور إلى حد دعوة وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، المعنيين لـ«تكليف قيادة الجيش اللبناني والقوى الأمنية بوضع يدها على مرفق الكهرباء الحيوي وتأمين استمراريته لتأمين وصول الطاقة الكهربائية بالتساوي إلى كل المناطق اللبنانية». حتى إنّه أُفيد بإقدام المرعبي على كسر باب محطة الكهرباء في منطقة حلبا، شمال لبنان، وفتح الشركة أمام المواطنين من أجل تأمين الكهرباء للقرى التي لا يص إليها التيار منذ عدة أيام.

وأعلن عمال ومستخدمو مؤسسة «كهرباء لبنان» أمس، الاستمرار في إضرابهم المفتوح نتيجة فشلهم في التوصل مع مندوبة وزارة المال برعاية الاتحاد العمالي العام، إلى «الحل المنشود بخصوص الجداول الخاصة بسلسلة الرتب والرواتب»، في إشارة إلى الإشكالية الحاصلة حول كيفية تطبيق الزيادات التي أقرتها الحكومة على رواتب عمال القطاع العام.

بدورها، اعتذرت مؤسسة كهرباء لبنان إلى اللبنانيين لعدم تمكنها من «وضع طاقتها الإنتاجية القصوى على الشبكة بغية زيادة ساعات التغذية بالتيار الكهربائي خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة»، وتحدثت في بيان عن «وضع استثنائي وصعب خارج عن إرادتها». وأشارت إلى أن الإضراب الذي ينفذه العمال «يحول دون تصليح المجموعة الثالثة في معمل الذوق الحراري، وإجراء الصيانة اللازمة من قبل خبراء الشركة الصانعة الأجانب على المجموعة الثانية في المعمل، الأمر الذي كان ليضيف نحو 210 ميغاوات على الشبكة. كما يحول الإضراب دون استمداد نحو 100 ميغاوات من سوريا». وقد باتت مناطق لبنانية عديدة تعاني أعطالاً في التيار الكهربائي في الجنوب والبقاع والشمال وبعض مناطق الجبل، نتيجة تمسك العمال بإضرابهم. إلا أن هذا الإضراب ليس السبب الرئيسي في انفجار الوضع، باعتبار أن لبنان يعاني من أزمة في قطاع الكهرباء منذ أكثر من 40 عاماً. وقد رد وزير الطاقة، سيزار أبي خليل، الأزمة إلى سببين، أولاً نقص في الإنتاج، وثانياً لارتفاع في كلفة الإنتاج. وأشار إلى أنه تم إدخال معملين جديدين على شبكة الكهرباء، «ما ساهم في تحسّن التغذية بشكل ملحوظ نسبةً إلى العام الماضي».

واعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور جاسم عجاقة، أن «الإشكالية الكبرى في موضوع الكهرباء تنحصر في سوء الإدارة العامة وغياب التخطيط والتحديث»، لافتاً إلى أنه «حتى ولو وجدت الخطط، تتوقف نتيجة الخلاف السياسي». وقال عجاقة لـ«الشرق الأوسط»: «الحل الأمثل للأزمة التي نتخبط بها منذ سبعينات القرن الماضي يكمن في وضع خطة طويلة الأمد تلاحظ بناء معامل تمتلكها الدولة أو القطاع الخاص، فيكون في كل محافظة معمل على الأقل على أن يكون استئجار البواخر حلاً مؤقتاً حتى الانتهاء من بناء هذه المعامل»، مشيراً إلى أن «دولاً قدمت عروضاً في هذا المجال للبنان، بحيث كانت الأسعار منطقية وتراوحت ما بين 600 و700 مليون دولار عن المعمل الواحد».

ويحتدم الخلاف داخل مجلس الوزراء بين الفرقاء السياسيين الذين ينقسمون ما بين مؤيد لطرح استئجار بواخر لتوليد الطاقة بانتظار إنشاء المعامل ومعارض لمنطق البواخر ككل.

وقد استنفر عدد من النواب في الساعات الماضية لمتابعة تفاقم أزمة الكهرباء نتيجة الأعطال.