كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: تطوي الـ 2017 اللبنانية اليوم آخر ورقةٍ في روزنامتها التي طبعتْها «رزمةُ» إنجازاتٍ وأزماتٍ تحوّل معها العام إلى «علبة مفاجآت وصدمات» بعضها سيجرجر ذيوله إلى الـ 2018 «المقروءة من عنوانها»… الانتخابات النيابية.
واليوم سيحجب صخب الاحتفالات بالسنة الجديدة «الضجيج» السياسي المتصاعد حول «أزمة المرسوم» المحمّلة بإرثٍ ثقيل من «الودّ المستحيل» بين رئيسيْ الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري والتي تختزل صراعاً لم يعد مكتوماً حول أحجام الطوائف وأدوارها ضمن نظام الطائف وقواعد إدارة السلطة ببُعدها المتّصل بالعلاقات بين المكوّنات اللبنانية كما بما تعكسه من توازناتٍ إقليمية في سياق «حرب النفوذ» في المنطقة والتي «انكشف» لبنان عليها ولا سيما في ظل الأدوار «المتمدّدة» لـ«حزب الله» في أكثر من ساحة.
وفي ساعات ما قبل انتقال «عدّاد الزمن» الى 2018 بدا وكأن بيروت تصرّ على أخذ «وقت مستقطع» من «حرب الرئاستين» (الأولى والثانية) حول مرسوم منْح سنة أقدمية لضباط دورة 1994 في الجيش الذي رُحّل حلُّه الى السنة الجديدة، وسط انشداد الأنظار الى «هبّة الفرح» التي سـ «تنفجر» منتصف هذه الليلة في مختلف المناطق رغم «الندوب» الاقتصادية في ضوء تراجُع القدرة الشرائية لدى اللبنانيين وغياب الضيوف العرب والخليجيين.
وفيما سـ «يحرس» ليلة رأس السنة نحو 25 ألف رجل أمن ينتشرون في محيط الكنائس وأماكن السهر، نجحتْ بيروت في حجْز موقع متقدّم لها على خريطة الاحتفالات المنتظَرة بعدما اختار رئيس الحكومة سعد الحريري هذه الليلة لتكون بمثابة إشارة عودة الحياة الى وسط العاصمة التي ستشهد كرنفال موسيقى وفرح وألعاب نارية ومفاجآتٍ جرى العمل عليها ليل نهار لتأتي بمستوى عالمي يليق بلبنان وشعبه.
وتشكّل الاحتفالات ما يشبه «استراحة بين عاصفتيْن» في «أزمة المرسوم»: الأولى انتهتْ بتحديد رئيسيْ الجمهورية والبرلمان سقف المواجهة والتراجُع الممكن وبتظهير جانبٍ خفي من الصراع يرتبط بحرْص المكوّن الشيعي على «حجْز» توقيعٍ «ميثاقي» في السلطة التنفيذية (الى جانب الماروني والسني) عبر وزارة المال، وأيضاً برغبة بري في «فرْملة» ما تعتبره أوساطه ثنائيةً بين عون والحريري تنعكس في إدارة السلطة وخصوصاً في ضوء وجود «الرئيس القوي» (عون) والخشية من سلوكٍ يُشتمّ منه محاولة استرداد بعض صلاحيات ما قبل الطائف عبر الممارسة.
أما «العاصفة» الثانية فمتوقَّعة بعد انتهاء عطلة العيد إذ يفترض ان يحتدم مسار «اشتدّي أزمة تنْفرجي» قبل بلوغ المَخرج الذي لا بدّ أنه سيتم التوصل إليه، وسط اقتناعٍ بأن كلام وزير المال علي حسن خليل عن أن «لا تراجُع في عين التينة (حيث مقر بري) بملف مرسوم ضباط»دورة عون» (وقّعه عون والحريري ووزير الدفاع من دون وزير المال) والمواجهة مفتوحة، ولم نحدد (كحركة امل) موقفاً من المشاركة في الحكومة»، لا يعني «حرْق المَراكب» بمقدار ما يشكّل رفعاً للسقف في مرحلة ما قبل بدء البحث الجدي عن حلّ يُرضي رئيس البرلمان ولا يُغْضب رئيس الجمهورية.
وإذ ترى دوائر سياسية ان أي اندفاعة من بري الى تعطيل الحكومة في هذه المرحلة من خلال الاعتكاف عن حضور الجلسات، سيُفسّر على أنه محاولة مباشرة لضرْب عهد عون وليس فقط توجيه رسالة الاعتراض إليه ومعه الحريري، تستبعد أن يترك «حزب الله» الأزمة تصل الى هذا الحدّ من المواجهة بين حليفيْه (عون وبري).
وفيما يُنتظر ما سيقوله الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في إطلالة تلفزيونية يوم الأربعاء المقبل، أعطى رئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد أول موقف علني من «كباش الرئاستين» إذ أكد «ان هناك مَن يحاول أن يعكر وحدة وتماسك الموقف اللبناني من خلال إثارة وتكبير حجم الاختلاف في الرأي حول هذا الاجراء او ذاك»، وقال «رئيس الجمهورية ارتأى أن يمنح اقدمية لضباط دورة العام 1994 ورئيس البرلمان يبدو رأيه مختلف على مستوى آلية الاجراء إذ ينبغي برأيه توقيع وزير المال على هذا القرار والمرسوم، ومن ناحية أخرى ينبغي أن لا نندفع الى اجراء ما يعكر او يخدش الالتفاف الوطني الجامع حول المؤسسة الوطنية العسكرية التي هي الجيش نظراً لما قد يوحي الاجراء بان خللاً في التوازن قد يحصل على مستوى تركيبة قيادتها».
وأضاف: «ما دامت هناك مرجعية لحسم هذه الاشكالات فلماذا نثير الضجيج ونؤيد ونعارض ونشوش ونتهم ونثير الشائعات من اجل ان نملأ الدنيا وساحتنا بالقلق؟ ولذلك أقول للناس لا داعي للقلق، وأقول ذلك من موقع ان (حزب الله) ليس وسيطاً الآن في هذه المسألة، فموقفه واضح وقد أبلغه للمعنيين: احترام التزام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني واحترام الصلاحيات من شأنه أن يضع الأمور في نصابها ويعطي لكل ذي حق حقه».
وفي مؤشر على ان نهاية هذه الأزمة محكومة بحلّ، أضاف رعد «نثق بأن الحكمة التي يتصرف بها دولة رئيس البرلمان والانفتاح على المعالجات كما يتصرف فخامة رئيس الجمهورية هذا الأمر يوصل الى النتيجة وسنصل الى النتيجة في نهاية المطاف».