IMLebanon

سجال “عون – برّي” نحو حلّ على “الطريقة اللبنانية”!

كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:

انحسر السجال الذي وصل إلى ذروته في الأيام الماضية بين رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي حول ملف مرسوم ترقية ضباط من دورة 1994. تمهيدا على ما يبدو لتأمين الأرضية المناسبة لاجتراح «حل توفيقي» يحفظ ماء وجه رئيسي الجمهورية والبرلمان.

وتوقع مقربون من الرئيسين استمرار الأزمة لما بعد عيد رأس السنة الميلادية، في وقت انطلقت جوجلة الأفكار بمحاولة لاجتراح حل مناسب لها من منطلق أن استمرارها طويلا يهدد بعرقلة العمل الحكومي وبتأخير البت بجملة من الملفات المستعجلة وأبرزها ملفا الكهرباء والنفايات إضافة إلى الملف الاقتصادي الملح.

ويرى الخبير الدستوري والأستاذ المحاضر في الجامعتين الأميركية واللبنانية الأميركية في بيروت شفيق المصري أن الحل المرتقب «ليس مستعصيا»، باعتبار «أننا لسنا نتعاطى مع معضلة إنما مع مشكلة يمكن تجاوزها بسهولة، وأصلا ما كنا لنقع فيها لو حصل التشاور المطلوب بين الأطراف المعنية بالمرسوم»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أنه يرجح أن يكون «الحل على الطريقة اللبنانية، وبالتالي المخرج تسوويا يرضي الفريقين»، وإن لم يتمكن من تحديد هذا المخرج.

ويشدد المصري على أنه «لا إمكانية لأن يستقيم الوضع في لبنان إلا بالاستناد إلى الشرعية الدولية المتعلقة بالسياسة الخارجية، وإلى الشرعية الداخلية المتعلقة بالدستور»، معتبرا أن «التجاوزات المستمرة للشرعيتين هي التي تؤدي بنا إلى مشاكل وتعقيدات كالتي نحن بصددها اليوم». ويضيف: «كان الأنسب لو أعطي المجلس الدستوري صلاحية تفسير الدستور والقوانين، لا مجلس النواب، علما بأن أحد الحلول المطروحة اليوم هو إحالة المرسوم إلى مجلس شورى في حال قرر أحد الفرقاء ذلك، علما بأن الحل قد يكون أبسط من ذلك من خلال وساطة يتولاها رئيس الحكومة وتؤدي إلى مخرج مناسب للجميع».

وخلال استقباله وفدا من المغتربين أمس، أكد الرئيس العماد ميشال عون أن «مستقبل لبنان سيكون أفضل من ماضيه القريب والبعيد لأننا سنبني دولة مهما كانت الأمور صعبة»، مشيرا إلى «أننا سنتمكن في وقت قريب جدا من استنهاض الوضعين الاقتصادي والمالي ليعود الازدهار إلينا». واعتبر عون أن «الصعوبات مستمرة وقد تعرقل الإجراءات الإصلاحية، ولكن لا تخافوا، فنحن نسير على الطريق الصحيح». وأضاف: «لدينا اليوم إرث ثقيل ليس من السهل إدارته حاليا، وسنواصل النضال حتى يصل جيل جديد ويغير طريقة التفكير، إذ ليس المهم تغيير الأشخاص إنما طريقة التفكير، وقبول الحداثة في تنظيم الدولة».

ولا يزال هناك من يعوّل على حل قضائي للأزمة، كان قد طرحه عون، إلا أن الرئيس بري لم يتجاوب معه. إذ رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر أنه «في حال تعذر التوصل إلى حل سياسي فإن الحل القضائي يبقى الخيار الأخير»، مذكرا «بأن الدستور أناط مهمة تفسير القوانين بالمجلس الدستوري إذا كان ثمة اختلاف سياسي». وأشار الجسر في حديث إذاعي إلى أن «رئيس الحكومة سعد الحريري يتعاطى بواقعية سياسية، ومرسوم أقدمية ضباط دورة 1994 أدى إلى خلاف يفترض حله سياسيا وضمن الأطر الدستورية بعيدا عن التجاذبات». وأضاف: «حتى لو افترضنا الحاجة إلى توقيع أحد الوزراء، لكن المرسوم عندما يصدر بقرار من مجلس الوزراء لا يعود لأحد الحق بالتمنع عن توقيعه».

من جهته، أكد النائب في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، قاسم هاشم أن «الوساطات لم تتوقف ولكن المراوحة هي السائدة ولا يظهر أن ثمة حلا سريعا لأزمة مرسوم الأقدمية». وأشار هاشم في حديث إذاعي إلى أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري وكتلة (التنمية والتحرير) معروفة بمساندة ودعم الجيش في كل المراحل وأصعب الظروف»، معتبرا أن «لب الموضوع في الأزمة الأخيرة هو ضرورة العودة إلى الأصول». وأضاف: «الأكثرية الساحقة ممن لهم الخبرة في العمل الدستوري أكدوا أن تطبيق المادة 54 ينص على توقيع وزير المالية على المرسوم المشكو منه».