IMLebanon

لبنان يَدخل “استراحة الأعياد” و”أزمة المرسوم”… تتفاعل

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

شكّل الكشْف عن أن نحو ثلثيْ أعضاء الحكومة (18 وزيراً) ونحو ثلثيْ النواب (76 نائباً) غادروا بيروت لتمضية عيديْ الميلاد ورأس السنة مؤشراً واضحاً على أنّ الأيام العشرة المقبلة ستكون فترة «التقاط أنفاسٍ» بين مرحلتيْن: واحدة طويتْ وشهدتْ واحدة من أخطر الأزمات المرتبطة بانكشاف لبنان على المواجهة السعودية – الإيرانية بالمنطقة انطلاقاً من أدوار «حزب الله» الخارجية والتي تمثّلت باستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، وثانية تطلّ برأسها وتنطوي على «حبْسِ أنفاسٍ» حيال سبل اجتياز «اختبار» تطبيق تفاهُم النأي بالنفس عن أزماتِ المنطقة والتدخّل بالشؤون الداخلية للدول العربية الذي عاد على أساسه الحريري عن استقالته.

وإذا كان «النأي بلبنان والنأي عنه» الذي اكتسب غطاءً عربياً وأممياً، ولو من باب وضع البلاد «تحت الامتحان»، بات في سباقٍ مع انتقال «المنازلة» بين طهران والرياض إلى مستوى غير مسبوق بعد جعْل «البالستي» سلاحاً كاسِراً لـ «الخطوط الحمر»، فإن تحدّي التقاط فرصة ترميم التسوية السياسية التي «نَفَذتْ» من رغبة دولية جامِعة بحفظ استقرار لبنان يبدو مفتوحاً بشقّه الداخلي على تصدّعاتٍ بعضها مستجدّ ويتّصل بتداعياتِ أزمة استقالة الحريري وما تركتْه من «ندوبٍ» في العلاقات بين «الحلفاء الاستراتيجيين» مثل رئيس الحكومة وحزب «القوات اللبنانية»، كما بين «الحلفاء الجدد» أي «القوات» و«التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون)، وبعضها الآخر قديم – جديد مثل الذي انفجر على خط عون ورئيس البرلمان نبيه بري على خلفية مرسوم ترقية ضباط دورة 1994 الذي وقّعه مع رئيس الجمهورية الرئيس الحريري دون ان يقترن بتوقيع وزير المال (الشيعي).

ويوماً بعد آخر يتأكّد ان مقاربة بري ومن خلفه «حزب الله» – الذي دخل على خط الوساطة الى جانب النائب وليد جنبلاط واللواء عباس ابراهيم – لأزمة المرسوم ترتبط جوهرياً بالتوازنات في النظام الذي يصرّ المكوّن الشيعي على حفْظ دورٍ مقرِّر له «شِبه رئاسي» داخِل السلطة التنفيذية وهو ما يوفّره توقيع وزير المال على المراسيم، الأمر الذي يفسّر تالياً تَمسُّك الثنائي الشيعي (بري – حزب الله) بهذه الحقيبة الى أن تحين ساعة معاودة تقاسُم «كعكة السلطة» استناداً لما ستفرزه «حرب النفوذ» في المنطقة وإسقاط نتائجها على «النظام الجديد».

وإذا كان تلميح بعض الأوساط أمس الى ان الإصرار على السير بالمرسوم قد يهزّ كيان الحكومة، في غمزٍ من قناة إمكان انسحاب المعترضين منها، يدخل في سياق «حرب السقوف الاعلى»، إلا أن أوساطاً سياسية تدعو الى عدم التقليل من أهمية هذا «التدافع» على خطوط «نظام الطائف» وتداعيات عدم معالجته رغم اقتناعها بأن الوساطات لا بدّ أن توصِل الى حلولٍ وسَط تمنع حصول انتكاسةٍ كبرى حالَ «حزب الله» دونها عندما كان خصمه السياسي اي رئيس الحكومة عنوان الأزمة (إبان الاستقالة وإن قام الحزب بذلك لاقتناعه انه يُحْبط خطوة هجومية سعودية)، فكيف إذا كانت أزمة المرسوم مع حليف الحزب الاستراتيجي، أي الرئيس عون.

وفي موازاة ذلك، بقيت العلاقات مع دول الخليج وتحديداً السعودية مدار اهتمام بالغ بعدما حملت الأيام الأخيرة تظهيراً لملامح أزمة ديبلوماسية على خلفية تأخير الرياض في إعطاء الموافقة على اعتماد فوزي كبارة سفيراً للبنان لديها وردّ بيروت بعدم تحديد موعد للسفير السعودي وليد اليعقوب لتقديم أوراق اعتماده لرئيس الجمهورية.

وبرز كلام للرئيس الحريري أكد فيه انه «لن تكون لدى لبنان أي مشاكل مع الخليج، وستكون هناك الكثير من الخطوات التي سيتخذها الخليج تجاه لبنان وسيتخذها لبنان تجاه الخليج»، نافياً كل الاعتقاد السائد بأن الخليج سيتخذ خطوات بحق لبنان، ومشيراً إلى «ان لدينا أفضل العلاقات مع المملكة ومع الإمارات ومعظم دول الخليج، وحرصنا على ان يكون الجميع راضياً عن سياسة النأي بالنفس».

وفي موازاة ذلك، وفي أوّل كلام علني حول ملف تبادُل السفراء، أبلغ وزير الخارجية جبران باسيل الى قناة «الجزيرة» ان لبنان ما زال يأمل أن ترد السعودية «ضن السياقات الجيدة للعلاقات، وهذا الموضوع يُعالَج بحسب الاصول الديبلوماسية التي يلتزمها لبنان الذي وافق سريعاً على اعتماد السفير السعودي الجديد لديه»، موضحاً ان تقديم أوراق اعتماد الأخير «يأتي ضمن مسار وأصول ديبلوماسية تُعتمد وتحصل في وقتها».

ووصف باسيل العلاقات اللبنانية – السعودية حاليا بـ «العادية، ونسعى لأن تكون ممتازة»، مشيراً إلى أن الأزمة التي حدثت (استقالة الحريري) «تركت آثاراً، لكننا قادرون على تجاوزها بالتزام لبنان بالابتعاد عن مشاكل المنطقة، وأن تنأى دول المنطقة – ومن بينها السعودية – بنفسها عن مشاكل لبنان والتدخل في شؤونه».