IMLebanon

اعتداءات طائفية بين السجناء… ماذا حصل في سجن رومية؟

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:

تضاربت المعلومات حول طبيعة الاعتداء الذي تعرّض له رجل الدين المتشدد عمر بكري فستق، داخل سجن رومية المركزي، بعدما تلقت عائلته اتصالاً منه يبلغها عن تعرضه للطعن بآلة حادة من قبل سجناء من آل حمية على خلفية مذهبية، إلا أن مصدراً أمنياً نفى تعرض فستق للاعتداء أو إصابته بأي أذى، مؤكداً أن الأمر اقتصر على تهجم بعض السجناء عليه، لكن الحراس منعوهم من الوصول إليه، وقد تسبب الحادث في حالة من الغليان لدى الموقوفين المتشددين في المبنى «ب» الذين نفذوا تمرّداً محدوداً، نجحت المساعي في وأده وعدم السماح بتطوره.

وكانت زوجة الشيخ فستق قالت إنها تلقت اتصالاً منه، أبلغها فيه بأنه تعرض للطعن بآلة حادة من قبل سجناء من آل حمية (من الطائفة الشيعية) في رقبته وجسمه، وهو ما أثار غضب لجنة أهالي السجناء، الذين طالبوا الدولة بوضع حدّ لهذه التجاوزات، وقال عضو لجنة الأهالي الشيخ إيهاب البنّا لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الاعتداء «ليس الأول الذي يطال موقوفين إسلاميين وربما لن يكون الأخير»، مؤكداً أن رئيس بلدية عرسال السابق علي الحجيري «تعرض قبل أيام قليلة لاعتداء مماثل على خلفية مذهبية، من موقوفين في مبنى الأحداث، وأغلبية هؤلاء من تجار المخدرات». وأوضح البنّا أن فستق «تعرض للطعن بواسطة شفرة صغيرة، وأن المهاجمين طعنوه في رقبته من أجل إلحاق الأذى وإصابته بنزيف أو شلل، وبالوجه من أجل التشويه»، لافتاً إلى أنه كُلّف من قبل اللجنة بالتواصل مع المحتجين في المبنى «ب» ودعاهم إلى الهدوء، وإعطاء المجال للدولة أن تعالج المسألة وتضع حداً لهذه الاعتداءات.

وينقسم سجن رومية إلى 3 مبانٍ رئيسية، هي المبنى «أ» الذي يوضع فيه المحكومون، والمبنى «ب» الذي يتواجد فيه الموقوفون وغالبيتهم من المتشددين، ومبنى الأحداث الذي يشغل جزءاً منه القاصرون الذين هم دون الثامنة عشرة من العمر، والقسم الآخر فيه موقوفون بجرائم متعددة منها القتل والسلب والمخدرات.

وتحاول الأجهزة الأمنية احتواء ما حصل، وعدم تضخيم الأمور كي لا ينعكس ذلك سلباً على حالة الهدوء في السجن، وأكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن فستق «لم يتعرّض لاعتداء أو عملية طعن كما يروّج، وهو بصحة جيدة». وتحدث عن ملابسات ما حصل، موضحاً أنه «جرى نقل عمر بكري فستق قبل ثلاثة أيام من مكان توقيفه في النظارة الواقعة تحت حماية شعبة المعلومات في سجن رومية، إلى المركز الطبي في مبنى الأحداث لمعاينته طبياً، فتهجم عليه عدد من الموقوفين، ظناً منهم أنه الشيخ مصطفى الحجيري الملقب بـ(أبو طاقية) (الملاحق بملفات تتصل بأحداث عرسال وخطف عسكريين من قبل المجموعات المسلّحة)، لكنّ عناصر الأمن الذين تولوا نقل فستق، منعوهم من الوصول إليه، وقد خضع الأخير للمعاينة الطبية وأعيد إلى مكان توقيفه وهو بخير».

وكانت زوجة فستق أعلنت أنها تلقت اتصالاً من زوجها يخبرها فيه عن تعرضه للطعن، من قبل أشخاص من آل حمية بدوافع مذهبية، وأوضحت أنها حاولت زيارته ومقابلته للاطمئنان على صحته، إلا أنها منعت من ذلك، ما أثار ريبتها حيال وضعه الصحي.

ولم يخف المصدر الأمني حصول حالات اعتداء سابقة، وآخرها ما حصل مع رئيس بلدية عرسال السابق، الذي تعرض لعملية طعن، لكنه شدد على أن «المسؤولين عن هذه الاعتداءات تمت معاقبتهم بقرار قضائي». وأكد أنه «لو كان مسؤولو السجن بالفعل منعوا زوجة فستق من زيارته ومشاهدته، لما كانوا سمحوا له بالاتصال بها»، محذراً من هذه الشائعات التي «تهدف إلى البلبلة وإثارة عمليات تمرّد وفوضى داخل السجن».

وأفادت معلومات بأن وزارة الداخلية «تواصلت مع بعض رجال الدين المؤثرين داخل سجن رومية، لاحتواء التوتر الذي حصل»، وعلم أن الشيخ الموقوف خالد حبلص المتهم بالتحريض على مهاجمة دورية للجيش اللبناني في منطقة المنية (شمال لبنان)، والشيخ الموقوف عمر الأطرش المتهم بالتحضير على تفجيرات في ضاحية بيروت الجنوبية، لعبوا دوراً أساسياً في تبريد الأجواء داخل السجن».

وكان سجن رومية شهد في السنوات الأخيرة حالات تمرّد كثيرة، وبعناوين متعددة كان آخرها المطالبة بإصدار عفو عام مع بداية عهد الرئيس ميشال عون، وهذا ما وعد به رئيس الحكومة سعد الحريري وفداً من أهالي السجناء الإسلاميين الذين التقاهم الأسبوع الماضي.