كتب شارل أيوب صحيفة “الديار”:
منذ عام 2009 لدى في تولي المهندس جبران باسيل اول حقيبة وزارية وحتى سنة 2018 ، لم يصدر في الاعلام اللبناني اي اتهام او توجيه انتقاد او شن حملة مبرمجة ضد الوزير باسيل في شأن موقفه من العدو الاسرائيلي.
لكن لاول مرة منذ 9 سنوات فاجأ وزير الخارجية جبران باسيل الرأي العام اللبناني والعربي والدولي والعدو الاسرائيلي بتصريح غير مجتزأ، بل متكامل ضمن مقابلة كاملة اجراها مع محطة الميادين التلفزيونية.
والوزير باسيل قال بشكل واضح بالصورة والصوت ان “لا مشكلة ايديولوجية بالنسبة لنا مع اسرائيل، ونحن مش رافضين تكون موجودة اسرائيل ومن جقها انو يكون عندا امان. نحنا عم نقول بس بدنا كل الشعوب تكون عم تعيش بأمان ومعترفة ببعضا البعض”.
كلام وزير خارجية لبنان جبران باسيل اثار صدمة ودهشة وعمل ماكينة ضخمة على مستوى كافة الدولة اللبنانية للاتصال بكل وسائل الاعلام والجهات والفاعليات كي لا يتكلم احد عن الموضوع.
موقف اسرائيل من تصريح وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل
أعلن ناطق باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية أن تل أبيب تلقت بإعجاب ومفاجأة موقف وزير خارجية لبنان الوزير جبران باسيل الذي اعلن الا خلاف ايديولوجي ولا مشكلة لديه بوجود اسرائيل وبحقها في ان تعيش بأمان، وقال ان ذلك يدل على ان في لبنان فريقاً معتدلاً يريد السلام مع اسرائيل. ولذلك فان اسرائيل تدعو الوزير باسيل الى التحضير لمفاوضات في شأن السلام بين لبنان واسرائيل ما دام ان كل طرف مستعد ان يعترف بالآخر، وفق ما قاله الوزير باسيل في تصريحه لتلفزيون الميادين.
ونشرت الصحف الاسرائيلية في عناوينها تصريح وزير خارجية لبنان جبران باسيل ورحبت به. واشارت بعد الصحف الى ان جو التطبيع القائم بين اسرائيل ودول الخليج، وعلى رأسها السعودية، قد يكون وراء تصريح الوزير جبران باسيل الذي قال كلاما هاما في العمق، وفق احد المعلقين الاسرائيليين، مستندا الى قول الوزير باسيل الا مشكلة ايديولوجية، وهذا يعني ان باقي الامور تصبح تفاصيل، وان اسرائيل ولبنان يمكنهما بسهولة توقيع اتفاق سلام.
لكن المعلق شكك في قدرة وزير خارجية لبنان على تنفيذ كلامه، وان الوضع في لبنان معقّد ولا يسمح بحصول مفاوضات اسرائيلية ـ لبنانية لاتفاق سلام بين اسرائيل ولبنان.
اضافة الى ذلك ذكر الناطق باسم الخارجية الاسرائيلية انه يدعو واشنطن كي تقوم بالاتصال بالخارجية اللبنانية والقيام بدور رعاية مفاوضات بين لبنان واسرائيل اذا كان الموقف اللبناني جاداً فان اسرائيل مستعدة للتوقيع على اتفاق سلام من دون أي مطامع، ويمكن التوصل بسهولة الى اتفاق سلام مشترك لبناني ـ اسرائيلي.
الوزير باسيل تجنب الحديث عن موضوع الايديولوجية، فهو قال ان الموضوع ليس ايديولوجي اي لا خلاف ايديولوجي او فكري بين الصهيونية والفكر الصهيوني والفكر العربي وخاصة قضية فلسطين بحق هذا الشعب بالوجود على ارضه وعدم اغتصابها وعدم وضعه تحت الاحتلال الاسرائيلي.
نعم هناك خلاف ايديولوجي
كلا يا معالي الوزير، هنالك خلاف ايديولوجي كبير بين الفكر الصهيوني وفكرنا العربي، وكان عليك في البيان الذي اصدرته لتوضح موقفك في حديثك الى تلفزيون الميادين ان تقول ان هنالك خلافاً ايديولوجياً حقيقياً، فالفكر الصهيوني واضح بأن الاسرائيليين هم شعب الله المختار وان فلسطين ارض يهودية وليست من حق الشعب الفلسطيني بل ان الاسرائيليين استعادوا ارضهم التاريخية، وقبل اسبوع قال رئيس وزراء العدو نتنياهو ان اسرائيل دولة يهودية والقدس عاصمة اليهود منذ 3 الاف سنة. في حين ان فكرنا الاسلامي والمسيحي يرفض هذه الايديولوجية وهنالك خلاف كبير بيننا وبين الفكر الصهيوني.
اما قولك بأن لبنان وسياسة وزارة الخارجية وموقف الوزير جبران باسيل هو السعي الى السلام العادل والشامل وفق منطوق القرارات الدولية فلا يكفي، فانت قلت انه ليس لدى لبنان مشكلة بوجود اسرائيل وبحقها في العيش بأمان. ومن قال ان الشعب اللبناني يقبل بوجود اسرائيل، حتى لو اقر عهد الرئيس اميل لحود سنة 2002 المبادرة العربية في مؤتمر قمة في بيروت، بأن الدول العربية ستعترف باسرائيل اذا قامت بالانسحاب الى حدود عام 1967 وستقدم الدول العربية اول تطبيع مع العدو الاسرائيلي. الا ان هذا الموقف هو سياسي سطحي لا عمق له شعبي فالشعب اللبناني لا يقبل بوجود اسرائيل، ورب قائل ان هنالك فئة من الشعب اللبناني تقبل بوجود اسرائيل، وفئة ترفض وجود اسرائيل، وهذا الامر مصيري بالنسبة الى الكيان اللبناني، وبالنسبة الى الشعب اللبناني، ولا احد يستطيع ان يقرر عن الاخر، ذلك اذا كنت انت وزيرا للخارجية لا مشكلة لديك بالاعتراف باسرائيل وبحق وجودها وعيشها بأمان، فان فريقاً كبيراً من الشعب اللبناني يرفض وجود اسرائيل او الاعتراف بها من خلال العبارة التي قلتها ان لبنان يسعى الى السلام الشامل والعادل.